الانتخابات الإسرائيلية في الميزان

للأسف وسوء السلف والخلف إسرائيلياً، وعلى الرّغم من فبركة الاستعمار لدولة إسرائيل على حساب شعب ووطن آخرين إلا أننا يجب أن نعترف أنه عندما تجري الانتخابات النيابية الدورية فيها، فإن العالم ينتبه إليها ويتابعها، لما لنتائجها من تداعيات محلية، وإقليمية، ودولية. لا يتابع العالم أي انتخابات عربية. لولا التحول الديموقراطي في تونس وإجراء انتخابات حرّة ونزيهة فيها لما دخلت أي انتخابات عربية على الخط. لا فرق عند العالم بين حضور الانتخابات العربية وغيابها، لأن السلطة المطلقة في مجمل البلدان العربية للحاكم العربي المعصوم، الذي لا يثني أحد على خطابه، أو يؤثر في سياسة أو قرار له. ولذلك لا يرى العالم في الانتخابات العربية النيابية دليلاً على الديمقراطية، فلا يحسبون حسابها، ولا يتعاملون سياسياً مع نتاجها. إنه يعرف العنوان ويعرف الطريق إليه. في إسرائيل قد تتألف الحكومة بصوت واحد زائد، وقد تسقط بانسحابه، بمعنى ان لكل صوت نيابي فيها ثقلا وقيمة. كما لا يغيب البرلمان عن الوجود أو يُغيّب وحتى إبان الحروب. أنا لا أقول أن الانتخابات الإسرائيلية نظيفة، فقبلها وفي أثنائها وبعد ظهور نتائجها تجري المناورات والمشاورات والمؤامرات ومحصلتها مواصلة إنكار حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، فحذار من سوء الفهم. توجد نظريتان في الانتخابات الإسرائيلية عند الفلسطينيين الخاضعين للاغتصاب في حدود 1948: نظرية ترى وجوب المشاركة فيها ترشيحاً وانتخاباً، إثباتاً للوجود، واختراقاً لهذه "الديمقراطية" بأدواتها، فإذا لم تستطع أن تهزهم فانضم إليهم، أو تعلّم لعبتهم والعبها معهم أو ضدهم. وحسب هذه النظرية تصبح القائمة العربية المشتركة مثل بيضة القبان في تأليف الحكومات الاسرائيلية وفي اسقاطها، وإن لم تُشرك في تشكيلها إلا إذا تحالف الفائزون منهم وشكلوا "حكومة وحدة وطنية"، فعندئذ يختلف الأمر. يتحول الفائزون الفلسطينيون في الانتخابات الإسرائيلية إلى معارضة دائمة فقط كما التزم بذلك أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة الفائزة. ونظرية أخرى ترى أن مقاطعة الإنتخابات هي الحل، لأن المشاركة فيها تضفي الشرعية على الاغتصاب والاضطهاد، وتغيب القضية عن الساحة المحلية والعربية والاقليمية والدولية. بالمقاطعة تبدو الديمقراطية الإسرائيلية للعالم عنصرية صارخة، مما يشجع العالم على شجبها... وبين هذه النظرية وتلك يشتد الخلاف والاختلاف في المجتمع الفلسطيني المعني، ويحتار، فبعضهم يشارك، وبعضهم يقاطع. وبعضهم يؤيد، وبعضهم يُخّوِن. يجب أن ندرك أن هذا الجزء الإساس والحساس من الشعب الفلسطيني، على عاتقه تقع أوسع المسؤولية في نيل الشعب الفلسطيني حقوقه، وأن الخلاف والاختلاف والتخوين بينهم يؤخر أو يعرقل الوصول إليها، إنه يقع في الطليعة في مقاومة الاغتصاب والاجتهاد فإذا إنكسرت شوكته انكسرت القضية، يليهم إخوانهم في قطاع غزة والضفة. أما شرائح الفلسطينيين في الخارج فممنوع عربياً عليها الخروج على السياسة الخاصة بفلسطين في الدول العربية المضيفة لهم أو انتقادها. إذا ارادوا القيام بذلك فليهاجروا إلى بلدان الغرب الديمقراطية حيث يستطيعون أن يقولوا ما يريدون. إن مجموع الفلسطينيين بين البحر والنهر يزيد على مجموع اليهود بينهما. وقد تتطور الأمور بظهور دي كليرك يهودي، ومانديلا فلسطيني فتنشأ دولة يهودية فلسطينية ديمقراطية واحدة، وهو الكابوس المؤرق لمعظم اليهود في إسرائيل وفي الخارج. إن التاريخ ينبئ عن زوال حتمي لإسرائيل كدولة عنصرية صهيونازية هتلرية. لا يعني أنني ادعو إلى إزالتها دموياً أو إبادياً. لقد سقطت دولة اسبرطة في النهاية. ان تطور الأمور في العالم هو في هذا الاتجاه اي بعكس الاستراتيجية الإسرائيلية الصهيونازية الاسبرطية، فإسرائيل ليست أثينا لتبقى وإنما اسبرطة لتزول. وسيأتي زمان قد لا يكون بعيداً يكتشف اليهود فيه أن أفضل طريقة لهم للبقاء والعيش بسلام ووئام بدلاً من القلق الوجودي الذي لا يفارقهم أفراداً ومجتمعاً، هما بالاعتراف بالكارثة وبحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. وسيستشهدون بالتاريخ أي حين عاشوا – إجمالاً – بسلام ووئام معه في الماضي القريب والبعيد. أما الكلام المتكرر لبعض الرموز الإسرائيلية عن التهجير فقد فات أوانه وانتهى زمانه، فإسرائيل لن تجرؤ على تهجير أكثر من ستة ملايين فلسطيني ولن تقدر عليه، إلى البلدان العربية المجاورة وبخاصة إلى تلك البلدان التي تقيم اتفاقيات سلام معها. والباقي مفهوم.اضافة اعلان