البلقاء: العيد يفتح "طاقة فرج" لسيدات يعتشن من صناعة الحلويات

محمد سمور البلقاء - أسهم قرب حلول عيد الفطر، بانتعاش ما يمكن تسميته بـ"سوق الحلويات المنزلية"، وتحديدا (الكعك والمعمول)؛ إذ تجد العديد من النساء العاملات في هذه المهنة، في هذا الوقت، فرصة لتحقيق مزيد من الدخل الذي يمكنهن من المساهمة في إعالة أسرهن، في ظل ظروف اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كورونا. ووفق ما قال بعضهن لـ"الغد"، فإن مناسبة مثل عيد الفطر، تمثل بالنسبة لهن "طاقة فرج" لانتعاش دخولهن وإن كان ذلك يتطلب وقتا وجهدا كبيرين، مشيرات إلى أنهن يضاعفن طاقتهن الإنتاجية بمثل هذه الفترة، ويساعدهن على ذلك إما بناتهن أو أخواتهن أو من خلال الاستعانة بعاملات على نظام الساعة. نور عمايرة التي تسكن في مدينة السلط، وهي أم لثلاثة أطفال، تقول إن فكرة إنتاج الحلويات المنزلية وبيعها، بدأت معها قبل 4 أعوام، عندما وجدت في نفسها رغبة ملحة بأن تكون امرأة منتجة، وتسهم في إعالة أسرتها، فلجأت إلى الحصول على قرض من صندوق المرأة، لتبدأ رحلة التجهيز لمطبخها الجديد بشراء جميع المستلزمات التي تمكنها من بدء الإنتاج. بعد ذلك، بدأت نور المهمة الصعبة كما تصفها، وهي الترويج لمنتجاتها واستقطاب الزبائن، فقامت بإنشاء صفحة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والترويج من خلالها للمنتجات التي تشمل أصنافا عدة من الحلويات، فضلا عن قيامها بإبلاغ كل النساء اللواتي يعرفهن بأنها بدأت بهذا العمل. وهنا، تؤكد نور أن "صيتها" بدأ ينتشر في الحي الذي تسكن فيه، ومع مرور الوقت أخذ الطلب على منتجاتها يدخل نطاقا أوسع من مجرد الحي الذي تقيم فيه، إلى مناطق أخرى في محافظة البلقاء وحتى في عمان، مشيرة إلى أن السر في ذلك هو حرصها على جودة المنتجات والالتزام بالمواعيد مع الزبائن، إضافة إلى الأسعار المناسبة. ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لـ"أم عمر" التي قالت إنها استدانت من أحد أشقائها مبلغا ماليا قبل عامين، للبدء بالعمل في إعداد وجبات الطعام والحلويات في منطقة عين الباشا، مشيرة إلى أن شقيقاتها يقمن بمساعدتها في الإعداد والتجهيز، خصوصا إذا كانت هناك مناسبة اجتماعية كبيرة، أو حلول عيد الفطر أو الأضحى. وتقول أم عمر، إن ذلك ساعدها على أن تعتمد على نفسها بتحقيق مردود مالي، وإن كانت مبالغ بسيطة ومتقطعة، لافتة إلى أن عملها يقتصر على داخل منطقتها، دون الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي، كونها ومن يعيش معها لا يجيدون التعامل مع تلك المواقع، ومشيرة في الوقت نفسه، إلى أن العام الماضي كان صعبا للغاية بسبب إجراءات الحظر الشامل الطويل. أما "أم محمد" التي تسكن في منطقة صافوط، فتؤكد أنها تعمل فقط في فترة عيدي الفطر والأضحى، قائلة إن المطبخ في بيتها يصبح أشبه بخلية نحل لا تتوقف عن الإنتاج، ويساعدها على ذلك بناتها الثلاث، مشيرة إلى أن قصتها مع "كعك ومعمول العيد" غريبة إلى حد ما. تقول أم محمد، إن بعض أقاربها والجيران والمعارف، كانوا دائما يشيدون بمذاق "الكعك والمعمول" الذي تنتجه لمنزلها في عيدي الفطر والأضحى، ويؤكدون أنه أطيب مما يتذوقونه في أي مكان آخر، وبدأ البعض بإقناعها بأن تحقق دخلا ماديا من تلك الموهبة. وبالفعل، بدأت أم محمد قبل 4 أعوام، بأخذ طلبيات الأقارب والمعارف قبل حلول العيد، للعمل على إعدادها وبيعها لهم بأسعار مناسبة، مشيرة إلى أنه عاما بعد آخر، أصبحت تتلقى طلبيات من أشخاص لا تعرفهم مسبقا، إنما استدلوا عليها من قبل آخرين ممن تعاملوا معها. لكن أم محمد لا تفكر بالتوسع في عملها، لأنها كما تقول لا تقوى على ذلك بسبب تقدمها في العمر، مشيرة إلى أن ابنتيها متزوجتان ولا يوجد من يعينها على ذلك، ومؤكدة في الوقت ذاته أن الدخل الذي تحققه في فترة العيدين، يشعرها بحالة من الرضا عن نفسها، كونها تحقق مردودا جيدا من جهة، ومن جهة أخرى، تنفق على احتياجاتها من عرق جبينها. ومن جهة أخرى، باتت الكثير من النساء تتجنب القيام بإعداد كعك ومعمول العيد، واللجوء بدلا من ذلك لشرائه جاهزا إما من المحال التجارية، أو من العاملات في صنع الحلويات المنزلية، وهنا تقول ربة المنزل مي قاسم، إنها لم تعد منذ أعوام تعمل على إعداد كعك العيد في منزلها، نظرا لما يحتاجه ذلك من وقت وجهد، مشيرة إلى أنها تتعامل مع إحدى السيدات اللاتي يقمن بإعداده وبيعه. كما يقول الخمسيني أبو بدر، إنه دأب على شراء كعك العيد من إحدى السيدات المعروفات بإعداده بمذاق طيب وجودة عالية، وذلك على حد قوله "أقل كلفة وغلبة"، وتتفق معه بالرأي ربة المنزل عذاري حجاوي، التي تقول إنها تلجأ لشراء كعك العيد من أحد المحال التجارية المعروفة، لأنها وبسبب عملها كممرضة وأم لطفلتين، لا تجد الوقت الكافي لإعداد الكعك. ومن جهتها، تشجع خبيرة الاقتصاد، الدكتورة منى مولا، فكرة المطابخ الإنتاجية بشكل عام، كونها تنعكس إيجابيا على حياة النساء، وتساعدهن على تحقيق ذاتهن، لا سيما على المستوى المادي، لكنها أشارت إلى جملة من التحديات التي تواجه مثل هذه الأعمال، مثل القدرة على المنافسة والاستمرارية، والإبداع في التسويق، والمعرفة بأساسيات تحديد التكلفة وسعر البيع وهامش الربح. ودعت مولا، الجهات الحكومية المعنية، إلى ضرورة دعم مثل هذه الأعمال، لضمان استمراريتها، وتشجيع "نساء مترددات" على الانخراط في هذا المجال.اضافة اعلان