برهوم جرايسي
الناصرة - كشفت صحيفة هآرتس العبرية أمس، عن قرار لحكومة الاحتلال الإسرائيلي بتدمير آثار قرية فلسطينية تعود الى 1200 عام، تحمل الكثير من الكنوز والتحف الفسيفسائية، وآثارا دينية إسلامية ومسيحية، لغرض توسيع مستوطنة موديعين، الواقعة شمال القدس،1967. فيما وصف مختصون إسرائيليون القرار بالجريمة.
وقالت الصحيفة ، إن البلدة المكتشفة، تعود إلى العصر الإسلامي المبكر،( 1200 سنة). وتقع على "تلة النبي زكريا"، على الطريق الواصل بين مدينة الرملة، (التي كانت ذات يوم عاصمة ذلك الإقليم،) ومدينة القدس.
وبينت الصحيفة أن القرية تحتوي على بيوت فاخرة مزينة بالفسيفساء والأقواس وآبار للمياه المقصورة والمعاصر، ومشاغل حرفية للزجاج عمرها ألف سنة. إلا أن سلطة الآثار التابعة لحكومة الاحتلال، قررت وقف الحفريات وعدم الكشف عن كامل البلدة، وتدمير ما تم العثور عليه، لغرض إقامة منطقة خدمات لمستوطنة موديعين.
وأضافت، بإن قرار سلطة الآثار السماح بتطوير الموقع أثار الدهشة في أوساط مختصي الآثار، الذين يقولون إن السلطات تسارع إلى المصادقة على خطط التطوير حتى عندما يتم اكتشاف آثار قديمة مهمة. وزعمت سلطة الآثار الإسرائيلية، أن هناك حاجة للتوصل إلى موازنة بين الدفاع عن الآثار والاحتياجات الاقتصادية. وحسب مزاعم السلطة، فإن الحفريات في الموقع تم توثيقها، وأنها تحافظ على المعلومات بشأن البلدة القديمة.
ويقول تقرير "هآرتس"، إن الموجودات أثارت استغراب مختصي الآثار الذين عملوا في الموقع، وقال أحدهم للصحيفة، "لقد توقعت ايجاد بقايا هلنستية أو رومانية أو بيزنطية. لذلك فإن اكتشاف هذه البلدة فاجأني". وكان في اعتقاد مختصي الآثار، أن المنطقة التي جاثمة فيها مستوطنة موديعين، كانت مأهولة بشكل غير مكتظ في العصر الإسلامي المبكر.
وقد امتدت الحفريات على مساحة 4 دونمات، وكشفت جزءا من بلدة كبيرة جدا. تقع على تلة شمال غرب مستوطنة موديعين، وهي محاطة بالكنوز الأثرية، على طول الطريق التي مرت من يافا إلى القدس. وقد سبق وتم العثور في المنطقة القريبة، مكتشفات سابقة في المنطقة هي دير بيزنطي ومغر استخدمها الرهبان الذين اعتكفوا وموقع دفن روماني.
وفي الموقع المذكور، اكتشف عاملو الآثار على عشرات المباني في بلدة مخططة جيدا، والتي يمكن اعادتها إلى القرن التاسع حتى الحادي عشر، في الفترة التي حكم فيها المنطقة العباسيون والفاطميون.
وركز التقرير على ان الموقع هو موقع سكني لتجمع من الأهالي المسلمين والمسيحيين معا. ووجد العاملون، صلبانا منقوشة على حجارة معاصر الزيتون في البلدة، وأجزاء كتابات باليونانية، اللغة المكتوبة التي استخدمها المسيحيون في المنطقة. في أحد البيوت اكتشف تذكار مسيحي من الحج مصنوع من الفخار، يبدو أنه جلب من مصر.
كما عثر الباحثون أيضا على أوزان من الزجاج، وعليها كتابة بالعربية. وأن هذه الأوزان استخدمت لوزن قطع نقدية بدقة كبيرة، ويبدو أن جزءا من إحدى الكتابات يقتبس آية قرآنية. وقالت الصحيفة، إنه لم يتم اكتشاف دلائل على كنيسة أو مسجد، لكن هناك ما يكفي من الدلائل على الهوية الدينية المختلطة للبلدة. إلا أن الصحيفة ذاتها، أشارت إلى هذه المكتشفات هي في جزء محدود من البلدة الواسعة، ومما لا شك فيه أن آثارا وبالذات مقدسات إسلامية ومسيحية، ستكون في المنطقة التي لم يتم حفرها. وعلى الأغلب فإن الحفريات لم تتوسع بهدف عدم العثور على مقدسات، من شأنها أن توقف كليا مخطط تدمير القرية لغايات استيطانية.
وقالت الصحيفة، إن المكتشفات في تلة النبي زكريا، تشير إلى انتقال هادئ، من الامبراطورية البيزنطية إلى الفترة الإسلامية، في النصف الأول من القرن السابع. وأضافت، أنه "رغم عدم اليقين بخصوص هوية السكان، لا شك أن الموقع كان مزدهرا على ضوء المجوهرات التي اكتشفت والبيوت ذات ارضيات الفسيفساء والأسقف التي فيها قباب. وأن العدد الكبير للمخازن والمشاغل الحرفية لإنتاج الزيت والنبيذ والزجاج والبضائع الاخرى، يشير إلى أن تلة النبي زكريا كانت مركزا صناعيا وزراعيا هاما بالنسبة للقدس ومدينة الرملة، التي كانت العاصمة اللوائية في فترة الخلافة".
وأضافت الصحيفة، أنه في فترة الحملة الصليبية كان ركود في البلدة، لكنها شهدت نموا قصيرا في العصر المملوكي بين القرن الثالث عشر والرابع عشر، وبعد ذلك هُجرت البلدة نهائيا. وقالت مختصة بالآثار، ترفض مخطط الاحتلال، للصحيفة، إنه "بعد اليونان والرومان استمر الناس في العيش هنا رغم أنهم لم يثيروا اهتماما كبيرا. وقالت، "هناك دلائل كثيرة وجدت، والكثير من الآثار دمرت. لأنه اكتشفت في الموقع آثارا كثيرة، كان يجب عدم السماح بالقيام بتطوير عقاري فيه". ودعت المختصة سلطات الاحتلال إلى التوقف عن هدم البلدة واعداد الموقع للزوار، وقالت، إن "هذا موقع مدهش. وهدم شيء كهذا هو ببساطة جريمة".
اضافة اعلان