الاحتلال ينقل ملكية أراض فلسطينية بجوار الأقصى لمستوطنين

متطرفان يحملان مخططا يشمل "الاقصى" في القدس المحتلة - (أرشيفية)
متطرفان يحملان مخططا يشمل "الاقصى" في القدس المحتلة - (أرشيفية)

نادية سعد الدين

عمان - تسرّع سلطات الاحتلال الإسرائيلي خطوات تهويد القدس المحتلة بالشروع في الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية بالمدينة، بخاصة الواقعة في المنطقة المحاذية للمسجد الأقصى المبارك ومحيط البلدة القديمة، وتسجيل ملكيتها بأسماء مستوطنين يهود، بعد سرقتها من أصحابها الفلسطينيين، وسط دعوات فلسطينية بحماية القدس والأقصى ضد عدوان الاحتلال.اضافة اعلان
وتصوب سلطات الاحتلال أنظارها نحو الأراضي الواقعة بمحيط المسجد الأقصى، وحول أسوار البلدة القديمة جنوباً، في إطار السياسة الإسرائيلية للسيطرة عليه وتهويده، حيث بدأت ما يسمى وزارة القضاء الإسرائيلية، مؤخراً، بتسجيل ملكية المنطقة المحاذية للمسجد باسم أشخاص يهود، عقب استلابها من أصحابها الأصليين.
وأمام تمسك أهالي القدس المحتلة بأراضيهم ورفضهم مغادرتها وتجنبهم التعامل مع حكومة الاحتلال في مجال تسجيل الأراضي خشية تسريبها أو تهويدها أو السيطرة عليها؛ فإن السلطات الإسرائيلية "تتحايل" لاستلاب الأراضي الفلسطينية في القدس لصالح المستوطنين.
ويستهدف الاحتلال من التسجيل العديد من الأراضي الفلسطينية التي يسعى إلى تهويدها في القدس المحتلة، تحت غطاء حجة تقليص ما يسمى الفجوات وتحسين نوعية حياة الفلسطينيين في القدس المحتلة، ولكنها تُستخدم في الواقع، حسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، لتسجيلها بالملكية اليهودية المزعومة.
ولفت تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن عملية التسجيل "السرقة" انتهت تقريباً في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، مُدعية بأنه "تم تسجيل جميع الأراضي تقريبًا باسم ملاك يهود"، كما تستهدف "السرقة" مساحات في منطقة التلة الفرنسية؛ عبر مخطط بناء حي استيطاني جديد يسمى "غفعات هشاكيد" في جنوب القدس المحتلة.
كما تستهدف عملية التهويد منطقة تقع بين مستوطنة "هارحوما" وبلدة صور باهر، بالقرب من المستوطنة الحريدية "هار شلومو" مسجلة بملكية "حارس الأملاك"، المُخول، وفق قانون أملاك الغائبين العنصري، بمصادرة الأصول إذا كانت مسجلة باسم أشخاص موجودين في أراضي "العدو" أو حتى كانوا موجودين فيها.
ويقع في دائرة التهويد أيضاً؛ منطقة أخرى من المقرر أن يقام بها حي استيطاني جديد في مستوطنة "عطروت" شمالي مدينة القدس المحتلة، مسجلة كذلك باسم "حارس أملاك" الغائبين، وفق المزاعم الإسرائيلية.
وأشارت "هآرتس" الإسرائيلية، إلى أن عملية التسجيل التهويدية للأراضي الفلسطينية في القدس المحتلة تتم بميزانية تم تقديمها تحت ادعاءات "خلق مستقبل أفضل لسكان شرقي القدس"، كما جاء في منشورات وزارة شؤون القدس في حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت نفس الصحيفة إن مسؤول تسجيل الأراضي في القدس المحتلة لدى الاحتلال، "دافيد روتنبرغ"، شرع بإجراءات تسجيل العديد من المقاطع (المناطق التي ستمنح أولوية لتسجيلها) في القدس بالعامين الماضيين، عقب صدور قرار حكومي إسرائيلي في هذا الشأن عام 2018.
وزعمت "هآرتس" الإسرائيلية، أن هذا الإجراء لقي معارضة واسعة من جمعيات حقوقية كونه يستهدف أراضي بملكية "القيم (الوصي/ حارس) على أملاك الغائبين" والتي تشمل مقاطع تتضمن مشاريع وأحياء استيطانية مستقبلية مخطط لها رسمياً.
في حين اعتبرت ما يسمى منظمة "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية الرافضة للاستيطان، أن إجراءات التسجيل تشكل "قفزة إلى الأمام في مخطط تهويد القدس، لا سيما بجوار المسجد الأقصى، بوصفها محاولة من قبل الحكومة الإسرائيلية للسيطرة على المنطقة الأكثر حساسية في المدينة".
وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد صادقت عام 2018، بحسب التقرير، على خطة خمسية لـ"تقليص الفجوات" في شرقي القدس المحتلة، وبضغوطات من وزيرة القضاء حينها، المتطرفة "أييليت شاكيد"، تلقت الوزارة ميزانية لإنشاء نظام لتسجيل الأراضي شرق المدينة المحتلة.
وعلى وقع اقتحام المستوطنين المتطرفين، أمس، لباحات المسجد الأقصى المبارك، من جهة "باب المغاربة"، بحماية قوات الاحتلال، فقد دعا المتحدث باسم حركة "حماس"، عبد اللطيف القانوع، إلى تكثيف الرباط في المسجد الأقصى وعدم السماح للاحتلال الإسرائيلي بتمرير مخططاته.
وقال القانوع، في تصريح أمس، إن "الاحتلال الصهيوني يصاعد وتيرة الاعتداء والتهويد في محيط المسجد الأقصى ويسجل أراضي فلسطينية واسعة باسم يهود محتلين، بهدف قلب الحقائق وتسهيل بسط السيطرة عليه، من خلال الحفريات تحت أساساته والاقتحامات وبناء المستوطنات".
من جانبه؛ أدان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، قيام سلطات الاحتلال بتهويد مساحات واسعة من الأراضي في مدينة القدس، تشمل مساحات في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى، عبر تسجيل ملكيتها باسم مستوطنين متطرفين.
ودعا الشيخ حسين، في تصريح أمس، المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته ضد القدس والمسجد الأقصى، مُحملاً سلطات الاحتلال تبعات هذه الممارسات التي تجاوزت الحدود في استفزاز مشاعر المسلمين على مستوى العالم أجمع.
بدورها؛ أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية "إقدام الاحتلال بتسجيل أراضٍ فلسطينية في القدس المحتلة باسم مستوطنين يهود، في خرق فاضح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة، وضمن عمليات تهويد القدس وتكريس ضمها وضرب مرتكزات الوجود الفلسطيني التاريخي والديموغرافي والقانوني في المدينة المقدسة وإلغائها بالكامل.
وطالبت الوزارة، في تصريح أمس، المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن، بتحمل مسؤولياته في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وضمان تنفيذها، خاصة القرار رقم "2334"، وإجبار سلطات الاحتلال على الانخراط في عملية سلام حقيقية، تؤدي إلى إنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين ضمن سقف زمني محدد.
وأشارت، إلى أنها تتابع انتهاكات وجرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني على المستويات السياسية، والدبلوماسية، والمسار القانوني الدولي، في ظل إقدام الحكومة الإسرائيلية على إغلاق الأفق السياسي لحل الصراع، وحسم قضايا الحل النهائي التفاوضية من جانبها.