البحر الميت.. غالبية الأودية تتحول إلى مكبات لمنتجعات سياحية

نفايات ملقاة في أحد الأودية بمنطقة البحر الميت - (الغد)
نفايات ملقاة في أحد الأودية بمنطقة البحر الميت - (الغد)
حابس العدوان البحر الميت – تعود آلية تخلص منتجعات سياحية من مياه الصرف الصحي والنفايات إلى الواجهة حتى باتت إحدى أهم المشاكل البيئية التي تهدد منطقة البحر الميت، في ظل عدم وجود حلول ناجعة لمعالجتها والتعامل معها بطرق آمنة. ورغم أهمية المنطقة سياحيا واقتصاديا وبيئيا، إلا ان عشوائية التخلص من هذه النفايات ينذر بمشاكل بيئية خطيرة، إذ ان غالبية الأودية القريبة والمنتشرة بين الجبال والمزارع اصبحت مكبات للنفايات لتواريها عن الانظار، ويتم استغلالها في التخلص من المياه العادمة والنفايات الصلبة في غياب الأجهزة المعنية. ويرى محمد الجعارات، ان معظم المناطق القريبة من شارع البحر الميت الرئيس، التي كانت فيما مضى المكان المفضل للسياحة العائلية تشهد صورا مختلفة لانتهاك شنيع بحق البيئة والإنسان والصحة والسلامة العامة، لافتا إلى أن بعض الأودية اصبحت عبارة عن مستنقعات مائية ملوثة تفوح منها روائح كريهة، وتشكل مصدرا لانتشار للحشرات الضارة التي تجد فيها بيئة مناسبة للتكاثر. ويضيف أن النفايات التي يتم طرحها في الأودية المحيطة بالبلدة جزء منها صلبة، تبقى اقل خطرا من السائلة كمياه الصرف الصحي التي تتسرب إلى المياه الجوفية، لافتا إلى ان معظم هذه النفايات يتم نقلها بصهاريج النضح وتفريغها في الأودية أو في الاراضي الزراعية دون وجود أي رقابة. ويرى عدد من الزوار، ان الواقع المؤلم يتجلى في أن هذه النفايات هي مخلفات الفنادق والمنتجعات السياحية المقامة على شاطئ البحر الميت، وهي استثمارات تقدر بمئات الملايين، والتي كان من المفترض ان تكون البادئة بالحفاظ على البيئة والنظافة في المنطقة التي تعتبر قبلة للسياحة العالمية، مشددين على ضرورة إلزام أصحاب المنتجعات بالتخلص من هذه النفايات بطرق آمنة في الأماكن المخصصة لها. ويلفت احد العاملين في القطاع السياحي إلى ان جميع المنتجعات السياحية تملك محطات لتنقية مياه الصرف الصحي واستغلالها لري الاشجار، مستدركا "الا ان كميات المياه المستهلكة غالبا ما تكون اكثر من قدرة هذه المحطات ما يدفع بإدارات هذه المنتجعات إلى التخلص منها عن طريق متعهدين دون التأكد من سلامة طرق التخلص منها." ويؤكد عضو مجلس المحافظة عن منطقة سويمة مناور الجعارات، ان الخطر الأكبر يكمن في تأثير هذا التلوث البيئي الخطير على المياه الجوفية، إذ إن هذه المياه الملوثة قد تصل إلى المياه الجوفية التي يستفاد منها للشرب أو للاستخدامات المنزلية الاخرى، مضيفا ان تجمعات النفايات وأماكن تفريغ المياه العادمة تزيد من مشكلة انتشار البعوض والحشرات، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة ما يلحق اضرارا بالغة بالسياح والاهالي على حد سواء ويتسبب في نقل الأمراض كالملاريا واللاشمانيا والامراض الجلدية الاخرى. ويشير إلى أن غالبية المنتجعات السياحية توكل مهمة نقل النفايات الصلبة لشركات بعضها لا تراعي شروط الصحة والسلامة