البطالة معضلة متجددة.. ارتفاع غير مسبوق يؤرق الجميع

Untitled-1
Untitled-1

عبدالرحمن الخوالدة

عمان- بدأ شبح أزمة البطالة في الأردن خلال السنوات الأخيرة أكثر وضوحا في ظل استمرار التصاعد المطرد لمعدلات ارتفاع البطالة السنوية واستمرار تعمق الأزمة الاقتصادية التي يرزح تحتها الاقتصاد الوطني منذ عقد ونيف إلا أن مشهد البطالة اليوم بات أكثر تعقيدا ومصدر قلق اجتماعي يؤرق الجميع حكومة ومواطنين بعد أن دفعته جائحة كورونا بلوغ معدلات قياسية وغير مسبوقة.اضافة اعلان
ويرى خبراء اقتصاديون بأن التراجع المستمر لمعدلات النمو الاقتصادي في المملكة على مدار السنوات الماضية والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة، إضافة إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية وتأثيرات الأوضاع الجوسياسية على المملكة، قللت من الفرص التصديرية والأسواق الخارجية المتاحة للمنتوجات الأردنية، مما ترتب عليها إغلاق لبعض المصانع والشركات وتقليص عدد العاملين لديها إلى جانب تداعيات جائحة كورونا السلبية على الاقتصاد الأردني وما رافقها من إجراءات الإغلاق الطويل لعدد من القطاعات التي أدت إلى زيادة نسب البطالة بشكل غير مسبوق.
وحذر الخبراء من المخاطر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي قد تترتب على انتشار ظاهرة البطالة.
ودعا هؤلاء الحكومة إلى إيجاد حلول خلاقة وابداعية للتخفيف من حدة الارتفاع المتزايد لمستويات البطالة، وذلك من خلال التوجه نحو توسيع قاعدة الاستثمار والتنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمشروعات والأعمال الفردية وتقديم التسهيلات والحوافز اللازمة لها والبدء في مراجعة الضرائب والرسوم المفروضة على بعض القطاعات الاقتصادية الواعدة التي يوجد بها فرص تصديرية ممكنة كقطاعات الصناعات الغذائية والدوائية والصناعات التحويلية وقطاع التكنولوجيا، إضافة إلى تدشين صناديق قروض ومنح لدعم القطاعات الصناعية والزراعية وإعادة تنظيم العمالة الوافدة، وإحلال العمالة الوطنية بدلا منها إلى جانب إجراء إصلاحات اقتصادية حقيقية، لا سيما على النظام الضريبي والتركيز على ضريبة الدخل بدلا من ضريبة المبيعات واجراء دمج حقيقي وجاد للهيئات الحكومية المستقلة إضافة إلى البدء بتنفيذ مشاريع استثمارية على مستوى المملكة ومشاريع خاصة بالبنية التحتية يتم تنفيذها من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك من خلال الاقتراض الخارجي لهذه الغاية. وكانت قد كشفت بيانات دائرة الإحصاءات العامة عن قفز معدل البطالة إلى مستوى قياسي جديد في الربع الثاني من العام الحالي؛ إذ سجل المتعطلون عن العمل 23 % بالنسبة للقادرين عليه مقارنة مع
19.3 % في الفترة نفسها من العام الماضي.
وبلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الثاني من العام الحالي (21.5 %) مقابل (28.6 %) للإناث، ويتضح أن معدل البطالة قد ارتفع للذكور بمقدار 4.4 نقطة مئوية وارتفع للإناث بمقدار 1.4 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي.
وقال وزير تطوير القطاع العام السابق والخبير الاقتصادي ماهر مدادحة، إن ارتفاع معدلات البطالة إلى هذا المستوى كان متوقعا في ظل التأثيرات السلبية التي تركتها جائحة كورونا على الاقتصاد الأردني كغيره من اقتصادات دول العالم خاصة وأنها حلت على اقتصادنا الذي لا يستطيع أن ينتج إلا فرص عمل محدودة نتيجة حالة التباطؤ الاقتصادي الذي يعيشه الاقتصاد الوطني منذ سنوات طويلة.
ونوه إلى أن هذا التصاعد في مستويات البطالة قد ينتج عنه حالة عدم استقرار اجتماعي قد تدفع الشباب إلى الانزلاق نحو سلوكيات غير محمودة من مشاكل تفكك أسري وجرائم مختلفة الأمر الذي يستدعي، ان تتضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني والدولة المختلفة لحماية السلم والأمن المجتمعي من تفشي أي ظواهر سلبية في هذا المجال.
