البطالة.. تعاف جزئي والنمو المستدام علاج أساسي

بشرى عودة

أكد خبراء أن تراجع معدلات البطالة في الربع الثاني من العام الحالي يدل على تعافٍ جزئي لبعض القطاعات الاقتصادية لكنهم شددوا على ضرورة تحقيق نمو اقتصادي مستدام لضمان استمرار تراجع أعداد العاطلين عن العمل.

اضافة اعلان


وأشارت دائرة الإحصاءات العامة في تقريرها الربعي إلى أن معدّل البطالة للربع الثاني انخفض عن الربع الأول من هذا العام؛ ليسجل معدّل 22.6 %.


الخبير الاقتصادي قاسم الحموري قال إن "تراجع معدل البطالة يشير إلى تعاف في بعض الأداء الاقتصادي".
وأضاف "التعافي الجزئي الذي نشهده هو تعاف لبعض القطاعات التي تضررت خلال أزمة كورونا".


ولفت إلى أن التعافي الجزئي لبعض القطاعات الاقتصادية يؤدي بدوره إلى تنشيط الاقتصاد ومن ثم توظيف لعمال أكثر، وبالتالي ستقل نسبة البطالة بشكل تدريجيّ.


وأوضح الحموري أن التعريف الدقيق لمصطلح "عاطل عن العمل" "هو الإنسان الذي يكون بسن العمل، وقادر على ممارسة العمل، ويبحث عن فرصة للعمل، لكنه لا يجد هذه الفرصة."


وبين الحموري أن هذا الانخفاض الذي نشهده من معدل للبطالة من أحد أسبابه أن الناس توقفت عن طرق أبواب البحث عن الوظيفة بشكلها التقليدي، وإنما أصبح توجه بعض الأفراد للجوء إلى بدء عملهم الخاص ومشاريعهم الخاصة؛ الأمر الذي أدّى بدوره إلى خفض جزئي لنسبة البطالة لهذه المرحلة."


وأكّد الحموري أن هذا الانخفاض الذي وصل إلى نسبة 22.6 % كمعدل للبطالة خلال الربع الثاني من هذا العام يعّد رقمًا إيجابيًا إذا استمر لنهاية هذا العام، حينها بإمكاننا الاعتبار بأن إنجازًا حقيقيًّا تم تحقيقه.


وأكّد د. الاقتصاد رعد التلّ أن "هنالك مشكلة في حاجة السوق لخريجي شهادة البكالوريوس" موضحًا أن السوق أصلًا يعاني من مشكلة العرض والطلب، والأزمة التي نتجت عن مخرجات التعليم البعيدة عن متطلبات سوق العمل زادت الفجوة بشكل كبير بين حاجة السوق لخريجي شهادات البكالوريوس."


وأشار التلّ إلى أن السوق يتجه نحو طلب خريجي شهادات المهن والتخصصات الفنيّة؛ لكون حاجته والنقص الذي لديه يصبّ في هذا الاتجاه.


وأكد التلّ ضرورة إعطاء أصحاب شهادات الدبلوم ضمانات تشجع الطلبة للاتجاه نحو هذه المجالات، موضحًا: "لكي نشجّع الطلبة على الاتجاه نحو الاهتمام بالمهن التي يحتاجها السوق بشكل كبير، لا بدّ من وجود ضمانات لأصحاب هذه الشهادات، وتوفير بيئة عمل يلتمسون من خلالها فارقًا حقيقيًّا".


وأضاف التل أن على الدولة دورا أساسيا في تحقيق هذا الأمر وإنجاحه من خلال تنظيم السوق، موضحًا: "يجب على الدولة أن تنظّم السوق، فنحن نعيش بأزمة تصدير العمالة الماهرة واستيراد العمالة غير الماهرة."
وأكّد التل انطلاقًا من رؤيته الاقتصادية أن مؤشر البطالة للربع الثاني من هذا العام رغم أنّه انخفض، ورغم أنه يشير إلى تعاف جزئي من الاضطرابات التي أحدثتها كورونا إلّا أنه مازال نسبيًّا يعدّ رقمًا مرتفعًا.


وأكد الخبير الاقتصادي د. غازي عساف أن مشكلة البطالة بشكل عام وخاصة في الأردن هي مشكلة مزمنة، ومشكلة هيكلية؛ تتعلق بتغير في هيكل الاقتصاد، سببها الرئيسي التغير الناتج في هيكلية الإنتاج في الاقتصاد.
وقال "الاقتصاد في الأردن تحول في آخر 30 سنة بحيث انتقل من اقتصاد زراعي، إلى اقتصاد جزء منه إنتاجي، إلى اقتصاد خدمي."


