الانتخابات النقابية والسياسة

عدد من النقابات المهنية ستجرى فيها قريبا انتخابات لاختيار مجالس نقابتها؛ ومنها الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والمعلمين. وبدأنا نشاهد حراكا نقابيا تتصاعد وتيرته أولا بأول مع قرب موعد الانتخابات. في العادة، فان الانتخابات النقابية تكون ساخنة، وفي بعض الأحيان ساخنة جدا. بالأغلب لا يخرج التنافس بين القوى والقوائم والأفراد المرشحين عن الأصول المتعارف عليها في مثل هذا النوع من الانتخابات، حيث يسود الاحترام بين المتنافسين مهما كانت المواقف السياسية والفكرية والنقابية والمهنية متباعدة بينهم. وقد شهدت العديد من الانتخابات النقابية الساخنة جدا والتي حافظ المشاركون فيها على أصول التنافس والاحترام وابتعدوا عن كل ما يسيء للمنافس من اتهامات شخصية وأخلاقية ، وتم التركيز على القضايا المهنية والعامة التي هي من المفترض أن تكون أساس التنافس. ولكن شهدت أيضا معارك انتخابية على قلتها تم فيها توجيه الاتهامات الشخصية غير المستندة لأساس، وإنما اتهامات دون دليل لإضعاف المنافس وحتى تدميره. أتمنى أن تكون الانتخابات التي ستشهدها نقابات مهنية خلال الفترة المقبلة من النوع الأول، أي الذي يسوده الاحترام والتقدير، ولكن ساخنة وساخنة جدا. من اللافت، في المعارك الانتخابية السابقة، أن بعض الأطراف، تتهم أطرافا أخرى، بأن لديها غايات سياسية، وأنها تستخدم النقابات لغايات سياسية، لخدمة أطراف سياسية معينة. ومن اللافت أيضا، أن قوى نقابية تتهم قوى نقابية أخرى، بأنها سيّست النقابات، وأبعدتها عن مهمتها الأساسية التي من أجلها أنشئت النقابات؛ وهي خدمة الأعضاء ورفعة مستواهم المهني والاجتماعي والمعيشي، ورفع مستوى المهنة والمنتسبين إليها. ولن تخرج الصورة عن ذلك في الانتخابات الحالية. أعتقد أن الحديث عن تسييس النقابات وتحويلها إلى هيئات كالأحزاب ليس في محله. نعم، هناك قوى سياسية تشارك في الانتخابات، ومنها من يفوز بالانتخابات ويقود المجالس النقابية، ولكنه  لم يسيس النقابات، ولم تصبح أحزابا، مع انشغالها في بعض الأحيان بقضايا عامة ووطنية، ما يترك الانطباع، أن النقابات أهملت العمل المهني والعلمي والاجتماعي، وحصرت نفسها في زاوية السياسة. أعتقد أن أي قوى نقابية تركز على السياسة في عملها داخل النقابات وخلال سيطرتها على المجالس النقابية، ستخسر من قاعدتها الانتخابية، فالأعضاء مهما كانت انتماءاتهم السياسية يريدون من النقابات خدمات مهنية ونقابية واجتماعية تساعدهم وتخدمهم. وفي هذه المرحلة التي يعاني المهنيون وخصوصا الجدد منهم، من ظروف عمل ومعيشة صعبة، فإنهم بحاجة لنقاباتهم لتساعدهم بالعمل والمهنة والتقدم العلمي. ولذلك نجد أن القوى السياسية المشاركة في الانتخابات تركز على إنجازاتها المهنية بالدرجة الأولى، إذا كانت متواجدة في المجالس، وإذا لم تكن، فإنها تركز على ما ستفعله للأعضاء في حال فوزها.اضافة اعلان
في كل انتخابات نقابية، ترفع شعارات سياسية، ولكن الفوز يعتمد بالدرجة الأولى من وجهة نظري، على مدى قدرة الطرف الانتخابي لتقديم نفسه للناخبين كمدافع عن المهنة وعنهم. وتحفل البرامج الانتخابية بشعارات وأهداف مهنية وهي الأغلب على حساب السياسة. أعتقد، أن المرحلة النقابية الحالية، ستشهد تركيزا أكبر على المهنة وأعضاء النقابات، وأن القادر على الخدمة النقابية سيكون المستقبل لصالحه.