الباكستان: المهمة المستحيلة

عمال إغاثة يوزعون المساعدات في إحدى مناطق الباكستان - (أرشيفية)
عمال إغاثة يوزعون المساعدات في إحدى مناطق الباكستان - (أرشيفية)

افتتاحية - (الغارديان) 28/9/2011

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

القصة التي كنا قد نشرناها، والتي قالت إن منظمة الإغاثة "أنقذوا الأطفال" نقلت بالطائرات 8 موظفي إغاثة أجانب الى خارج الباكستان في تموز (يوليو) الماضي خشية اعتقالهم على أيدي المخابرات الداخلية، هي مثال تقليدي على المصطلح الذي ابتكرته وكالة (سي. آي. إيه): "رد الضربة". وكما نشرنا في تموز (يوليو)، فقد وضعت الوكالة برنامج لقاح مزيفا في أبوتأباد في محاولة للحصول على الحمض النووي "دي. أن. آيه" من عائلة أسامة بن لادن للتأكيد أن هدفها كان موجوداً هناك بالتأكيد.
وقد شارك الطبيب الباكستاني، شاكيل أفريدي، الذي استخدموه لتنفيذ البرنامج المزيف في دورتي تدريب على صحة الموظف، كانت تديره منظمة "أنقذوا الأطفال" في العامين 2008 و2010. وتحت التحقيق، قال أفريدي إنه أخبر زوجته بأنه كان يعمل لصالح منظمة "أنقذوا الأطفال" بينما كان يعمل في الواقع مع وكالة (سي. آي. إيه). وعندئذ، وجهت المخابرات الباكستانية الداخلية انتباهها إلى منظمة مساعدات غربية رئيسية، ليست لها أي صلة بالطبيب أو ببرنامج اللقاح المزيف في أبوت أباد، لكنها ساعدت 7 ملايين شخص في الباكستان في العام الماضي كان نصفهم قد علق في الفيضانات. وربما يمكن القول إن الوسائل بررت الغاية، وإنه كان على (سي. آي، إيه) أن تبذل كل جهد ممكن لاكتشاف ما إذا كان بن لادن يقيم في ذلك المجمع قبل الغارة الأميركية، لكنه لا يمكن إنكار حقيقة أن الضرر الجمعي الناجم عن استخدام موظفي المساعدات كجواسيس هو ضرر كبير. ويتم توظيف معظم موظفي منظمة "أنقذوا الأطفال" -2000 منهم باكستانيون- محلياً، والذين يقومون بعمل شجاع في مناطق الحرب مثل وادي سوات.
وليس استخدام وكالات المساعدات كغطاء للعمليات المخابراتية أمراً قاتماً فحسب. إنه تصرف خطير أيضاً، وهو يعرض للخطر حياة الآلاف من موظفي الإغاثة الذين لا يستطيعون الهروب أو السفر إلى خارج البلاد عقب إشعار لحظي، كما فعل الأجانب الثمانية المذكورون. وفي حالة الباكستان، تولد الغضب بسبب هجمات الطائرات من دون طيارين "الدرون"، وبسبب العمليات السرية التي تستهدف أماكن طالبان. وعندما يقول عمران خان "إن هذا هو البلد الوحيد في التاريخ الذي يستمر في التعرض للقصف، بواسطة هجمات طائرات الدرون، من جانب حليفنا". وإنه تم قتل 35.000 شخص في حرب ليست لهم علاقة بها البتة، فإنه يعبر بالتأكيد عن مشاعر وأحاسيس من هم أكثر منه شخصياً. وليست هناك طريقة أسرع لقلب وجهة الشيء الجيد الذي تفعله تلك المساعدات أكثر من عسكرتها.
وبينما هي عالقة على هذا النحو بين طالبان والسي. آي. إيه، يطلب من وكالات المساعدات الدولية في الباكستان القيام بالمهمة المستحيلة. وهي تعمل في ظل ضغط غير معقول لا يصدق. ومع ذلك، يظل من المفروض فيها أن تحرس استقلالها وحياديتها، وأن لا يُنظر إليها على أنها ذراع أخرى للقوة الغربية. ولا يتعلق هذا فحسب بمن أين تحصل على أموالها. والجهتان اللتان تضعان المعيار الذهبي في الباكستان هما المنظمة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود، اللتان تتصارعان مع السلطات العسكرية من أجل الحصول على الإذن بالوصول إلى مناطق الحرب في الوقت الذي تجري فيه العمليات. يجب أن لا تعمل وكالات المساعدات وفقاً لشروطها وحسب، وإنما يجب أن تشاهد وأنها تفعل ذلك حقاً.

*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: Pakistan: Mission impossible

اضافة اعلان

[email protected]