وطالب مدادحة الحكومة بضرورة التوجه نحو الاستثمار والتنمية المحلية ودعم المبادرات الفردية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وأهمية تقديم حوافز تشجيعية لها تستطيع من تمكينها لما لها من قدرة على خلق المزيد من فرص العمل، إضافة إلى أهمية تخفيف الكلف والرسوم الضريبة المختلفة على بعض القطاعات، لا سيما القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تزخر بالفرص التصديرية، إذ يساعد هذا الإجراء على تمكينها وتعزيز قدرتها على التوسع والمنافسة، وبالتالي توفير فرص عمل إضافية، ومنها قطاعات الصناعات الغذائية والدوائية والصناعات التحويلية وقطاع التكنولوجيا إلى جانب أهمية التركيز على القطاع الزراعي التي يزخر بكثير من فرص التشغيل وفرص التصدير وعلى وجه الخصوص الزراعات الحقلية التي لا تحتاج إلى كلف إنتاج مرتفعة كبعض أنواع المزروعات الأخرى.
إلى ذلك أعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، أن أرقام البطالة المعلنة لا تعبر عن الواقع الفعلي لمعدلات البطالة المرتفعة والمرتفعة جدا والتي أصبحت بطالة هيكلية من الصعب إيجاد حلول لها، مبينا أن استمرار تسجيل نسب غير مسبوقة للبطالة يعود لعاملين أساسيين إحداهما خارجي والآخر داخلي ويتمثل الخارجي في تراجع النمو الاقتصادي العالمي وتأثر الحركة التجارية والسياحية بين دول العالم بشكل سلبي نتيجة جائحة كورونا، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة والتي أثرت نوعا ما اقتصاديا على المملكة أما العامل الداخلي والذي يعد السبب الرئيسي الأول وهو السياسات الاقتصادية الخاطئة التي انتهجتها الفرق الاقتصادية الوزارية في الحكومات المتعاقبة من نظام ضريبي مشوه وسياسات نقدية قاصرة أدت إلى تراجع معدلات النمو وبالتالي زادت من حجم البطالة بشكل كبير.
وبين الحموري أن الخطوة الأولى للتخفيف من حدة معدلات البطالة هذه تبدأ من بذل الحكومة كل الجهود الممكنة لردم الثقة بينها وبين المواطنين وانتهاج سياسات حكومية صارمة في مكافحة التهرب الضريبي إضافة إلى إجراء إصلاحات اقتصادية حقيقية، لا سيما في النظام الضريبي والتركيز على ضريبة الدخل بدلا من ضريبة المبيعات فتخفيض ضريبة المبيعات سيكون له أثر إيجابي في تنشيط الاقتصاد المحلي وبالتالي إنتاج فرص عمل إضافية إلى جانب أهمية دمج الهيئات الحكومية المستقلة بدون أي استثناءات لتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة إضافة إلى أهمية الاهتمام بالطاقة البديلة وتدشين مشاريع خاصة بها على مستوى المملكة من أجل تخفيف كلف الطاقة على الأفراد والمنشآت المختلفة وإصلاح منظومة النقل العام بشكل يشجع المواطنين الإقبال على فرص العمل حتى ولو كانت خارج المحافظة التي يقيم فيها.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة، بأن معدلات البطالة المعلنة لا تعكس الواقع وهي أكثر من ذلك بكثير فالنمو الاقتصادي المتراجع بشكل مستمر على امتداد السنوات الماضية، يؤكد بأن فرص العمل التي ينتجها الاقتصاد الوطني محدودة ومحدودة جدا إلى جانب المتغيرات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا على الاقتصاد المحلي نستطيع ان نتوصل الى نتيجة بأن أرقام البطالة الفعلية أكبر وأكثر من الأرقام التي كشفتها دائرة الإحصاءات العامة مؤخرا.
وأوضح مخامرة بأن هذا التصاعد المتواصل لمعدلات البطالة يثير كثيرا من المخاوف ويؤرق الجميع.
ودعا مخامرة الحكومة إلى تسهيل العقبات أمام الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي وتطبيق شراكة استراتيجية وحقيقية بين القطاعين العام والخاص إضافة إلى تدشين صناديق قروض ومنح واعفاءات حكومية جادة لدعم القطاعات الصناعية المختلفة والقطاع الزراعي التي يحتاج تركيز واهتمام أكبر إذا ان توفر هذا الدعم لهذه القطاعات سيعزز من قدراتها على المنافسة والتوسع وبالتالي إيجاد مزيد من فرص التشغيل داخل هذه القطاعات إلى جانب ضرورة إعادة تنظيم العمالة الوافدة وإحلال العاملة الوطنية بدلا منها في عدة قطاعات لا سيما الخدمية منها.