الاعتداء على المهن.. تدقيق الحسابات أنموذجا

bsjgepal
bsjgepal

محمد البشير*

عمان- نُظمت مهنة تدقيق الحسابات بموجب قانون رقم 10 لسنة 1961؛ حيث حدد القانون إدارة لها من قبل رئيس ديوان المحاسبة وعضوية وكيل وزارة المالية ومدير دائرة ضريبة الدخل في حينه وآخرين، ولم يشترط القانون في حينه الشهادات الجامعية، واقتصرت على شرط الخبرة فقط في الأعمال المحاسبية لدى الدولة الأردنية.
في سنة 1985، وكجزء من حزمة التشريعات الاقتصادية انعكاساً لتطورات اقتصادية كبيرة اجتاحت المنطقة، خاصة بعد الحرب الأهلية في لبنان والحرب العراقية الإيرانية، تم وضع قانون مهنة تدقيق الحسابات رقم (32) لسنة 1985؛ حيث اشترط القانون الشهادة الجامعية الأولى إضافة الى شرط الجنسية الأردنية والخبرة لدى مكتب تدقيق حسابات واعترف بالشهادات المهنية مثل (CPA)…الخ للترخيص بموجب نظام خاص بذلك، كما انبثق عن القانون نظام التصنيف رقم 30 لسنة 1986 لأعمال التدقيق والمدققين لفئات (أ، ب، ج)؛ حيث شملت الفئة (أ) الشركات المالية، التأمين، أعمال الصرافة…الخ، وباستثناء ما ورد في الفقرة (أ)، صنفت الشركات المساهمة العامة في الفئة (ب) والشركات المحدودة المسؤولية وشركات تضامن والمؤسسات الفردية والجمعيات والأندية…الخ، فئة (ج) وصنف من يحملون الشهادات الجامعية في المحاسبة فئة (أ) وحملة الشهادات الأخرى فئة (ب) ومن لا يحمل شهادة جامعية فئة (ج)، كما أنشئت بموجب هذا القانون جمعية لمدققي الحسابات أنيط بها صلاحيات كبيرة للإشراف على المهنة كذراع ميدانية ساعدت مجلس المهنة على تنفيذ مهامه الذي ترأسه رئيس ديوان المحاسبة والأمين العام للديوان نائباً له ووكيلي وزارة الصناعة والمالية ومراقب عام الشركات ونائب رئيس الأوراق المالية واثنين من أساتذة الجامعات الأردنية في المحاسبة وثلاثة من مدققي الحسابات؛ حيث لعب المجلس دورا مهما في الوقوف على واقع المهنة وحمايتها ومراجعة أعمال العاملين بها.
لقد استوجبت تطورات الاقتصاد الوطني ورغبة مجلس المهنة وجمعية المدققين، وضع قانون جديد للقانون الذي استمر سريانه منذ سنة 1985 حتى سنة 2003؛ حيث تم وضع قانون مهنة المحاسبة القانونية رقم 73 لسنة 2003 المؤقت شكلت بموجبه هيئة عليا برئاسة وزير الصناعة ووزير المالية نائبا وعضوية كل من محافظ البنك المركزي، رئيس هيئة الأوراق المالية، مراقب عام الشركات، رئيس ديوان المحاسبة، مدير عام التأمين، رئيس جمعية المحاسبين القانونيين، أستاذ جامعة في المحاسبة وشخص من ذوي العلاقة بالقطاع الخاص، وأنيط بالهيئة العليا تنظيم أعمال المهنة، ولم يتطرق القانون الى التصنيف الوارد في القانون السابق وأصبح المحاسبون القانونيون المرخصون بموجب قانون رقم 32 لسنة 1985 حكماً مرخصين بموجب القانون الجديد المؤقت، الذي عرّف المحاسب القانوني في المادة (2) منه بأنه الشخص الطبيعي الممارس لمهنة تدقيق الحسابات أو الأعمال المحاسبية الرئيسية في الشركات المساهمة العامة دون تصنيف المكاتب أيضاً، وأعطيت في الوقت ذاته صلاحيات أكثر لجمعية المحاسبين القانونيين الخلف القانوني لجمعية المدققين من حيث الدور في الهيئة العليا أو محاسبة العاملين في المهنة وفق ما ورد في التشريعات المهنية المشابهة كنقابة المحامين من حيث تلقي الشكاوى، التحقيق، التفتيش والعقوبات، وقد مارس مجلس الإدارة الحالي بجدارة هذه المسؤولية وقام بتشكيل لجان تفتيش، لجان تحقيق، لجان تأديب وصل عدد أعضائها لما يزيد على مائة عضو وأصدر المجلس جملة من القرارات المهمة بهدف وقف الاعتداء على المهنة من قبل أعضائها والآخرين…الخ.
في هذه الظروف التي يمر بها وطننا؛ حيث انتشرت ظاهرة مخالفة القوانين التي أصبحت مصدر قلق للجميع والاستقواء على المهن والنقابات، وفي وقت يطالب فيه الجميع بضرورة احترام القانون والمؤسسات، تأتي إحدى المؤسسات ليعمم على عملائه قائمة تتضمن تصنيفاً للمحاسبين القانونيين العاملين بمهنة تدقيق الحسابات الى فئات (أ، ب، ج) دون الاستناد الى أي مبررات قانونية وصلاحيات تخوله ذلك؛ حيث أعطت تلك المؤسسة الفئة (أ) للعاملين في المكاتب المتعاونة مع كبار المكاتب الأجنبية وعددها (4) مكاتب ولا يشكلون (2 %) من عدد المدققين، إضافة الى بعض الزملاء، وفئة (ب) للعاملين مع مكاتب متعاونة مع مكاتب أجنبية تأتي بالمرتبة الثانية من المكاتب العالمية الكبيرة وباقي المحاسبين القانونيين فئة (ج)، رابطاً ذلك بانتخاب مدققي فئة (أ) من قبل الشركة مقابل منح التسهيلات أو تجديدها للسنوات اللاحقة. مخالفاً في ذلك:

  • قانون الشركات الساري الذي أعطى الحق للهيئات العامة في انتخاب مدققي الحسابات.
  • قانون الأوراق المالية الذي أعطى الحق للهيئات العامة في انتخاب مدققي الحسابات وبما يتفق مع الشروط الواجب توافرها في مدققي حسابات الجهات الخاضعة لرقابتها.
  • قانون مهنة المحاسبة القانونية الذي ألغى التصنيف وأعطى الحق للمرخصين بموجبه من تدقيق المنشآت كافة دون تحديد ووفق المادة (30) منه.
  • مخالفة المادة (49) (أ) من قانون المهنة في الفقرة (ج) التي نصت على (لا يعمل بأي نص ورد في أي تشريع آخر الى المدى الذي يتعارض مع أحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه).
  • يوجد من تعليمات البنك المركزي ما تضمنت شروط تعيين مدققي البنوك مثلا:
    إن المعتدي على المهنة والتشريعات أعلاه، والمعتدي على الهيئة العليا وعلى جمعية المحاسبين القانونيين وعلى حق أصحاب الأموال في اختيار مدققيهم، دون تجاوز لحق المتضرر من عمل المدققين من اللجوء الى القضاء، بما في ذلك تلك المؤسسة المذكورة، الذي أشك أنه يعترف بالقضاء أصلاً، فالنصوص التي تعاقب المدقق في حالة صادق على بيانات كاذبة مثلاً وردت في قانون المهنة، الشركات، الأوارق المالية.
    إن ضررا كبيرا سيلحق بنا جراء هذا التعميم الذي يعد سابقة خطيرة وغير موجودة في تاريخ الأردن، واستهتاراً بالمؤسسات المشرفة على المهنة واقتصادنا الوطني. وعليه فإن من يتضرر من هذا التعميم من حقه اللجوء الى المحاكم المختصة، ليقول القضاء كلمته الذي نعتز به ونثق به كل الثقة.
اضافة اعلان

*الرئيس الأسبق لجمعية المحاسبين القانونيين الأردنيين