"الاورندا ترايب".. حينما تتوحد رسومات الصغار وتحاكي الوعي بحقوقهم

جانب من الابداعات في ورش الفن للأطفال- (من المصدر)
جانب من الابداعات في ورش الفن للأطفال- (من المصدر)
منى أبوحمور – “كن قويا للإلهام”، “لا تهدموا أحلامنا”، “ولنزرع الأمل” تلك بعض من عبارات قالها وعبر عنها أطفال من المجتمع المحلي، طبعت على “تيشرتات” وكتبت على أغلفة قصص ودفاتر رسم، لتكون شعارا ملهما لغيرهم، حيث كل ما يتمنوه أن يعيش الجميع بسلام وخير ومساواة. صناديق فنية وسرد قصصي ورسومات أطفال زينت أيضا جداريات المدارس، ورسائل فنية حملت في تفاصيلها قضايا مجتمعية مهمة وصنعت تأثيرا في المجتمع المحلي وجعلت من الأفراد أنفسهم صانعي تغيير، كل ذلك يندرج تحت مشروع “الأورندا تريب”. بأسلوب مختلف وبلغة يتفق عليها العالم، تناول زيد الدسوقي من خلال مشروعه “الأورندا تريب” قضايا مجتمعية استهدفت المجتمعات الأقل حظا والمخيمات لرفع الوعي في العديد من القضايا التي تهم مجتمعاتهم في مجال حقوق الأطفال والنساء والعنف بكافة أشكاله والتغير المناخي وإعادة التدوير. وعمل المشروع على اقامة ورش رسم للأطفال في مخيم غزة وغيره من الأماكن وطباعة هذه الرسومات على “تيشرتات” وبيعها ومساعدة هذه المجتمعات من خلال الفن، كما قاموا خلال المشروع بترميم بعض المدارس القديمة بالفن، من خلال رسم جداريات داخلها. ويعتبر”الأورندا ترايب” مشروعا رياديا مجتمعيا يحدث تغييرا حقيقيا ومؤثرا في المجتمع عبر الفن، لتمكين ورفع وعي الشباب في الأماكن الأقل حظا بالمشاكل المجتمعية عن طريق الفن بأشكاله المختلفة ورواية القصص. ورغم دراسة الدسوقي لهندسة الكمبيوتر وعمله في مجالات مختلفة بين الأمور المصرفية والخدمات اللوجستية لم يجد نفسه بين كل تلك التفاصيل، حيث بدأ يبحث عن مكان يحدد به ميوله ويجد به نفسه وما هو هدفه في حياته، حتى وجد نفسه بدراسته للماجستير في إسبانيا أكثر ميلا لإنشاء شركة للعمل الإنساني وخدمة المجتمع من خلال الفعاليات دون الاهتمام بالجانب المادي فقط. فرصة السفر إلى جنوب إفريقيا ساعدت زيد الدسوقي لتحقيق طموحه وتنمية رغباته في العمل الإنساني بعد تجربة أمضى خلالها ثلاثة أشهر تعاون فيها مع جمعيات أيتام، وكانت أولى خطوات الطريق في تأسيس شركته الخاصة. اختار الدسوقي الفن لأنه اللغة التي يتقنها جميع العالم، فبمجرد أن يجمتع عدد من الأفراد مع بعضهم بعضا ويبدأون بالرسم يتفاهمون مباشرة دون أن يضطر أحد أن يشرح للآخر، فالفن يقرب المسافات. ولجأ الدسوقي من خلال مشروع “أورندا ترايب” للسرد القصصي للأطفال باعتباره أقوى أنواع الفنون لجذبهم ورفع وعي الجميع بمشاكل مجتمعية مهمة جدا واحداث تغيير جذري. بدأت فكرة العمل في المشروع من خلال أخذ لوحات الأطفال التي يتم رسمها حول القضايا المجتمعية التي تستهدفها الشركة كزواج القاصرات، حقوق المرأة، حقوق الطفل، العنف بكافة أشكاله وطبعها على تيشرت وتوزيعها في المناطق الأقل حظا. وتعني الأورندا القوة الكامنة داخل الإنسان التي تمكنه من تغيير حياته وحياة الآخرين نحو الأفضل وهو ما يسعى إليه الدسوقي من خلال الفن والسرد القصصي ليساعد الناس في إيجاد الأورندا