البطالة والحكومة والقطاع الخاص

يتفق الجميع من حكومة ومن هيئات نقابية ومؤسسات مجتمع مدني ومختصون على أن البطالة مشكلة كبيرة وخطيرة وتؤرق الدولة والمجتمع ويجب على الجميع التعاون لإيجاد حل جوهري لها.اضافة اعلان
وهذه القناعة ليست جديدة، فهي قديمة، ولكن المشكلة الخطيرة ما تزال دون حل وليس هذا فقط بل ترتفع باستمرار حيث ارتفع معدل البطالة في النصف الثاني من العام الماضي نصف نقطة مئوية ليصل إلى %19.2.
ولأن الحكومة المسؤولة دستوريا وقانونيا عن هذه المشكلة وايجاد حل لها، فهي تحاول رمي المسؤولية عن اكتافها، من خلال الاقرار بعجز القطاع العام عن تأمين فرص عمل لكافة المتقدمين والمطالبين بالعمل، فهو(القطاع العام) بحسب وزير العمل نضال البطاينة لايستطيع استيعاب اكثر من 7 إلى 8 آلاف موظف من مخزون ديوان الخدمة المدنية المتخم بأكثر من 880 ألف طلب توظيف.
ولذلك، فالحكومة والوزير يطالبان القطاع الخاص بتوفير فرص عمل للكثير من طالبي العمل، فيما الأخير يعاني من ركود غير مسبوق، يعزوه أصحاب العمل والنقابات والتجمعات التي تمثلهم لأوضاع صعبة أدت إلى ضعف ومحدودية العمل ذاته وعدم امكانية تطويره وتوسيعه.
الحكومة ووزير العمل يطالبان القطاع الخاص بتوفير فرص عمل، والأخير يشكو من سياسات الحكومة الاقتصادية التي أرهقته، ويشكو من قلة الأعمال ويشكو من الضرائب، ما يحول بينه وبين تأمين فرص عمل جديدة.
ولايتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن العاملين في القطاع الخاص، ونتيجة للأوضاع الصعبة التي يمر بها القطاع، يعيشون بقلق، ويخشون من فقدان وظائفهم ويقبلون جراء ذلك العمل في ظل ظروف صعبة ورواتب منخفضة لا توفر ولا تؤمن لهم الكثير من متطلبات العيش. وهؤلاء ينتظرون من الحكومة الكثير لتحسين ظروف عملهم والرواتب وأيضا إزالة العقبات امام القطاع الخاص حتى يتسنى له الاستقرار والتطور والتوقف عندئذ عن تهديد العاملين بشكل مباشر وغير مباشر بفقدان وظائفهم.
لهذا كله، فإن مطالبة الحكومة للقطاع الخاص بتشغيل أكبر عدد من طالبي التوظيف في ظل بقاء الأوضاع الصعبة لهذا القطاع على حالها، ماهي إلا محاولة لرمي ثقل هذه المهمة من قبل الحكومة على هذا القطاع، ومحاولة للتخلص من ضغط طالبي العمل والمجتمع.
إن مشكلة خطيرة ومتعددة الابعاد كمشكلة البطالة لايمكن حلها بهذه الطريقة الارتجالية، فهذا الأسلوب غير العملي أدى الى تفاقم المشكلة، وهذا ماتؤكده ويثبته عدم نجاح وفشل الكثير من برامج الحكومة للتشغيل.
خلال هذه الأيام سمعنا الكثير من النواب يتحدثون خلال مناقشتهم للموازنة عن المشكلة ويطالبون الحكومة بإيجاد حلول منطقية وسريعة لمعالجتها، ولكن وكما نعرف أن هذه المطالبات ليست جديدة فهي تجدد في كل المناسبات النيابية ولذلك، فإن المشكلة إذا لم تبتعد الحكومة عن المعالجة الشكلية لها، ويبتعد مجلس النواب عن وسائل الضغط الشكلية على الحكومة ستبقى تراوح مكانها إذا لم تتوسع وتتفاقم أكثر فأكثر.