التسوس ينخر أسنان الطلبة.. والإجراءات "مكانك سر"

طفل مصاب بنخر أسنان-(أرشيفية)
طفل مصاب بنخر أسنان-(أرشيفية)

حنان الكسواني

عمان- منذ عشرة أعوام ونيف وأرقام الإصابات بأمراض الفم والاسنان بين طلبة المدارس الحكومية تراوح مكانها حتى ثبتت النسبة عند 74 % ويتم تحويل ما نسبته 66 % من المصابين للمعالجة في العيادات السنية الحكومية.اضافة اعلان
هذا الرقم الثابت الموثق في التقارير الإحصائية السنوية الصادرة عن وزارة الصحة، والذي وصفه خبراء في الصحة السنية تحدثوا لـ"الغد" بـ"الصادمة"، يكشف عن مدى تجاهل ما يزيد على 12 وزيرا أداروا دفة وزاة الصحة لهذا الملف الذي لم يكن ضمن اولوياتهم مقارنة بالملفات الطلابية الساخنة قبل وبعد الجائحة.
ورغم أن منظمة الصحة العالمية صنفت تسوس الأسنان بـ"الوباء العالمي"، يرى نقيب أطباء الاسنان عازم القدومي في حديثه لـ"الغد أن ارتفاع نسب أمراض صحة الفم والاسنان في الأردن "يعود الى افتقاره الى عمل ممنهج والوقوف عند نظام الفزعة في علاج المشاكل عن طريق تغليفها بإجراء تجميلي".
وبما أن المشكلة واضحة للحكومة متمثلة بذراعيها "الصحة" و "التربية والتعليم" حول انتشار امراض الفم والأسنان بين الطلبة بخاصة الصفوف الأساسية الأولى، بحسب القدومي، فلا بد من تطبيق إجراءات عملية وقائية قابلة للتطبيق كإجراء الفحوص الدورية للطلبة مرتين سنويا بالإضافة الى توفير المخصصات المالية لشراء الفلوريد وتوزيعها مجانا على الطلبة لحماية اسنانهم.
ولم تقتصر الحلول عند هذا الحد، بل أشار القدومي إلى ضرورة تثقيف أولياء أمور الطلبة بطرق الوقاية منها ما يساهم في تجنب الأسباب المؤدية للتسوس، مؤكدا أن الاعتناء بالأسنان مبكرا سيوفر الملايين على خزينة الدولة التي تنفقها على علاج الناس في العيادات السنية الحكومية المجانية والأمراض الأخرى التي تنتج عن الأسنان منها أمراض الجهاز الهضمي".
وبالعودة الى التقرير الإحصائي السنوي الصادر عن وزارة الصحة 2020، فإن مجموع عيادات طب الاسنان في المملكة (431)، 42 منها في محافظة اربد، و39 في العاصمة عمان، أما الأقل حظا في خدمات طب الاسنان فكانت من نصيب سكان الأغوار الجنوبية الذين يتعالجون بـ3 عيادات فقط.
ونظرا لأهمية الصحة السنية في المدارس، أشار القدومي الى أن النقابة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم واستنادا لقانون الصحة العامة ابرمت اتفاقية لتقديم الخدمات الصحية والسنية للصحة المدرسية في المؤسسات التعليمية الخاصة.
"لو اتبعنا برنامجا وقائيا من خلال تشجيع الأطفال على تنظيف اسنانهم باستخدام معجون اسنان رخيص او غالي الثمن بشكل منتظم، فستنخفض نسبة المشاكل الى 80 %" وفق القدومي الذي استشهد بنجاح تجربة بعض الدول الأوروبية التي منهجت عملها بمكافحة هذه الامراض عن طريق البرامج الوقائية وخفضت من البرامج العلاجية المكلفة.
