التدخين مرة أخرى

ليس جديدا ربط التدخين والبدانة بالأمراض المختلفة، وخاصة ما يسمى بالأمراض غير السارية لعلاقتهما البينة بأمراض القلب والشرايين والسرطان وليست موضع خلاف، لكن الجديد هو ربط كل من التدخين والبدانة بزيادة احتمالية الوفاة بفيروس كورونا، فقد خلصت دراسة نشرت مؤخرا وشارك فيها باحثون من بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج أن الأفراد المدخنين والذين يزيد مؤشر كتلة الجسم عندهم على 30 معرضون اكثر من غيرهم للوفاة بالفيروس، كما وجد الباحثون علاقة سببية ملحوظة بين زيادة احتمالية الوفاة بفيروس كورونا وبعض التحورات الجينية المرتبطة بالتدخين والبدانة.اضافة اعلان
قبل هذه الدراسة كان أكثر العوامل حضورا في التفاوت في نسبة الوفيات بالفيروس بين الدول هو التقدم في العمر، فضلا عن انتشار الأمراض المزمنة وطبعا مدى نجاعة النظام الصحي والتفاوت في مستوى الرعاية الصحية بين الدول.
أعتقد أن ما خلصت إليه هذه الدراسة يعنينا في الأردن أكثر من أي دولة أخرى، فنحن نصنف من الدول الأكثر انتشارا لكلا العاملين، ففي مجال التدخين نحتل أحد المراكز الثلاثة الأولى على مستوى العالم، بل لقد صنفنا أحد التقارير بأننا الدولة الأولى عالميا في هذا المجال، أما بالنسبة للبدانة فنأتي ضمن الدول الأكثر انتشارا على مستوى الدول العربية حسب أحدث التقارير، وإذا ما أضيف لهذين العاملين الانتشار الواسع لأمراض مثل القلب والسكري والسرطان؛ فإنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تزايداً ملحوظاً في نسبة انشغال أسرّة العناية المركزة في المستشفيات، قد لا يكون نظامنا الصحي المنهك أصلا قادرا على التعامل معها.
لقد أصبح جليا اليوم أن التحدي الأكبر في معركتنا مع الوباء ليس في أعداد الحالات الجديدة وانما في قدرة نظامنا الصحي على التعامل مع تلك التي تحتاج الى دخول المستشفيات وخاصة أقسام العناية الحثيثة في ظل النقص في عدد هذه الأسرة وندرة أعداد الأطباء والممرضين والفنيين أصحاب الخبرة في هذا المجال.
رغم المحاولات المحمومة من قبل العلماء لاكتشاف علاج ناجع أو مطعوم فعال ضد هذا المرض، إلا أن تداخلات الصحة العامة غير المكلفة هي الأكثر فعالية حتى الآن سواء في مجال الوقاية من المرض ابتداء أو في التخفيف من بعض أعراضه الصعبة.
نحن أمام فرصة مناسبة لتغيير نمط حياتنا، ومن يدري، قد نضرب أكثر من عصفور بقرار واحد!