الاقتراض والتبعية

تناقلت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن الأردن يعتزم التقدم بطلب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض تصل قيمته إلى ملياري دولار. وبحسب الخبر ذاته، فإن الصندوق طالب الأردن بحزمة إصلاحات مالية وضريبية، منها رفع الدعم عن عدد من السلع والخدمات، وفرض ضرائب على أخرى، كشرط لدراسة إمكانية منح الأردن قرضاً بهذه القيمة!اضافة اعلان
وقد سعت الحكومة مبكرا لقبول شروط الصندوق، وبدأت بالحديث عن ضبط النفقات، ورفع الدعم عن بعض السلع، والحديث المتواتر عن ضرورة رفع الأسعار. وهذه السياقات التي تحدثت عنها الحكومة ليست من بنات أفكارها وحدها، فثمة شريك استراتيجي يملي رغباته لتسهيل أخذ الدين. وهذه الحالة من الإذعان يتم الانصياع لها دون مراجعة حجم العواقب التي تجرها على المجتمع. فتزايد اعتماد الأردن على التمويل الخارجي، واللجوء إلى البنك الدولي، من أجل الحصول على المنح والقروض لتمويل مشاريعه وموازنته، أديا إلى تفاقم حجم الديون الخارجية التي خلقت العديد من التغيرات التي قيدتنا بشروط وقيود اقتصادية معينة، تخدم سياسة وأهداف البنك الدولي، والرامية الى تعزيز تبعية الدول المقترضة ونظامها المالي للخارج.
وليست الحالة الأردنية وحدها التي تعاني من جراء الانسياق وراء الديون الخارجية؛ فالملاحظ أنه أصبح يتعين علينا مراعاة الضغوط والمصالح الخاصة بالجهة المانحة، والأخذ بعين الاعتبار العمل على تحقيق مصالحها وأهدافها عند تصميم السياسة الاقتصادية للدول، ما أدى في النهاية إلى التحول عن الطريق الإنمائية التي كانت تختارها الدولة بوعي واستقلالية، والسير في طريق أخرى حددها البنك الدولي كشرط من شروط الحصول على هذه المنح والمساعدات. وهذه الطريق لا تؤدي، في أغلب الأحيان، إلى الأهداف المنشودة من التمويل.
الجميع يعرف أن القروض والمنح التي تحصل عليها الدول النامية ودول العالم الثالث تؤدي إلى تعميق تبعيتها المالية والاقتصادية للبنك الدولي، بل تعدى ذلك إلى تحقيق تبعية النظام السياسي في هذه الدول للدول المانحة. فالقروض ليست فقط خاضعة لشروط مالية اقتصادية، بل تكون أيضا مرهونة بمواقف سياسية، يجب على الدول التي ترغب في الحصول على المنح والقروض تبنيها من أجل حصولها على هذه الأموال. ويكمن ذلك في تبني وتأييد هذه الدول لسياسة الدول المانحة، والقيام بتبني نظامها السياسي، وتطبيق النظام المالي المتبع في هذه الدول (المانحة) بغض النظر عن ماهية هذا النظام وتبعيته الاقتصادية والسياسية.
ضمن تلك المقدمات التي تؤدي إلى السيطرة على الدولة والمجتمع نتيجة لسياسة الاقتراض التي شهدنا نتائجها على مر السنوات، ما هي الحلول التي يمكن اللجوء إليها في الحالة الأردنية؟ وهل الحلول المقترحة تكون عبر زيادة الديون وتراكمها؟ أسئلة مسكوت عنها ولا تجري مناقشتها في إطار وطني يشكل مدخلا للخروج من الأزمة!

[email protected]