الانتخابات البلدية: يغيب البرنامج ويحضر النفوذ العشائري

زيد نوايسة أيام تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي للبلديات ومجالس المحافظات؛ الحراك الانتخابي على مستوى المملكة هذا العام بالرغم من تداعيات الجائحة كبير وربما يتجاوز من ناحية الاهتمام الانتخابات البرلمانية؛ فالناس معنيون أكثر بمن يتلمس همومهم المباشرة المتعلقة بالخدمات الاساسية والبنية تحتية. هذا الحماس له مبرراته واسبابه التي تحكمها طبيعة البنية المجتمعية؛ في جزء كبير منه مرتبط أيضاً أننا ما نزال ننظر للمجالس البلدية ومجلس المحافظة كعنوان للتمثيل والمحاصصة العشائرية والعائلية أكثر من الرغبة الحقيقية في المشاركة بخدمة البيئات التي ننتمي لها، من يرصد وسائل التواصل الاجتماعي ويستمع للمهرجانات وطبيعة النقاشات يلحظ أن الحديث عن الخدمات بالكاد يمر بشكل ثانوي في الكلمات بينما يتم التركيز على ضرورة إنجاح هذه التحالفات العشائرية والمناطقية باعتباره الهدف الأسمى. بالرغم من وجود مؤشرات إيجابية بأهمية المشاركة خاصة لدى فئة الشباب والمرأة وهما الكتلتان الوازنتان والمؤثرتان كقوة تصويتية؛ قبل أشهر أجرى المعهد الجمهوري استطلاعاً واسعاً كانت نتائجه أن فئة الشباب لا تظهر اهتماماً بالانتماء للأحزاب السياسية بينما تظهر حماساً كبيراً للمشاركة في الانتخابات البلدية ومجالس اللامركزية. الاستطلاع بين ان الناس عموماً لديهم ثقة أكبر في انتخابات المجالس البلدية أكثر من الانتخابات البرلمانية؛ ما نسبته 54 % من المواطنين يروا أن المجالس البلدية تذهب في الاتجاه الصحيح بالمقارنة مع نسبة 48 % الذين قالوا إن الدولة تذهب في الاتجاه الصحيح. كما أن الاردنيين يميلون الى المشاركة بالانتخابات المحلية حيث إن 41 % منهم من المحتمل أن يصوتوا في الانتخابات البلدية، بينما 30 % فقط من المحتمل أن يصوتوا في الانتخابات البرلمانية وهي على كل حال النسبة التي تحققت في آخر انتخابات برلمانية العام الماضي. مركز راصد الذي يتابع الانتخابات البلدية واللامركزية في كل مراحلها تسجيلا وحملات انتخابية وحتى اعلان النتائج؛ آخر تقرير صادر عن المركز، بين أن عدد الذين تقدموا للمنافسة على موقع رئيس المجلس بلغ 571 مترشحاً دون أن يكون بينهم وللأسف سيدة واحدة بالمقارنة مع انتخابات العام 2017 حيث ترشح 616 مترشحة ومترشحا بينهم ست سيدات؛ بينما بلغت نسبة المترشحات لعضوية المجالس البلدية 22 % وهي نسبة مساوية لنسبة المترشحات لانتخابات دورة العام 2017 بالرغم من أن قانون الإدارة المحلية الحالي ألغى المجالس المحلية والبالغة 355 مجلسا محلياً؛ على صعيد مجالس المحافظات هناك زيادة بنسبة 4 % عن انتخابات العام 2017، اذ ارتفعت نسبة المترشحات الى 13 % بدلاً من 9 % في الدورة الماضية. الملاحظة الجديرة بالاهتمام أن اقبال نساء المحافظات على الترشح اعلى من العاصمة وهي التي يشكل عدد سكانها 45 % من سكان البلاد ومركز الأحزاب السياسية ومؤسسات دعم وتمكين المرأة تتواجد فيها؛ نجد أن نساء محافظات الزرقاء والبلقاء والمفرق هن الأكثر اقبالاً على المشاركة كنسبة في الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات بينما تتصدر المفرق واربد والكرك في اعداد المترشحات وعلى التوالي. يمكن الحسم بأن غالبية المترشحين باستثناء بعض الدوائر في العاصمة يعتمدون على فكرة دعم عشائرهم والتجمعات العائلية؛ الدراسة ذاتها لمركز راصد وجدت ان ما نسبته 55 % من المترشحين/ات يعتمدون على نفوذهم العشائري، بينما يعتمد 13 % على حضورهم السياسي والاجتماعي و12 % يعتمدون على انهم رجال اعمال في حين ان 4 % يعتمدون على نشاطهم الإعلامي. المشاركة بالانتخابات بكثافة لأن الغياب قد يعطي فرصة لمن لا يملك الكفاءة والمقدرة ولكن الأهم أن تكون المشاركة والدعم مبنية على أسس تتجاوز فكرة المحافظة على التمثيل؛ لقد جربنا في السباق الخيارات المبنية على الانحياز الفئوي مهما كانت توصيفاته فكانت النتيجة خلق مخاتير بلا صلاحيات ولا خدمات. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان