التحدي المعرفي في الصناعة المصرفية الإسلامية


الانتاج المعرفي والتعامل معه في المؤسسات الانتاجية ليس له سقف او حدود ورقية نقف عندها بل هو فضاء رحب وواسع مع ما يشهده العالم من تسارع علمي واستكشافي متمثلا في ثورة الاتصالات والمعلومات والتطور التكنولوجي الذي يشمل كافة مناحي الحياة وخاصة ما يتعلق بالجانب الانتاجي والذي احيانا ما يؤثر في السلوك الاجتماعي والثقافي لأفراد المجتمع، بحيث لم تعد معها الاصول المادية لأي منشئة انتاجية هي المحدد الرئيسي للعملية الانتاجية سواء كانت سلعية او خدمية بل  دخل مفهوم جديد للاصول المساهمة في العملية الانتاجية وهو الاصول المعرفية والتي هي في النهاية تمثل رأس المال المعرفي في حدوده العلمية والتكنولوجية المتابع والمتفاعل مع التطور السريع في انتاج المعرفة بشقيها الفكري والتكنولوجي المرتبط  في إنتاج افكار جديدة أو تطوير الموجود منها اصلا والقائم عليه عمل المنشأة، لهذا لايمكن فصله عن رأس المال البشري بما يمثله من مجموعة خبرات ومعرفة يمتلكها العاملون او القائمون على العملية الانتاجية وبالتالي سوف ينعكس ذلك على اداء المنشأة، هذا من جانب ومن جانب اخر فإنه يساهم في تطوير الافكار والفلسفة القائمة عليها المنشأة مما يساعدها على التقدم والتطور وتحسين مستوى الانتاج.اضافة اعلان
ما نرغب الوصول اليه من هذه المقدمة هو القول بأن الصناعة المصرفية الإسلامية معنية في مجاراة ثورة المعرفة لما شهدته في السنوات الأخيرة من نشاط متميز في قطاعي التمويل والاستثمار الملتزمين بمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، إضافة إلى الاهتمام بجانب الخدمات المصرفية ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي لتطوير أدائها، فهي نشأت في مجتمعات تطبق وتتعامل مع نظم مصرفية تقليدية مما فرض عليها نوعا من التحدي الأمر الذي تطلب وجود رأس مال بشري، يمتلك المعرفة التي تنسجم مع خصوصيتها في جانب العمل المصرفي وكذلك معرفة في الضوابط الشرعية للمعاملات المالية وما يرافقها من تطور في المعايير الفقهية او المحاسبية  التي تنسجم مع فلسفتها، ويتصف كذلك بامتلاك المهارات والقدرات التي تناسب طبيعة هذه المصارف؛ نظرا لحجم التحدي الذي تواجهه من جانب ومن جانب آخر حتى تكون قادرة على جذب المودعين وتقديم الخدمات المصرفية اللازمة لمعاملاتهم المالية المنسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية والمنافسة لمثيلاتها في البنوك التقليدية، إضافة إلى قدرتها في البحث عن فرص الاستثمار المناسبة والتي تلبي رغبة المودعين، ثم إدارة العمليات الاستثمارية بالشكل الذي يقلل من ارتفاع درجة المخاطرة والسعي لكسب حصة أكبر من السوق المصرفي .
وحتى تستمر صناعتنا المصرفية الاسلامية في تميزها والمحافظة على مكتسباتها المحلية والعالمية والتركيز على كافة العناصر التي تقودها الى النجاح والتطوير المستمر لأدائها فإننا نوصي في الاستمرار والتركيز على النواحي التالية :
-  التحديث والمتابعة المستمرة لكافة الوسائل العلمية والتكنولوجية وكل ما هو جديد ومتعلق بالعمل
      المصرفي وتطوير ادائه وخدماته.
- التدريب والتطوير المستمر لكافة العاملين في القطاع المصرفي الإسلامي، لما له من أهمية في تنمية مهارات العاملين وتطوير قدراتهم لتقديم الأفضل من الخدمات المصرفية الإسلامية وبالجودة التي تخدم المودعين.
- التوجه إلى الجامعات والمراكز الأكاديمية لإعطاء المزيد من الاهتمام للتخصصات المتعلقة في المصرفية الاسلامية والمعاملات المالية الملتزمة بالشريعة الإسلامية لتعزيز ورفد هذا القطاع بكوادر تمتلك العلم والمعرفة.
- عقد المزيد من المؤتمرات وورش العمل والندوات التي يكون الهدف منها تعميق ونشر ثقافة المصرفية الإسلامية، لإيصال رسالة المصارف الإسلامية ومواكبة كل ما هو جديد في القطاع المصرفي ليتمكن من الابتكار وتقديم منتجات مالية جديدة وذات هدف.
 إن المصرفية الإسلامية بعد هذا الانتشار والتوسع في أنحاء شتى من العالم وحيازتها على ما يقارب 15 % من السوق المصرفية العالمية وكما صنعت هذا الانجاز الرائع فإنها مطالبة باللاستمرار في البحث والتعامل مع رأس المال المعرفي كعنصر ومكون رئيسي في العملية الانتاجية الى جانب الاصول المادية والاصرار على تجاوز تحدياته ، للمحافظة على منجزاتها في الجودة والابداع .

*-خبير في التمويل الاسلامي