التحدي الأوروبي

معاريف

بقلم: زلمان شوفال

اضافة اعلان

17/4/2019

مع صدور نتائج الانتخابات، كان هناك من بعث بالورود وآخرون بالاشواك. وكما كان يمكن أن نتوقع، فان الرئيس ترامب، رئيس وزراء الهند مودي، مستشار النمسا كوتس، رؤساء دول في شرقي اوروبا والرجل القوي في حكومة ايطاليا، وزير الداخلية سلبيني، سارعوا الى تهنئة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على انتصاره. اما الاخرون فينتظرون، حاليا.
وفقا للممارسة الدبلوماسية فانه وان كان من غير الواجب مثل هذه التهاني، الا ان الامتناع عنها من شأنه أن يفسر، بغير قصد، كإعراب عن الاستياء. في الحالة الراهنة من المعقول ان تكون الحكومات والزعماء ممن لم يبعثوا بعد بتهانيهم ببساطة يفضلون الانتظار الى أن يكلف الرئيس نتنياهو بمهامة تشكيل الحكومة بشكل رسمي.
ومهما يكن من امر، فان الاشواك وفرها كاتبو المقالات الافتتاحية والصحفيون خائبو الامل في وسائل الاعلام الغربية ممن أملوا في التغيير، وقبل الانتخابات انضموا الى جوقة "كله الا بيبي"، متجاهلين على نحو شبه تام لفكرة الانتخابات الحرة التي تتم في الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة.
قال العنوان الرئيس في صحيفة "فايننشال تايمز" كل شيء: "انتخاب نتنياهو سيوقع مصيبة على اسرائيل". كل ذلك دون التكلف بعناء الشرح لماذا، باستثناء الادعاءات الاعتيادية في الموضوع الفلسطيني، ودون التناول، بالطبع، للحقائق مثل موقف نتنياهو المسؤول والحذر ضد الانجرار الى حروب زائدة أو الى شبكة العلاقات الاسرائيلية المتسعة مع العالم العربي.
وبالغ بعض من كتاب المقالات المهمين في الصحافة الاميركية، بالمعنى السلبي للكلمة، وعلى رأسهم توماس فريدمان ورودجر كوهن من "نيويورك تايمز" وكلاهما يهوديان. ففريدمان وكوهن ليسا عدوين لاسرائيل ولا يرفضان الرؤيا الصهيونية، ولكن موقفهما من نتنياهو والوسط – اليمين الاسرائيلي بعمومه احادي الجانب، وليس من اليوم. مستقبل دولة اسرائيل مهم لهما، ما ليس بالضرورة صحيحا بالنسبة لمحللين آخرين يهاجمون اسرائيل وحكومتها، ويشكل فريدمان وكوهن حجة غيبة لمواقفهم المناهضة لاسرائيل.
كما يستند بعض من السياسيين الديمقراطيين اليساريين الذين يتنافسون على ترشيح حزبهم للرئاسة، بمن فيهم السناتورة اليزابيت وورن من ولاية مساشوستس، السناتوران بيرنس ساندرز من فيرمونت وكاميلا هارس من كاليفورنيا، وكذا بيتوا فرورك، الى مقالات من النوع آنف الذكر لمناكفة اسرائيل.
قبل الانتخابات، طلب مني محفل اكاديمي مستقل أن اكتب بعض النقاط لتوجيه الحكومة الجديدة في مجال السياسة الخارجية (دون صلة بمن يرأسها). وفي ردي تناولت بضعة مواضيع، سواء ادارية أم جوهرية، مثل الحاجة الى لقاءات عاجلة بين وزير الخارجية الجديد وبين نظرائه في بلدان مختلفة، الحاجة الى زيادة ميزانية وزارة الخارجية وتحديد تعريف أوضح لنشاط المحافل المختلفة في الدولة في مجال الدبلوماسية العامة (الاعلام الرسمي).
اشرت الى أن الموضوعين الرئيسيين في ميدان السياسة الخارجية – العلاقات مع أميركا والمسألة الفلسطينية (والعلاقة بينهما) – يجب ان يبقيا في المستقبل ايضا في مجال العناية الحصرية لرئيس الوزراء. في ضوء نتائج الانتخابات، أي اعادة انتخاب نتنياهو، فان هذا القول مفهوم من تلقاء ذاته (وينبغي أن يضاف الى ذلك ايضا العلاقات مع روسيا بوتين).
اضافة الى ذلك، اذا ما تقدم الرئيس ترامب لصفقة القرن حقا، فهذه ستصبح على أي حال الموضوع الاساس في مجال العلاقات الخارجية (والداخلية) لاسرائيل والعناية بها ستتم بشكل طبيعي في مكتب رئيس الوزراء. ولكن وزارة الخارجية ورئيسها ايضا سيبقى لهما بالتأكيد مجال عمل مهم في مواضيع حيوية اخرى، بما فيها العلاقات المهمة والاشكالية مع اوروبا.
لقد نجح رئيس الوزراء في السنوات الاخيرة في تصميم شبكة علاقات وثيقة مع دول "فيسغراد" في شرقي القارة. وهذه العلاقات بالتأكيد يجب أن تحفظ وتعمق، ولكن ليس على حساب العلاقات المهمة بقدر لا يقل مع دول غربي اوروبا التي تتحكم بالقبة في بروكسل.
تمر على علاقات اسرائيل – غربي اوروبا منذ سنين مسيرة سلبية كنتيجة للمواقف غير المريحة لنا التي يتخذها الاتحاد الاوروبي من المسألة الفلسطينية ومواضيع المناطق والقدس. ومع ذلك، فان القاسم المشترك بين اسرائيل ودول غربي اوروبا في مجالات الثقافة، الاقتصاد والحياة اليومية، وبشكل كامل في الامن ايضا، ناهيك عن الجاليات اليهودية هناك، هو ثان فقط للعلاقات مع الولايات المتحدة. على وزير الخارجية الجديد أن يرى باهمية هذا الموضوع وان يعمل على عجل.