التحديات الاستراتيجية من إيران إلى الداخل

فلسطينيون ونشطاء خلال تظاهرة مناهضة للاحتلال في القدس المحتلة-(ا ف ب)
فلسطينيون ونشطاء خلال تظاهرة مناهضة للاحتلال في القدس المحتلة-(ا ف ب)

معاريف

بقلم: تل ليف رام

اضافة اعلان

تفتقر دولة إسرائيل لمفهوم استراتيجي شامل، ثابت وبعيد الرؤية حيال سلسلة التحديات التي تقف أمامها -من النووي في إيران وحتى التهديدات من الداخل. هكذا يدعي باحثو معهد بحوث الأمن القومي في التقرير السنوي حول وضع الدولة الاستراتيجي الذي رفع أمس الى رئيس الدولة اسحق هرتسوغ.
مثلما في كل سنة، هذه المرة أيضا يشير أعضاء المعهد إلى أنه في مركز التحديات لإسرائيل تقف إيران التي تواصل سعيها الى حافة النووي، وتحت تصرفها، حسب باحثي المعهد، كل القدرات اللازمة للانطلاق نحو قنبلة نووية في مدى زمني لأسابيع. وإلى جانب النووي ستواصل إيران جهودها لبناء قدرات عسكرية مجاورة للحدود مع إسرائيل، من خلال تفعيل قوات تعمل تحت رعايتها وتسليحها بالصواريخ، المقذوفات الصاروخية، الأدوات الطائرة غير المأهولة والنار الدقيقة.
لكن، رغم التهديدات من إيران، يعتقد الباحثون أنه بخلاف سلم التهديدات الذي عرضه المعهد في السنوات الأخيرة، في السنة القريبة فإن التهديدات المركزية الثلاثة: النووي الإيراني، الساحة الفلسطينية والساحة الداخلية في إسرائيل، توجد في مستوى خطورة مشابه. وبالتالي فإن التحدي المركزي لدولة إسرائيل ومؤسسات الحكم هو التصدي للتحديات بالتوازي.
في الساحة الفلسطينية، كما يعتقد المعهد فإن هذه ليست ساحة ثانوية يمكن احتواؤها بخدع عابثة تتمثل بـ"تقليص النزاع". فغياب حل في الأفق للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، حسب التقرير، هو تهديد خطير على هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وعلى مكانتها في الساحة الدولية.
وفقا لموقف المعهد، الذي يترأسه البروفيسور مانويل تريختنبرغ وبين باحثيه شخصيات مركزية عنيت بأمن الدولة في السنوات الأخيرة، مثل رئيس الأركان السابق غادي آيزنكون ورئيس هيئة الأمن القومي المنصرف مئير بن شباط، وشخصيات بارزة أخرى من الأكاديميا، فإن الوضع الأمني في يهودا والسامرة يقف على حافة الغليان، وذلك على خلفية مشكلة الحوكمة وضعف مكانة السلطة الفلسطينية على الأرض.
السلطة من شأنها أن تصل حتى الى وضع انعدام الأداء. وفي المعهد يقدرون بأن هذا الميل من المتوقع أن يحتدم في السنة القريبة المقبلة، حيث إن أجزاء في المجتمع الإسرائيلي، وأساسا الجيل الشاب، تدفع الى الأمام بفكرة الدولة الواحدة. في المجال الدولي يقلق الباحثون النقد اللاذع المتعاظم تجاه إسرائيل، بينما يصعب على الولايات المتحدة تحت إدارة بايدن حماية المصالح الإسرائيلية.
في هذا الواقع، يعتقد المعهد أنه يبرز الخطر لإجراءات قضائية ضد إسرائيل وتعريفها كدولة أبرتهايد.
الى جانب الساحة الفلسطينية، يشدد الباحثون بشكل خاص على التهديدات في الساحة الداخلية: الاستقطاب داخل المجتمع اليهودي، التآكل في الثقة بمؤسسات الدولة ومشاكل الحوكمة القاسية التي وجدت تعبيرها في حملة حارس الأسوار.
حيال التهديدات، يشير الباحثون الى الفوارق بالجاهزية لسيناريوهات حرب متعددة الجبهات وكثيرة الإصابات، حيث إنه بالتوازي ستكون أحداث عنف بين العرب واليهود واضطرابات خطيرة في المدن المختلطة.
في المعهد يشيرون الى أن هذا تهديد خطير على أمن إسرائيل يتعاظم أكثر في ضوء ضعف شرطة إسرائيل ونشوء جيوب عديمة السيطرة.
حسب التقرير، يوجد تغيير مقلق في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويذكر فيه أن "تعلق إسرائيل بدعم الولايات المتحدة مستمر، لكن المساعدة التي يمكن لواشنطن أن تقدمها لإسرائيل تتآكل بسبب الاستقطاب الداخلي في الولايات المتحدة وبسبب تركيز الاهتمام الأميركي على المشاكل الداخلية والصراع مع الصين".
على هذه الخلفية، يدعي المعهد بأنه يقل استعداد الإدارة للإنصات للمصالح والاحتياجات الإسرائيلية حيال إيران ولكن أيضا في المسألة الفلسطينية.
في توصيات المعهد، كتب أن إسرائيل ملزمة بأن تغير سلم الأولويات الوطني وأن تركز على إعادة الحوكمة ورأب الصدوع في المجتمع الإسرائيلي. يوصي الباحثون ببلورة استراتيجية حديثة، تتلاءم والتحديات، وإقامة أجهزة تخطيط وعمل مشتركة للوزارات الحكومية المختلفة. وبالتصدي لإيران يوصي المعهد ببلورة سياسة للتصدي لواقع اتفاق نووي وكذا لواقع بلا اتفاق، في ظل إعداد خيار عسكري -مع التفضيل للتنسيق مع الأميركيين- ومواصلة الأعمال حيال إيران في المعركة التي بين الحروب، وذلك بهدف منع تموضع إيران وحلفائها قرب حدود إسرائيل.
في الساحة الفلسطينية، يوصي الباحثون بالعمل على خطوات سياسية غايتها تعزيز السلطة الفلسطينية وتحسين نسيج الحياة المدني في مناطق الضفة. بالمقابل، كتب في التقرير أنه يجب الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تدفع الى الأمام واقع الدولة الواحدة.