الاستقلال عنوان السيادة والحرية ومطلب إنساني

الملك يشارك في وقت سابق نشامى القوات الخاصة في تمرين ضربة الصقور
الملك يشارك في وقت سابق نشامى القوات الخاصة في تمرين ضربة الصقور
عمان- في ذكرى الاستقلال تطالعنا صفحات مشرقة من المجد والحياة الفضلى الكريمة، سفر من أسفار المجد والعطاء لنقرأ في صفحته الأولى ملحمة الكفاح والنضال ونحن ندرك أن الاستقلال مشروع حياة أراده الهاشميون منذ الملك عبدالله الأول - طيب الله ثراه مفعماً بالعطاء الموصول والنهوض الشامل والسيادة المطلقة على امتداد خريطة الوطن والأمة لا يشوبه أي منغصات أو ينتقص من اكتمال معانيه أية معيقات. فحمله الأردنيون مع قيادتهم الهاشمية رسالة خالدة على مدى تاريخهم المجيد، وبشروا بمبادئها السامية على ثرى فلسطين الطهور وربى الجولان وفي شتى ربوع العالم رسالة للمحبة والسلام، يترجمون الاستقلال مسيرة مباركة تكسرت فيها قيود الاستعمار وتعالت فيها صروح العلم والحضارة، وتجسدت فيها معاني الحرية وانعتاق الفكر نحو آفاق رحبة في أرجاء المجتمع الإنساني الدولي يحلق في فضاءاته وميادينه الرحبة ينافسه ويتعاون معه متسلحاً بكل قيم الإنسانية والعدل والتسامح والصبر. وإدراكاً وفرحاً بكل معاني الاستقلال، يحتفي الأردنيون في الخامس والعشرين من شهر أيار (مايو) من كل عام بعيد الاستقلال، فتغمر هذه الذكرى المجيدة ربوع الوطن كله بالفخر والإباء، وتملأ النفوس بالبهجة والسرور، ويعيش الشعب أمجاده وذكرياته في أروع صورها ومعانيها، ويستعرض معها سجل تاريخه الحافل بالتضحيات والآمال والعبر والدروس، ويرقب مسيرة الأردن وما تحقق خلالها من المكاسب والمطامح والمنجزات على طريق الإصلاح والتطوير وتعزيز ثقة المواطن بقدراته وإمكاناته، وتُمثل أمامه القيادة الهاشمية الصادقة الأمينة القدوة والأسوة والقوة الدافعة للمنعة والتقدم والعقل الموجه لمسيرة الخير والإصلاح على كل صعيد. ونذر الهاشميون أنفسهم لمجد الأمة العربية ومجد الأردن، فكانوا رمزاً للاستقلال وعنواناً للعزة والسيادة وبقي الجيش العربي قرة عين قادته وسياجاً منيعاً يحمي الاستقلال ويصونه ويحافظ عليه ليتحول إلى عطاءٍ لا ينضب، وإنجاز وبناء يغمر أرجاء الوطن، وتباشير فرح يحملها الأردنيون أمانة في أعناقهم ويصوغون من معاني الاستقلال عهداً وولاءً ليبقى الأردن حراً قوياً وشعلة من العلم والمعرفة والحضارة التي وشّحت ربوعه وهضابه بسير الأنبياء والصحابة. الاستقلال مطلب إنساني كانت البدايات منذ أن نهض الشريف الحسين بن علي وقاد مسيرة الثورة والتحرير، وتولى أبناؤه قيادة جيوشها، وهبّ العرب في كل مكان يؤازرون الثورة ويدعمونها ويشاركون فيها لإنجاحها، وكان لأبناء الأردن دورهم المؤثر في هذه الثورة التي أسندوها وشاركوا في مسيرتها على أمل الوصول إلى الاستقلال الذي شكل حلم أحرار العرب. وما إن انقضت هذه المرحلة وانتهت الحرب العالمية الأولى، حتى بدأت تلوح في الأفق الكثير من المؤثرات ونقض العهود التي قطعتها بريطانيا وفرنسا للشريف الحسين بن علي للحصول على استقلال البلاد العربية، فلم تقف مؤامرات الاستعمار عند حدود إصدار وعد بلفور، بل امتدت مطامع هذه الدول المستعمرة واتفقت كلمتها في عقد اتفاقية سايكس بيكو، المتضمنة تقسيم البلاد العربية التي جرى تحريرها من الانتداب الأجنبي عليها ثم محاولة