وتتفق الخبيرة في مجال الصحة السنية منى الخطيب مع القدومي من حيث منهجة العمل في الصحة السنية بين طلاب المدارس، ومتابعة عملية تحويلهم للعلاح في عيادات خاصة حكومية للطلبة بعد انتهاء دوامهم تفاديا لتغيبهم عن الدوام المدرسي، قائلة "ستبقى الأرقام كما هي اذا لم يتم وضع برامج وتنفيذها على ارض الواقع".
واقترحت الخطيب وهي رئيسة قسم الصحة السنية السابقة بوزارة الصحة "انعاش فكرة التأمين الصحي للأسنان بحيث يغطي طلاب المدارس وتحديدا طلاب الصف الرابع الذين تتشكل لديهم الأسنان الدائمة بدون اهدار فرصة إقامة البرنامج الوقائي لصفوف طلبة الصف الأول (6 سنوات) الذين يراجعون المراكز الصحية لإجراء الفحص الدوري لهم والكشف عن صحة الفم ووضع المادة السادة اللاصقة حول اسنانهم مجانا لحمايتها من مرض التسوس.
ويشير التقرير السنوي لمديرية الصحة المدرسية للعام الدراسي 2019-2020 الى ان حوالي 100 ألف طالب وطالبة من الصفوف الاول والرابع والسابع لديهم إصابات نخر (تسوس) بأسنانهم الدائمة نصفهم (50 %) بين طلبة الصف السابع، وحوالي 15 ألف طالب وطالبة فقدوا بعض أسنانهم.
مديرة مديرية الصحة المدرسية سمر بطارسة قالت ان الوزارة وبالتنسيق مع وزارة التربية تولي اهتماما لصحة الفم والاسنان من خلال الفحص الدوري مرتين سنويا لطلبة المدارس بحسب الفئة المستهدفة، بالإضافة الى منع أي مادة غذائية في المقاصف المدرسية قد تؤثر على اسنان الطلبة.
ومنذ عودة المدارس الى التعليم الوجاهي، باشرت المديرية بتشكيل أعضاء لجنة وطنية متخصصة بعلم طب الاسنان للتوصل الى اهم أولويات البرامج الوقائية لحماية اسنان الطلبة في المراحل المبكرة، لافتا الى "أن احدى طرق الوقاية إعادة برنامج مادة الفلورايد مجانا على الفئة المستهدفة من الطلبة".
يشار الى أن هناك برنامجا لوزارة التربية والتعليم قبل أن توقفه العام 2018 يهتم بتدريب المرشد الصحي أو مربي الصف على برنامج المضمضة بمحلول الفلورايد للطلبة المشمولين وهم طلبة الصفوف الأساسية (الأول، الرابع، السابع) بواقع مرة واحدة أسبوعيا وعلى مدار العام الدراسي، وتوثيق عملية المضمضة في سجل الخدمات الصحة المدرسية، بحسب بطارسة.
وتعرِّف منظمة الصحة العالمية صحة الفم بأنها "السلامة من الآلام المزمنة التي تصيب الفم والوجه ومن السرطان الذي يصيب الفم والحلق، والتقرحات التي تصيب الفم والأمراض التي تصيب دواعم الأسنان (اللثّة) وتسوّس الأسنان وفقدانها وغير ذلك من الأمراض والاضطرابات التي تحدّ من قدرة الفرد على العضّ والمضغ والابتسام.
وتشمل الخدمات الشاملة للصحة المدرسیة في المراكز الصحیة في المملكة للعام الدراسي (2019-2020) أمراض الفم والأسنان للصفوف الأول والرابع والسابع، ونخر الأسنان، التهاب اللثة، سوء إطباق، تكلس وتفلور، كسور أسنان أمامية، حيث بلغت نسبة المصابين بواحد أو أكثر من هذه الأمراض 74 % وبعدد 173021، وتم تحويل 66 % منهم للمعالجة.
وكانت أعلى نسبة من بين هذه الأمراض السنية: التسوس، بواقع 57 %، تلاه سوء اطباق بنسبة 19 % ومن ثم التهاب اللثة والأنسجة بنسبة 11 %، بحسب التقرير الاحصائي لوزارة الصحة الذي اشار الى ان عدد المفحوصين للصفوف الثلاثة بلغ 232 ألفا و473 طالبا وطالبة.