التداعيات الاستراتيجية لجعل القدس عاصمة لإسرائيل

باكستانيون يحرقون العلم الأميركي احتجاجاً على الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل - (أرشيفية)
باكستانيون يحرقون العلم الأميركي احتجاجاً على الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل - (أرشيفية)

أنتوني كودسمان – (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية) 7/12/2017

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

اضافة اعلان

إعلان الرئيس ترامب يوم 6 كانون الأول (ديسمبر) أن "الوقت قد حان للاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل"، وتوجيهه "وزارة الخارجية للبدء بالاستعداد لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس"، سوف يلحق الضرر بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ولإسرائيل على حد سواء. وهو ينطوي على مشكلتين حاسمتين: إنه يضر بالمصالح الأميركية والإسرائيلية عن طريق إثارة الغضب في العالم العربي بشكل كبير؛ وهو يعطي إيران وحزب الله وسورية الفرصة لاستغلال هذا الغضب والانقسامات.
لم يكن هناك أي سبب منطقي لاستفزاز العالم العربي. وكل ما كان على الرئيس ترامب أن يفعله ليساعد إسرائيل هو أن يتجاهل خطاب حملته الانتخابية والمتشددين السياسيين في إسرائيل، وأن لا يفعل أي شيء. ففي كل عام منذ العام 1967، خلقت إسرائيل ببطء حقائق جديدة على الأرض في القدس وفي الضفة الغربية. وأصبحت القدس بثبات أكثر يهودية، وتوسعت المناطق اليهودية في القدس الكبرى في اتجاه الشرق إلى النقطة التي وصلت فيها فعلياً إلى حافة المنحدرات المطلة على وادي نهر الأردن.
لا يريد أي أحد في العالم العربي لهذا أن يحدث. وكانت هناك اعتراضات لا حصر لعددها من الفلسطينيين وبعض الاصطدامات في القدس –وكذلك من الأنصار الخارجيين لعملية السلام وحل الدولتين. ومثل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، عملت هذه المراكمة التدريجية للحقائق على الأرض على تقليص الفرص في العالم الحقيقي للعودة إلى خطوط وقف إطلاق النار في العام 1967، وكذلك آفاق التوصل إلى تسوية سلمية قابلة للحياة على أساس حل الدولتين.
في الوقت نفسه، قادت الانقسامات العميقة داخل العالم العربي، والافتقار إلى الوحدة الفلسطينية والقيادة الفعالة، والمخاوف التي تكونت لدى الدول العربية الرئيسية، مثل السعودية، من إيران، قادت كلها إلى أن تصبح الاعتراضات العربية أكثر خفوتاً باطراد وأقل فعالية، كما جعلت جهود السلام الخارجية عاجزة إلى حد كبير عن الحد من توسيع مناطق السيطرة الإسرائيلية.
كان من شأن عدم القيام بأي شيء أن يسمح لهذا التوسيع للحقائق على الأرض في العالم الحقيقي بأن يستمر بلا نهاية. وكانت القدس الكبرى ستتمكن من الاستمرار في النمو مع الحد الأدنى من الاعتراضات العربية –الضئيلة والمحدودة أصلاً إلى حد كبير. وكان السكان اليهود الإسرائيليون سيستمرون في الازدياد، وكان السكان الفلسطينيون في القدس سيستمرون في أن يصبحوا تحت مزيد من الضغط.
كانت الاعتراضات الخارجية ستظل غير فعالة بنفس المقدار، وكان تهديد قيام مفاوضات سلام حقيقية تؤثر فعلياً على الحقائق على الأرض سيظل ضئيلاً. وربما كانت القدس قد افتقرت إلى لقب العاصمة الرسمي، و"الإثارة" التي تنطوي عليها استضافة المزيد من السفارات، لكن كل شهر يمر وكل سنة تمر كانت تجعل القدس أكثر إسرائيلية من دون خلق معارضة سياسية جديدة أو صعود في التهديد لإسرائيل.
كان عدم القيام بشيء سيتجنب إعطاء إيران، وحزب الله، وربما روسيا وسورية، الذخيرة السياسية لاستخدامها ضد إسرائيل، أو ضد شركاء أميركا من العرب الاستراتيجيين، ولم تكن الولايات المتحدة ستسر اليمين المتشدد في إسرائيل، أو أن تعطي المساعدة السياسية لنتنياهو شبه المحاصر، أو متطرفي إسرائيل الذين يشكلون تهديداً لمصالح إسرائيل الاستراتيجية الجوهرية بنفس مقدار التهديد الذي يشلكه عليها أكثر أعدائها العرب تفانياً. لم تكن المطالبة بالأشياء الخطأ بصوت عالٍ جداً وفي وقت مبكر جداً قد ساعدت إسرائيل في أي وقت من الأوقات، وإنما كانت تلحق الضرر بها فقط.
باختصار، ستكون النتيجة النهائية لإعلان الرئيس الأميركي حول القدس تقويض أمن إسرائيل، وخلق مشكلات رئيسية لحلفائنا العرب، والإضرار بصورة أميركا وموقفها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أثار الإعلان مسبقاً معارضة واسعة، وشكوكاً جديدة في قيادتنا لدى حلفائنا الأوروبيين، ويحتمل كثيراً أن يستخدمه الإرهابيون الإسلاميون والمجموعات المتطرفة في عمليات التجنيد.

*أستاذ كرسي أرليه أ. بورك للاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Strategic Impact of Making Jerusalem the Capital of Israel

[email protected]