البنوك “التشاركية” ومشروعية المنافسة

غسان الطالب*

بعد انضمام المغرب لركب الصناعة المصرفية الإسلامية وسماحها بانطلاقة اولى هذه البنوك بمسمى البنوك التشاركية ، فقد كانت العقبة الرئيسية التي تواجة السماح للبنوك الإسلامية في العديد من البلدان هي الإجراءات المتشددة من قبل البنوك المركزية ومماطلتها في تكييف القوانين والتشريعات المالية والنقدية بحيث تراعي خصوصيتها الإسلامية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في التعاملات المالية ، كما شهدنا في السنوات الأخيرة نمواً وإنتشاراً للصناعة المالية والمصرفية الإسلامية فاجأ العديد من المراقبين وصناع القرار في الأسواق المالية العالمية والمهتمين بالصناعة المصرفية من سرعة نمو وانتشار الصيرفة الإسلامية وجودة منتجاتها في الأسواق المالية العالمية، وإن هذا القطاع واعد وينظر إلى المستقبل بثقة، حيث أصبح منافساً حقيقياً في الكثير من الأسواق المصرفية لقطاع التمويل التقليدي الذي يمتلك الخبرة عبر فارق من الزمن يتمثل بقرون عدة ، فلا غرابة أن نجد العديد من التحديات التي ما تزال تعترض مسيرة الصيرفة الإسلامية ، منها ما كنا نعنية هنا والمتمثل في االقوانين والتشريعات والأنظمة التي صيغت بطريقة تلاءم عمل المصارف التقليدية فقط، مثل المعايير المحاسبية والمالية ووسائل الرقابة التي تمارسها المصارف المركزية، وتمسكها بأدوات السياسة النقدية المبنية على سعر الفائدة.                                                                                                                            اضافة اعلان
وامام هذه التحديات التي تواجه الصناعة المصرفية الإسلامية وقدرتها على التحرك والأنتشارالسريع والكبير، فإنه يتطلب منها اليوم إعادة النظر في العديد من المفاهيم التي بدأت بها في إدارة أعمالها، عندما كانت مشاريع فردية وصغيرة الحجم، وأصبحت اليوم من الركائز الأساسية للاقتصاد الإسلامي. ولا بد من إيجاد الصيغ التشريعية والرقابية المناطة بعمل المصارف الاسلامية بما ينسجم مع خصوصية فلسفتها المالية والعقائدية ويساعدها على تأدية دورها الاقتصادي كذلك ، فالمسؤولية مشتركة مع البنوك المركزية والسلطات النقدية لضمان جودة أداء هذه الصناعة، ويحقق لها المزيد من النجاح ويمكنها من تقديم العمليات المصرفية التي تحقق لها قدر عالٍ من التنافسية، مع قناعتنا التامة بأهمية التوصيات التالية والتي اقرها البنك الدولي لتأطير العلاقة مع المصارف الأسلامية والتي مضمونها :
-  وجود إطار واضح لمنح التراخيص في دعم أنشطة قطاعات التمويل الإسلامي.
 -  متطلبات إحترازية (رأس المال والسيولة) وفقاً لمعايير “بازل 3”.
  - الحوكمة المؤسسية التى تسمح بالقيام بأعمال الحوكمة بشكل جيد من داخل المؤسسة وخارجها.
نتفق مع كافة الدعوات التي تطالب بـ “تقوية التشريعات والرقابة على المصارف الإسلامية في الدول العربية والإسلامية “، لا بل وأينما وجدت، وفي إطار قانوني ورقابي عليها، لكن ليس بالشكل الذي يحد من نشاطها ويعيق دورها الإقتصادي والإجتماعي في مجتمعاتنا، ولا يؤثر كذلك على مشروعية المنافسة في السوق المصرفي المقابل، نتفق مع ذلك من منطلق الحرص على تجربتنا المصرفية الإسلامية واتخاذ الإجراءات الإحترازية والضرورية كافة لضبط وسائل الرقابة وتطبيق مبدأ الحاكمية لضمان حماية أصول هذه المصارف وحماية حقوق المساهمين والمودعين، وكذلك سلامة المركز المالي لها، خاصة أن المودعين أصحاب الودائع الإستثمارية يتعرضون لمخاطر كبيرة بسبب طبيعة الإستثمار المبني على أساس المشاركة في الربح والخسارة.

*باحث ومتخصص في التمويل الاسلامي