التسوية في غزة و"القاعدة"، الليكود وحده يستطيع

يديعوت أحرنوت

ناحوم بارنيع

20/8/2018

في مساء السبت تظاهر في ميدان رابين في تل أبيب بضع مئات من السكان في غلاف غزة. وكانت هذه هي مظاهرة السبت الرابعة في الميدان، سبقتها مظاهرة المثليين، الدروز والعرب. وها هو، رغم أنه يتشارك مع قلق سكان الغلاف، امنهم، حصانتهم النفسية، مصير حقولهم، معظم الإسرائيليين، إلا أن الاستجابة لمظاهرتهم كانت هزيلة. فهذه ليست أزمنة طيبة لمن يوجد في الاجماع، حيث أن الاجماع خرج عن الموضة، وإذا لم يكن خلاف فلا يوجد اهتمام.اضافة اعلان
من هذر ومن صلى: الحكومة الأكثر يمينية التي كانت لنا في أي مرة في إسرائيل تسعى إلى اتفاق مع منظمة الارهاب التي وعدت بإبادتها. وهي تتفاوض على تفاصيل الاتفاق تحت النار، بخلاف تام مع كل ما اتهم به وزراؤها الآخرين في الماضي. ليس صعبا ان نتخيل ماذا كان سيحصل في البلاد لو كانت حكومة وسط يسار تتصرف مثلها. كلمة "خيانة" كانت ستسود على أفواه الجميع، من رئيس المعارضة وحتى آخر المذيعين. صور رئيس الوزراء بعباءة الشيخ ياسين كانت ستحتل الميادين. وزراء وابناء عائلاتهم كانوا سيتعرضون لهجمات عنف في الشبكات الاجتماعية، في المناسبة العامة، في منازلهم.
لحظنا، نحن نعيش تحت حكومة اليمين. وهذه المشاهد القاسية لا تحصل ولن تحصل. بينيت سيلذع ليبرمان قليلا، في محاولة لجمع بعض المقترعين والترويج لنفسه لمنصب وزير الأمن في الحكومة القادمة. والكل، بمن فيهم ناخبوه، يفهمون من أين يأتي النقد وكم سريعا سيختفي.
الليكود وحده يستطيع، قلنا حين تنازل مناحيم بيغين عن كل سيناء وهيأ الطريق لقيام كيان سياسي فلسطيني على ارض بلاد إسرائيل؛ الليكود وحده يستطيع، قلنا حين تنازل نتنياهو عن 13 في المائة من اراضي الضفة وشارون أخلى المستوطنات في غزة وشمال السامرة. في كل ما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي العربي، فإن مجال مناورة حكومات اليمين أوسع بكثير، أكثر انفتاحا بكثير من مجال مناورة حكومات الوسط اليسار. اليسار يمكنه أن يعد، أما اليمين فيمكنه ان يفي.
هذا القول يثير سؤالا مشوقا: ما هي "القاعدة" التي يتحدث الجميع عنها، ماذا تتوقع من زعمائها وعلى ماذا تعاقبهم. "قاعدة" الليكود تكره كل من ينتقد نتنياهو. عنات روزيليو، الباحثة في صندوق برل كتسنلسون، تتابع مظاهرة الكراهية في الشبكة. بنك من مائة كلمة وجملة تصف قاموس الكراهية. في الايام العادية يلعب العرب واليسار والصندوق الجديد دور النجوم فيه؛ وكذا وسائل الاعلام.
لقد وجدت أنه عندما هاجم الوزراء ريغف ولفين والمقرب نتان ايشل الدروز، وعندما اشرك نتنياهو الاتهامات الكاذبة لجماعة "ان شئتم" في صفحته، تحول الدروز دفعة واحدة من ابطال الدولة إلى اعدائها. كل ثلاث دقائق ونصف الدقيقة ينشر في الشبكة تعبير كراهية تجاههم. بعد ذلك، عندما توقفت الهجمات من فوق، اختفت تعابير الكراهية. "التعابير اختفت ولكن الرواية بقيت"، قالت لي روزيليو.
بكلمات اخرى، يمكن لنتنياهو ان يقود "قاعدته" بقدر لا يقل عن قيادة "قاعدته" له. مؤيدوه المؤكدون لا يتأثرون بالاتصالات التي يجريها مع منظمة ارهابية عربية، ولكن طالما كان خطابه مناهضا للعرب، مناهضا لليسار، مناهضة للنخبة، مناهضا للاعلام، فإنهم سيسيرون وراءه بعيون مغمضة. سحر الكلمات والولاء الشخصي يتغلبان على النفور الايديولوجي. ومثلهم كمثل مؤيدي ترامب: الخطاب هو الاختبار الاعلى؛ ورقة الفحص التي تميز بين اليمين واليسار، وليس القرارات العملية.
وعليه، فإنه يتحدثون عن تسوية صغرى وليس تسوية: التسوية هي ورقة يوقع عليها، صورة مشتركة، اعلام من الطرفين. اما التسوية الصغرى فتتم في الميدان، دون ان تمنع الطرفين من مواصلة التعهد للطرف الاخر بأنهم سيبيدونه قريبا.
في الجانب الايجابي، هذا البرنامج السياسي يوفر لنتنياهو ووزرائه قاعدة مريحة لسياسة عملية تجاه النزاع ولكبح الجماح في استخدام القوة العسكرية؛ هم لا يستغلون هذه الحرية دوما، ولكنهم يعرفون بانها تحت تصرفهم: في التسوية الصغرى مع حماس مثلا. في الجانب السلبي، يدفعهم نحو التحريض، الاقصاء، التخريب على تراص الصفوف الإسرائيلي الداخلي وتقويض كل مؤسسة لا تخضع لأمرتهم – المحكمة العليا، النيابة العامة، الشرطة، الاعلام الحر. اما الإسرائيليون ممن لا ينتمون لـ "القاعدة" فيكسبون غير قليل ويخسرون الكثير: مشكوك أن تكون الصفقة مجدية.