إخراج الملك فيصل من أول مملكة عربية بعد قيام ثورة العرب نتيجة الهجوم الفرنسي عليها. وإزاء هذه الظروف والمتغيرات في سير الأحداث أرسل الشريف الحسين بن علي، سمو الأمير عبدالله بن الحسين لمحاولة تعزيز موقف الملك فيصل في سورية وقد وصل سموه إلى معان، وكانت القوات الفرنسية قد أحكمت قبضتها على سورية وبقي سموه في معان حوالي ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وفي تلك الفترة توافد على مقره رجالات العرب من كل حدب وصوب مبايعين ومناصرين للحق العربي وللرسالة التي حملها الهاشميون. ثم انتقل سموه بعد ذلك إلى عمان، ورأى أن المصلحة القومية تقضي التريث والتفكير والتخطيط لما هو آت إزاء ما آلت إليه الأمور في سورية، وهنا بدأ سموه بتأسيس إمارة شرق الأردن، وهو يضع نصب عينيه إبعاد هذا الوطن عن مؤامرات الاستعمار، محاولاً الحصول على استقلاله وبنائه على أسس قوية تكفل له الاستمرار والبناء رغم كل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها المنطقة سواء الاقتصادية أو العسكرية أو الاجتماعية. وفي فترة قصيرة تمكن المغفور له الأمير عبدالله من إقامة حكومة شرقي الاردن المستقلة واستطاع بذكاءٍ وحنكةٍ، أن يستقطب الشعب والعشائر الأردنية وأن يؤسس دولة فتية مستقرة، وأن يقضي على الاضطرابات والثورات الداخلية ما دفع الحكومة البريطانية إلى الاعتراف رسمياً باستقلال إمارة شرقي الاردن في 25 آذار (مارس) سنة 1923م إلا أن هذا الاستقلال لم يكتمل نتيجة قيام الحكومة البريطانية بالتنصل من وعودها التي قطعتها للأمير عبد الله آنذاك. وفي 25 أيار عام 1946 ونتيجة للتطور والتقدم والاستقرار والمطالبة المستمرة من القيادة الأردنية والشعب الأردني، انتهى الانتداب البريطاني وأعلن استقلال الإمارة وأصبح اسمها المملكة الأردنية الهاشمية. وقد بايع الشعب وممثلوه وكل فئات الشعب الرسمية والشعبية الأمير عبد الله ليصبح ملكاً دستورياً على هذه البلاد، معلناً خلال القرار التالي (تحقيقاً للأماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي أعربت عنها المجالس البلدية الأردنية في قراراتها المبلغة إلى المجلس التشريعي، واستناداً إلى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية. وبناءً على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الآخرة 1365 الموافق 15/5 /1946، فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني أمر إعلان استقلال البلاد الأردنية استقلالاً تاماً على أساس النظام الملكي النيابي مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (عبدالله بن الحسين)، كما بحث أمر تعديل القانون الأساسي الأردني على هذا الاساس بمقتضى اختصاصه الدستوري. ولدى المداولة والمذاكرة قرر بالإجماع الأمور الآتية: أولاً: إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية. ثانياً: البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية (عبدالله بن الحسين) بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة:( ملك المملكة الأردنية الهاشمية). ثالثاً: إقرار تعديل القانون الأساسي الأردني على هذا الأساس طبقاً لما هو مثبت في لائحة (قانون تعديل القانون الاساسي) الملحقة بهذا القرار. رابعاً: رفع هذا القرار إلى سيد البلاد عملاً بأحكام القانون الأساسي