التي في داخلهم وتغيير مجتمعاتهم. مع مرور الوقت وعقد الكثير من الورشات أصبح لدى الدسوقي وفريقه خبرة في تطويع الفن في خدمة المجتمع وصناعة التغيير في القضايا المهمة، حيث ساهمت هذه الخبرة والحرفية باستخدام الفن بلفت انتباه شركات كبيرة ومعروفة في العالم التي بدورها بدأت تطلب بناء شراكات للتوعية وإحداث تغيير بقضايا معينة مثل إعادة التدوير، قضايا الطفل والتغير المناخي تحت مبادرة الفن للأمل لنوسع نطاق وصولنا للمخيمات والمناطق المهمشة. وعلى المستوى العربي عملت أورندا على مشروع عربي في مصر والأردن ولبنان بالشراكة مع مؤسسة إنقاذ الطفل المكتب الرئيسي للتوعية بحقوق الفتيات والأطفال من خلال ورش فنية تناولت سرد قصص لفتيات حققن فصة نجاح في حياتهن وحصلن على تعليمهن وأحدثن تغيير في المجتمع، وفي المقابل عرض قصة فتيات تزوجن زواج قاصرات من رجال يكبروهم في العمر ولم ينلن حقهن في التعليم وهي قصص مستوحاه من الواقع المجتمعي. في الورشة ذاتها وبعد الانتهاء من السرد القصصي قامت الفتيات والأطفال برسم رسومات مختلفة عن الموضوع ذاته لكل منطقة ومن ثم تم جمع هذه الرسومات في كتاب توزيعه على صناع القرار في تلك المناطق. ولم يتوقف الأمر على الطباعة على التيشرتات وجمع الرسومات في كتب، حيث استعانوا أيضا ببعض الكلمات والعبارات التي كتبوها ووضعوها على بعض القطع والأدوات لرفع الوعي وإحداث التغيير في قضايا إعادة التدوير وحقوق الطفل، وبالتالي يصبح الطفل ذاته صاحب تأثير في مجتمعه. وشاركت أورندا في مبادرة كبيرة PepsiCo Arabia حول التوعية بإعادة التدوير وتعليم الأطفال الكبار والصغار طرق استخدام البلاستيك من خلال صندوق التأثير الذي يحتوي على قصص أطفال وكتب ألوان وكتب أطفال يتم توزيعها على المدارس وتدريب المعلمين على كيفية استخدامها مع كل طفل يحمل هذا الصندوق فيصبح محدثا للتغيير. كما قامت أورندا بإنشاء لعبة إلكترونية للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال والشباب، وهي مجانية لأي طفل في العالم يلعب من خلالها لعبة إعادة التدوير وفرز النفايات وإعادة استخدام البلاستيك. وفي اللويبدة خصص مشروع الأورندا مكانا خاصا لبيع رسومات الأطفال والقصص وبعض المنتجات المحلية التي تساهم في دعم المجتمع بطريقة أو بأخرى، ويوجد غرفة ثانية يوجد فيها مايسمى بقائمة الفن أي طفل يدخل ويختار اي شيء من قائمة الفن ويتم منحه ألوان ودفاتر رسم وأدوات وأي شيء يطلبه. في قائمة الفن يقيم المشروع في كثير من الأحيان فعاليات خيرية حيث يقومون بإحضار أطفال من مناطق أقل حظا، وأيتام من قرى SOS للرسم وكتابة القصص على شكل ورش فنية مجانية لمساعدة المجتمع ودعمه. سلكت الأورندا لتحقيق أهدافها طريقا بدأ من المناطق الأقل حظا والمخيمات ومن ثم توجهوا إلى المدارس الحكومية وقرى الـSOS والمستشفيات، حتى وصلوا إلى أن القضايا تهم جميع فئات المجتمع ولا تقتصر على فئة دون غيرها، متوجهين من خلال ورشهم للفئات العمرية من 5 سنوات وحتى 35 عاما، حيث استطاعت الأورندا خلال الأربعة أعوام الأولى من الوصول إلى اكثر من 6000 شاب من خلال ورش مختلفة في مجتمعات مختلفة. اقرأ أيضاً: اضافة اعلان