محمود الطراونة
عمان - ينتظر العشرات من الاطفال المصابين بالشلل الدماغي في مستشفى البشير الحكومي، تخصيص غرفة عمليات خاصة باجراء عمليات جراحة "القطع الانتقائي للجذور العصبية الفقرية".
ويصف اهالي هؤلاء الاطفال، الانتظار، بالمأساة بسبب عدم وجود غرفة عمليات مختصة لتسريع وتيرة العمل بانهاء معاناة هؤلاء الاطفال، اذ انه اجريت 11 عملية للاطفال بهذه الجراحة منذ اكثر من عام.
ويقول اختصاصي جراحة الأعصاب، الدكتور أنس حميدي، الذي يعد احد الاختصاصيين الخمسة في العالم العربي باجراء مثل هذه الجراحة، ان وجود غرفة عمليات خاصة بهذه الحالات يسرع وتيرة العمل ومن شأنه ان ينهي طابور الانتظار، حيث يمكن اجراء اكثر من 50 عملية جراحة بهذا المرض خلال عام واحد.
وقال لـ"الغد"، ان عملية الـ"SDR"، هي إجراء طبي هدفه التخلص من الشد أو التوتر الزائد في الأطراف السفلية، وهي تتم لأكثر من هدف بحسب رأي الطبيب المختص، ففي بعض الحالات الشديدة ينصح الطبيب المختص أو الفريق الطبي بهذا الاجراء للتخفيف من الشد بهدف تقليله لتكون العناية بالطفل أسهل وتحسين نوعية حياته، ولتخفيف تأثير الشد على المفاصل وتقليل الألم، وحمايته من أي إجراءات تصحيحية في العظام.
وأضاف حميدي، انه وفريقه الطبي، تمكنوا في قسم جراحة الدماغ والأعصاب في مستشفى الجراحة والجراحة التخصصية بمستشفيات البشير، من اجراء عملية جراحة "القطع الانتقائي للجذور العصبية الفقرية"، لعدد من الاطفال ممن يعانون "شللا دماغيا تيبسيا"، أدى الى صعوبة في المشي، وهي عملية دقيق يستغرق اجراؤها نحو 8 ساعات.
واشار الى ان مستشفيات البشير استحدثت عيادة "الفريق متعدد الاختصاصات"، وهي الأولى من نوعها في المملكة لتقييم وتأهيل حالات أطفال "الشلل الدماغي التيبسي" المرشحة للخضوع لعملية الـSDR، وتشمل تخصصات مختلفة تكمل بعضها، ويتشكل هذا الفريق من اختصاصيي جراحة الأعصاب وعدد من كبار الجراحين بمختلف التخصصات، بيد ان القسم يحتاج غرفة عمليات منفصلة وخاصة لاجراء هذه العمليات لتسريع وتيرة العمل.
وأكد حميدي ان هناك مكانا في المستشفى لمثل هذه الغرفة، لافتا الى ان الطلب على عمليات الاعصاب والجراحات الطارئة يفوت الفرصة على اجراء مثل هذه العمليات.
من جهة اخرى، قالت مصادر لـ"الغد"، "ان متبرعا كان تعهد بإقامة غرفة مجهزة لمثل هذه الحالات في مستشفى البشير، بقيمة 170 الف دينار، غير ان الاجراءات حالت دون اقامتها حتى الان".
وأوضح ان الاردن رائد باجراء العمليات المتخصصة ويمكن العمل على استقبال المرضى العرب والاجانب لاجرائها في مستشفى البشير وبكلفة اقل تنافسية من دول الجوار، بحيث تعد مكسبا حقيقيا للادن وقدرات ابنائه.
وتجرى مثل هذه العمليات خارج المملكة، لكن بكلفة عالية، حيث تجرى بالولايات المتحدة الاميركية وكلفتها نحو 70 الف دولار، وفي تركيا بكلفة 35 الف يورو، وفق اختصاصيين قالوا ان مستشفى البشير يمكنه ان يجريها للمؤمنين الاردنيين مجانا، كما ان إجراء هذه العمليات في مستشفيات البشير يشكل نقلة نوعية في الرعاية والخدمات الطبية التخصصية المقدمة لمرضى الشلل الدماغي، إذ توفر لهم الامكانات والكوادر البشرية المتخصصة والمؤهلة لاجرائها بكل مهنية واحتراف، بالإضافة إلى تقليل التكلفة المرتفعة جداً في حال إجرائها خارج المملكة.
ويقول خبير العلاج الطبيعي، نضال ابو سليم، ان اجراء مثل هذه العمليات مهم اردنيا ويمكن للطفل بعد اجراء العملية ان يعاد تاهيله ليتمكن من المشي بمساعدة خلال شهرين ودون مساعدة خلال خمسة اشهر.
وقال ابو سليم لـ"الغد"، ان عملية الـ"SDR"، تمثل نقلة نوعية في حياة المرضى من حيث تحسين قدراتهم الحركية وجعلهم اكثر اعتماداً على النفس وأكثر إنتاجية لأنفسهم وللمجتمع على المدى البعيد.
واوضح انه تعامل مع عدد من هذه الحالات ونجحت بشكل كبير بحيث تخلص هؤلاء الاطفال من معاناتهم.
والعملية التي تسمى "عملية القطع الاختياري للعصب الحسي"، هي إجراء طبي معتمد للتخلص من التوتر الزائد في عضلات الجسم السفلية عن طريق قطع بعض الألياف العصبية الحسية الراجعة من العضلات.
وتنطوي العملية وفق اختصاصيين على فتح العمود الفقري ثم يقوم جراح الأعصاب بتقسيم كل من الجذور الظهرية إلى 3-5 جذور ثم يعمل على تحفيزها كهربائياً، ومن خلال فحص استجابات جهاز lectromyographic (EMG) من العضلات في الأطراف السفلية، يحدد الفريق الجراحي الجذور التي تسبب التشنج.
ويتم قطع الجذور غير الطبيعية، مما يقلل الرسائل من العضلات، ما يؤدي إلى توازن أفضل بين أنشطة الخلايا العصبية في الحبل الشوكي، وبالتالي يقلل من التشنج (الشد الزائد).
ويطالب اهالي الاطفال وزير الصحة، سعد جابر، بالاستجابة الى مطالباتهم بتسريع وتيرة العمل بمثل هذه العمليات للتخفيف على اطفالهم، مؤكدين ان الاردن من اوائل الدول في اجراء هذه العمليات لولا نقص الامكانات الطبية.