وأضاف مفسرًا مشكلة البطالة الحاصلة "القطاعات الخدمية عادة غير مستوعبة لعدد كبير من العمالة بحيث تكون قدرتها على توفير الوظائف أقل من القطاعات الزراعية أو الانتاجية".


وأضاف العساف فيما يتعلق بمؤشر معدل البطالة للربع الثاني من هذا العام قائلًا: "عندما نتحدث عن مؤشر بطالة يصل إلى 22.6 % هذا يعتبر من معدلات البطالة المرتفعة عالميا، فهذا من أعلى معدلات البطالة بين الدول خاصة بين فئات الشباب؛ التي قد تصل البطالة بينهم إلى أكثر من 50 %".


وأكد عساف جملة من التفسيرات التي تشرح مؤشر البطالة في مقدمتها عجز الاقتصاد عن توفير فرص عمل جديد. وأوضح أن أبرز ما يفسر هذا المعدل المرتفع خاصة إذا أردنا تفسير ارتفاع معدل البطالة بين حملة درجة البكالوريوس والذكور، فهو عدم قدرة الاقتصاد على خلق مزيد من الوظائف؛ والسبب الرئيسي هو مرورنا بحالة كساد تضخمي أدى إلى انكماش في الاقتصاد، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي، هذا كله أدى إلى أن عجلة الإنتاج لا يمكن أن تستوعب عدد الخريجين الداخلين الجدد لسوق العمل، الذي يعد أغلبهم من حملة شهادات البكالوريوس."


وأشار عساف إلى جملة من الحلول المتعلقة بانخفاض معدلات البطالة، وخاصة المنتشرة بين الشباب قائلًا: "وإذا أردنا أن نقلل من هذا المعدل، ونحاول أن نجد حلا فالهدف الأساسي الذي يجب أن نعمل عليه هو تسريع معدل النمو، وهذه المسألة ليست بالسهلة، لأن عملية تسريع النمو يعني محاولة في تغيير هيكل الاقتصاد مرة أخرى، وإذا أردنا ربط هذه التفسيرات مع أزمة الخريجين الجدد، فإغلاق تخصصات جامعية ليس بالحل لهذه المشكلة، وإنما الحل الأمثل فتح قنوات جديدة في سوق العمل.

فالجامعات ليس هدفها تخريج طلاب يعملون مباشرة وإنما هدفها تخريج أناس مؤهلين.. بغض النظر إن كان التخصص راكدا أو غير راكد."


وأكد العساف ضرورة تحرّك الحكومة فيما يخص دعم القطاعات التي تولّد فرص عمل جديدة، موضحًا: "هناك حاجة لسياسات حكومية لدعم القطاعات التي تسرّع في توليد العمالة؛ على سبيل المثال القطاعات التي تحتوي خدمات إلكترونية، وخدمات الإنتاج التي يكون فيها قيمة مضافة عالية، وعدم التركيز على القطاع الحكومي الذي أصبح الآن عاجزا عن توفير فرص عمل جديدة."


وأضاف "يجب البحث عن القطاعات الواعدة التي تستوعب مزيدا من العمالة، على رأسها الخدمات الإلكترونية، وخدمات المعلوماتية والقطاعات الإنتاجية والصناعية التي تنتج قيمة مضافة عالية؛ هي الأولى والأجدر بمنحها اهتماما عاليا".


وأكد عساف آثار البطالة الاقتصادية والاجتماعية، موضحًا بالقول إن "مشاكل البطالة الاجتماعية تفوق بكثير المشاكل الاقتصادية بقوله "فمشكلة البطالة تعد مشكلة اقتصادية واجتماعية بنفس الوقت؛ وآثارها الاجتماعية تفوق آثارها الاقتصادية، فنشهد قضايا فيها الجرائم، وقضايا متعلقة بالعنف الأسري، وقضايا مرتبطة بالأمراض النفسية والمشاكل الأسرية، والأسوأ من هذا كله نجد ملف المخدرات منتشرا بين الشباب غير العاملين؛ لكون لب مشكلة المخدرات تكمن في انتشار البطالة والفراغ".

اقرأ المزيد :