التدخل الأردني في سورية!

بثت إحدى الفضائيات تقريرا عن وجود حشود عسكرية على الأراضي الأردنية المحاذية للجنوب السوري. وتحدث التقرير بالتفصيل عن اعداد الجنود والاليات وانواعها، وأكد التقرير ان هذه الحشود تهدف الى تنفيذ عمليات عسكرية أردنية أميركية بريطانية في الأراضي السورية، ودعمت الفضائية تقريرها بصورة توضح موقع الحشود والاليات، ليتبين لاحقا ان التقرير لا أساس له من الصحة وان الصورة التي تم استخدامها في التقرير هي صورة لمخازن للآليات العسكرية الخارجة من الخدمة. اضافة اعلان
في لقائه مع مجموعة من ممثلي وسائل الإعلام، أكد الملك أن الأردن غير معني بعمل عسكري داخل الأراضي السورية. وقال حرفيا "نحن مستمرون بسياستنا في الدفاع في العمق دون الحاجة لدور للجيش الأردني داخل سورية"، ولا اعلم ان كان هناك كلام أكثر وضوحا، ومع ذلك يصر البعض على الاستمرار في حبْك الروايات ومحاولة الاحتكاك بالأردن.
لم يكن الأردن يوما دولة مراهقة، واتسمت السياسات الأردنية الخارجية بشقيها؛ الدبلوماسي والأمني العسكري بالرشد، وبالتالي فمن غير المحتمل على الاطلاق ان يزج الأردن بنفسه في اتون مغامرة غير محسوبة العواقب، وقد نجحت السياسة الأردنية على مدى عقود في تجنيب البلاد العديد من المشاكل على الرغم من أن الأردن يقع في عين العاصفة وتحيط به مختلف أنواع واشكال النزاعات والحروب والاضطرابات.
كما ان الأردن أكد مرارا وتكرارا، وعلى لسان مسؤوليه السياسيين والعسكريين، أن الحل في سورية لن يكون الا حلا سياسيا، باستثناء التعامل مع المنظمات الإرهابية والتي يعتبر الأردن الرسمي والشعبي ان القضاء عليها أولوية وطنية استراتيجية، وان التعامل معها يجب أن يكون بأقصى درجات الحزم والحسم.
المتابع للسياسات الأردنية فيما يتعلق بالموضوع السوري يمكنه ان يستنتج بكل سهولة ان الأردن لا يمكن ان ينخرط في أي عمل عسكري، او حتى سياسي، بمعزل عن التوافقات الدولية، وأن الأردن سعى ويسعى بكل قوته للمساهمة في خلق أرضية يمكن للقوى الإقليمية والدولية ان تنطلق منها للوصول الى حل سياسي لما يدور في سورية، ولذلك فمن الغريب ان يتم توجيه أصابع الاتهام بين فترة وأخرى الى الأردن بأنه ينوي التدخل عسكريا في سورية.
لن يتحرك الأردن خطوة واحدة الا من خلال توافق دولي مدعوم بقرار من الأمم المتحدة، ولن يكون هذا التحرك قتاليا بالتأكيد، بل سيهدف (إن حصل) الى تشكيل مناطق آمنة يمكن من خلالها تقديم الخدمات الإنسانية للاجئين والنازحين من ناحية، وقطع الطريق على أي اعمال إرهابية محتملة من ناحية أخرى، وأكرر أن هذا التدخل لن يكون اردنيا، ولكنه سيكون ضمن توافق دولي إقليمي واضح.
الأمر الوحيد المؤكد هو أن الأردن لن يسمح على الاطلاق بأي تهديد قد يطال أراضيه أيا كان مصدره، وأن القوات المسلحة الأردنية ستتعامل بكل حزم مع أي عمل عدائي على الحدود، كما أن الأردن سيستمر في دوره السياسي سعيا الى حل الأزمة في سورية ودوره الإنساني الذي يقوم به منذ سنوات فيما يتعلق بضحايا هذه الحرب من المدنيين.