العامة في النقل وبعضها يستغل ستار الظلام وساعات المساء لإلقاء النفايات في المناطق القريبة لتجنب الذهاب إلى مكبات النفايات في الشونة الجنوبية وديرعلا، مشددا على ضرورة التدخل العاجل من الجهات المختصة لوقف هذه المشكلة الخطيرة. ويلفت مخلد سالم، أن اهالي المنطقة يعانون نتيجة الروائح الكريهة التي تنبعث ليلا ونهارا من تلك المخلفات، إضافة إلى انها اصبحت بؤرة لتكاثر وانتشار للجرذان والقوارض والحشرات والكلاب الضالة، مشيرا إلى ان اضرارها تعدت الانسان إلى تأثيرها على الثروة الحيوانية لأن تناول المواشي لهذه النفايات يتسبب بنفوق العديد منها. ويقول الرئيس التنفيذي لجمعية اصدقاء البحر الميت زيد سوالقة "ان ما يبعث على الألم هو ما نشاهده يوميا على جانبي الطريق الخلفي لمنطقة سويمة أو بين الغابات الشجرية من وجود اكوام النفايات، والتي تشكل خطرا على البيئة والصحة والسلامة العامة، خاصة وان ناقليها يعمدون إلى إضرام النار فيها كأسهل طريقة للتخلص منها،" لافتا إلى أن خطورة انتشار هذه النفايات يتعدى الاخطار البيئية إلى تأثيرها السلبي على المنطقة كأحد أهم الوجهات السياحية في الاردن، اذ يشكل تشويها للمنظر العام للمنطقة والأردن كوجهة سياحية. ويوضح ان ناقلي نفايات، خاصة النفايات السائلة، يقومون بهذا الفعل، لتجنب قطع مسافة طويلة للطرح في مكب ديرعلا، ما يوفر عليهم الجهد والمال، حتى وان كان ذلك على حساب صحة وسلامة المواطن والبيئة، مشيدا بالجهود التي تقوم بها الجهات المعنية للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات من خلال ترسيخ مفاهيم المسؤولية الجماعية في الحفاظ على البيئة وتعميق الشعور بالانتماء للوطن. من جانبه يبين رئيس بلدية سويمة محمد طلاق الجعارات، ان هذه المشكلة قديمة ولم تجد طريقها إلى الحل إلى الآن وباتت تشكل خطرا حقيقيا على الصحة والسلامة العامة، مشددا على ضرورة اتخاذ الاجراءات الرادعة بحق المخالفين وعدم التهاون معهم ليكونوا عبرة لغيرهم. ويبين رئيس البلدية، ان تعمد إلقاء النفايات في الأودية والشعاب وبين الاشجار الكثيفة خلال ساعات الليل والصباح الباكر يحول دون ضبط المخالفين، مؤكدا على ضرورة تكاتف جهود جميع الجهات المعنية كالبيئة والصحة والمياه وشركة التطوير لوضع حد لهذه الظاهرة. ويشدد على ضرورة الزام اصحاب الصهاريج والشاحنات التي تنقل النفايات بإيصال نفاياتهم الى الاماكن المخصصة لذلك مقابل اشعار من المكب، واحكام تغطية سياراتهم اثناء النقل لضمان عدم تطايرها، مؤكدا ان البلدية على اتم الاستعداد للتعاون مع المنتجعات في التخلص من نفاياتها بالطرق السليمة. من جانبه يؤكد مدير بيئة وادي الأردن المهندس شحادة الديات، أن المديرية تقوم بالتعاون مع البلديات وإدارة الملكية لحماية البيئة بجهود كبيرة للحد من هذه الظاهرة، لما لها من آثار سلبية خطيرة على الإنسان والبيئة من خلال الرقابة والتفتيش المستمرين، مشددا على ضرورة تعاون المواطنين بالإبلاغ عن أي مخالفات تمارس من قبل أشخاص او مؤسسات، بما يسهم في الحد من هذه الظاهر التي تعاني منها جميع مناطق وادي الأردن.اضافة اعلان