ليوشح بالإرادة السنية حتى إذا اقترن بالتصديق السامي وعُد نافذاً حال إعلانه على الشعب وتولت الحكومة إجراءات تنفيذه، مع تبليغ ذلك إلى جميع الدول بالطرق السياسية المرعية. تعريب قيادة الجيش وإلغاء المعاهدة البريطانية يكملان الاستقلال منذ تأسيس الإمارة أدرك مؤسس الأردن بعقله الراجح أن استقلال أي دولة من الدول يبقى هشاً ومهدداً، وعرضة للتراجع والاهتزاز إذا لم يكن هناك جيش يحمي هذا الاستقلال ويدافع عنه ويحافظ عليه ويذود عن حمى الوطن، وقد أسس الجيش العربي على مبادئ النهضة العربية وحمل أهدافها وغاياتها وكان هذا الجيش منذ نشأته الأولى حريصاً على المساهمة الفاعلة في بناء الدولة الأردنية وتعزيز قدراتها الذاتية، حيث شارك في بناء مؤسسات الدولة في مجالات التعليم والصحة وتعزيز آفاق التعاون والعلاقات الاجتماعية وبناء قدرات الإنسان وتأهيله وبناء الشخصية الوطنية الأردنية التي تنامت قدراتها ومعارفها مع تطور الأردن ليتميز هذا الانسان بقدراته وعطائه وولائه وإخلاصه لوطنه وأمته. وحتى يكتمل الاستقلال على أفضل ما يجب أن يكون، جرى إنجاز الدستور الأردني في عهد الملك طلال - طيب الله ثراه، ليجري بناء مقومات الدولة ومؤسساتها على أسس دستورية وليكون هذا الدستور قاعدة تشريعية لحياة المواطن وموجهاً رئيساً لهذه المؤسسات لكيفية التعامل مع حقوق وواجبات المواطن في دولة يحكمها الدستور. وأما الجيش العربي عنوان السيادة وحامي الاستقلال، فقد أولى القائد الأعلى للقوات المسلحة جل الاهتمام بالقوات المسلحة وتأهيلها وتدريبها وبتوجيهات ملكية يتطلع هذا الجيش مع كل مؤسسات الوطن ليصبح دولة الإنتاج والاعتماد على الذات، وليتمكن هذا الجيش من ممارسة دوره وإنتاج احتياجاته بنفسه في هذا الوطن العزيز. كما أولى جلالته اهتماماً لبقائها في المنافسة على مستوى الأقليم والعالم سواء من خلال أدائها المميز داخلياً وخارجياً أو من خلال احترافها العسكري أو دخولها في مجال التصنيع والتطوير في المجالات الصناعية العسكرية وبالتعاون مع بعض القطاعات الصناعية الدولية والعربية والوطنية من خلال المركز الأردني للتصميم والتطوير(JODDB) الذي أنشئ بتوجيهات من جلالة الملك عبد الله الثاني عام 1999. وتسعى القيادة العامة في ظل توجيهات جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى تحويل هذا الجيش إلى قوة عصرية ديناميكية قادرة على التعامل مع مختلف الظروف والتحديات والتخطيط لمستقبلها بكل ثقة وقدرة وكفاءة بما يتفق مع تطلعات القيادة الهاشمية، وبما يحقق تميز واحتراف هذا الجيش الذي يملك أفضل أنواع الأسلحة والمعدات. ومن جانب آخر، فقد دخلت القوات المسلحة الأردنية وبتوجيهات من قيادتها الهاشمية ميدان حفظ السلام العالمي كقوة فاعلة وصلت قرابة المائة ألف مشارك من مراقبين وكتائب ومستشفيات ميدانية، وكانت المرأة الأردنية أنموذجاً في المشاركات الدولية في ليبيريا وأفغانستان والكونغو وفي ليبيا وسفيراً مع نشامى القوات المسلحة في حلهم وترحالهم. فالجيش حامي الاستقلال الذي اكتمل بصورته النهائية بعد قرار تعريب قيادة الجيش ليصبح القرار السياسي والسيادي الأردني بيد الأردنيين دون غيرهم ومن هنا تتطور الدولة وتعزز قدراتها الذاتية، ومن خلال شعور مواطنيها بالأمن والاستقرار الذي توفره القوات المسلحة.-(بترا)اضافة اعلان