الانتخابات.. محرمة ومحللة!

غريب أمر هذه الحكومة؛ إذ تراها تتخذ قرارات في صباح يوم ما، ثم تعود وتتخذ قرارات أخرى في مساء ذلك اليوم، إما أن تكون مناقضة لتلك التي اتخذت في وقت سابق، أو مشابهة لها، لكنها تخص فئة معينة دون أخرى؛ أي يكون الأمر فيه حلالًا مباحًا لفئة معينة، ومحرما وغير جائر لمجموعة ثانية.اضافة اعلان
حكومة النهضة، ومنذ تشكيلها في حزيران 2018، والسمة الملازمة لقراراتها وإجراءاتها هي “التخبط”، لتضاف إليها بعد فترة وجيزة صفة أخرى تتمثل بـ”التناقض”.
المتتبع لقرارات وإجراءات الحكومة، يخرج بنتيجة حتمية مفادها، أن معظم الوزراء وأصحاب القرار في هذه الحكومة، ينطبق عليهم القول: “كل يُغني على ليلاه”، أو حتى نستطيع القول إنهم في كل حدب أو صوب يهيمون.
منذ أن أمر جلالة الملك، في الـ29 من شهر تموز الماضي، بإجراء الانتخابات النيابية، والحكومة ومن قبلها وخلفها أيضًا الهيئة المستقلة للانتخاب، لم تترك مناسبة أو حدثًا أو ورشة عمل إلا وكانت دعوة المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات، ترشيحًا وانتخابًا، على رأس قائمة أحاديثها.
لكن المتتبع لما يصدر عن الحكومة و”المستقلة للانتخاب” من قرارات وإيحاءات وتسريبات، يُلاحظ الشيء العُجاب، لما يعتريها من تناقض أو تضارب أو تخبط.. فالحكومة ترفض إجراء انتخابات نقابة المحامين بحجة “الوضع الوبائي”، الذي تمر به البلاد جراء جائحة فيروس كورونا المستجد.
هنا، ظاهر الأمر لحد الآن، حسب ادعاءات الحكومة، عادي جدًا، لكن ما يدعو للغضب وللخروج عن الطور، ويُشير إلى أن هناك أمرا ما، هو موافقة الحكومة، بأذرعها وأجهزتها المختلفة، على إجراء انتخابات داخلية للعشائر في مختلف مناطق المملكة، لفرز أحد مرشحيها.
تناقض أكثر من رائع، يدل على مدى الاستهتار والاستهزاء بعقل المواطن، فالحكومة والهيئة المستقلة للانتخاب تدعوان المواطن الأردني دائما إلى المشاركة في الانتخابات واختيار الأكفأ والأصلح، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى، إقليمية أو جهوية أو عشائرية أو مناطقية، وما إلى ذلك من مسميات.
مجرد هذه النقطة، تحمل ما تحمل من إشارات على التناقض الحكومي وعدم الجدية في المضي بمشروع الانتخابات النيابية، وخصوصًا أنه في حال بقي الوضع الوبائي في الأردن على ما هو عليه أو ازداد فهناك احتمالات كبيرة لعدم إجراء انتخابات، ناهيك، كما تُسرب مصادر رسمية، عن أن هناك ضغوطا نيابية وأخرى حكومية لعدم إجرائها.
أولى هذه الإشارات عدم الموافقة على إجراء انتخابات نقابة المحامين، فهذا يدل على أن هناك مؤشرات على عدم الذهاب بالانتخابات النيابية إلى آخرها.. فإذا كانت نقابة لا يتعدى عدد أعضائها الـ30 ألفًا، تم تأجيل انتخاباتها، فما بالك بانتخابات نيابية، الحكومة تلهث، وكأنها تهرب من سيف مسلط عليها، لجعل نسبة المشاركة فيها تتجاوز الـ23 بالمائة في المحافظات الرئيسة وهي: عمان وإربد والزرقاء، فعدد سكان هذه المحافظات الثلاث يتجاوز الـ7.5 مليون نسمة.
ثاني تلك الإشارات، كيف يتم المنع عندما يتعلق الأمر بـ”المحامين”، ويكون محرمًا يضر بالمصلحة العامة، ويُصبح حلالًا مباحًا، وضروريًا وأساسيًا، عندما يخص العشيرة، ومعلوم بأن هناك عشائر يبلغ تعداد أفرادها الآلاف.
كيف هناك صعب بسبب الوباء، وهنا عادي سهل؟، مع العلم أيضًا بأننا نسمع بأن الأجهزة المعنية ألقت القبض على مجموعة أشخاص يحتفلون بمناسبات اجتماعية مختلفة، بداعي عدم المباعدة أو التقارب أو سمّها، أخي القارئ، ما شئت!.