التشكيلية عبير الشوابكة: اللوحة تستمد جماليتها من ذات الفنان

جانب من لوحات الفنانة- (من المصدر)
جانب من لوحات الفنانة- (من المصدر)
أحمد الشوابكة مادبا- يمثل الرسم الكلاسيكي أسلوب الفنانة المهندسة عبير فلاح الشوابكة، للتعبير وتأسيس مشهدية كاملة تترجم حالاتها الفكرية والروحية على حامل مسطح مزين مغلف بالقماش، حيث تقوم من خلاله بإجلاء ما هو بالداخل أي فضاء الوعي في شكل رسوم كلاسيكية بمثابة الكتابة اللامقروءة، التي تتفاعل مع فكرة المحاكاة لكل ما هو واقعي. ويعد الفن التشكيلي لدى "الشوابكة" ذاتياً لكونه يحمل قي طياته شيئاً من رغباتها وقيمها وأحلامها وخيالها وأفكارها، مستلهمة لوحاتها بالأسلوب الكلاسيكي الواقعي المتمثل في التعبير عن عناصر مختلفة من البيئة المحيطة، إلا أنها تنتقل إلى الأسلوب السريالي. وتؤكد أن الفنان إنسان مرهف، وهذا قاسم مشترك بين الفنانين، إنسان شفاف يتعاطى مع الواقع والحياة بمشاعر عالية وخلاقة، وضروري أن يكون هناك تنوع بالفن واختلاف بالآراء، مشيرة إلى أن مدارس الفن التشكيلي التي مرت بها كالمدرسة الواقعية والكلاسيكية والانطباعية وغيرها، أغنت لديها الحركة التشكيلية ووضعتها في مصاف الريادة. وبرزت أهمية إبداعات الفنانة عبر مشاركاتها في معارض للفنون التشكيلية المتنوعة، إذ بقيت فاعلة ومؤثرة في مجموع النشاطات، في الساحة المحلية، حيث قدمت نحو اثني عشر معرضا. وتنحاز أعمال الشوابكة إلى استلهام الأسلوب الواقعي المتمثل في التعبير عن عناصر مختلفة من البيئة المحيطة، والتي تتمثل في رسم الوجوه والطبيعة والبيوت القديمة وشبابيكها الصغيرة، وشكلت مفرداتها مع التراث عناصر القوة والسحر في لوحاتها. اتجهت الشوابكة للتراث بشكل واسع، وأصبحت تستخدم مكوناته ومفرداته رموزا، وشرعت بأخذ ألوان وأشكال ورموز من المضمون التراثي لتوظفها في اللوحة بطريقة مشوقة ينحذب لها المشاهد لتحليل وتفكيك الرموز ومعانيها. وتحاول الشوابكة أن تلتزم بواقعها ومجتمعها الذي تعيش فيه، فهي ترسم الشيء الذي يخلق حالة في المجتمع يتوافق مع تطوره، وحبها الشديد للحرية التي تعني التحرر من القيود، والحلم بمجتمع يؤمن بالفرد المبدع، ويؤمن بعقل الجماعة الحر النير والخير. وتشير إلى أن الدور الإنساني من مواصفات أي فنان إنسان بتكوينه وبإبداعاته وشفافيته، وهناك دائما مبادرات فردية وجماعية. وتمر اللوحة الفنية بمراحل مختلفة عندها، لكنها دائماً تخضع لمنهج التجريب والبحث الفني، فهي في كل يوم تقوم بمجموعة من الأبحاث والدراسات، وكل لوحة تعد بحثاً مستقلاً بحد ذاته تسطر فيها مشاعر وحالات اجتماعية عاشتها أو عاشها بعض من حولها تترجم بلوحتها. وتقول الشوابكة، "ألجأ إلى التعبيرية لأرسم شخوصا مختلفة ومتنوّعة ومتعددة من الحياة الطبيعية، وتتجلى بمعاني لوحاتها ومكنوناتها". وتؤكد أن الفن هو نتاج الفكر الذي يسمو مع الطبيعة، فإن سموه يتواصل إلى إعادة صنع ما هو موجود في العالم الخارجي، وكما هو موجود فيه، فالفن بحسبها "لا يعدو أن يكون تكراراً عقيماً بل أسعى إلى واقع جديد وخاص". وترى أن الفن إنتاج لواقع جديد، فالجمالية لا تستمد من الواقع، بل من ذات الفنان أي من فكرها، فالإبداعية في الأعمال تعني الحضور للذات في مستوى الأثر الفني. وتحاول الشوابكة أن لا تغيب عن برنامج حضورها اليومي ومداومتها في مرسمها الخاص ضمن منزلها، حيث انها لا تتوقف عن الرسم والعطاء فيه، وذلك حتى وهي تعرف أن اللوحات التي تنجزها لن تعرض، فالمهم أن ترسم وترسم كثيراً، لأن الرسم متنفس لها. وتؤكد "جاء فني مرافقاً لجماليات الحياة بأدق تفاصيلها، فتولد في لحظة وللظرف الحالي"، مشيرة إلى أنها تبني ثقافة الحياة على نظرياتها المختلفة، مبينة، أسعى الهروب إلى الفن لأتمرد على واقعي، وأصرخ في لوحتي عبر ألوان وشخوص". وتقول، "تلك هي نتائج أي حالة تخطر في خيالي تؤثر تلقائيا في الفكرة المراد رسمها، وتعني أكثر على الأجواء الطبيعية التي أستند إليها في رسوماتي، فتتولد لدي حركة فنية خاصة، وما يمزجها بسماع الموسيقى في مرسمي الخاصة". كما تشدد الشوابكة في حديثها لـ "الغد"، على ضرورة حرص المجتمع والمعنيين بالإبداع، على أن لا يتحول تركيز الفنان من الإبداع والإنتاج والفن إلى التسويق، فذلك يؤثر في تميز مستويات أعماله، وهي تقترح أن يناط بوزارة الثقافة مهام الوسيط بين الفنان والمؤسسات لتسويق أعماله. وتقول، "لن يتطور الفن التشكيلي، إلا من خلال استقطاب وزارة الثقافة للموهوبين، وإقامة ورشات عمل في هذا المجال يديرها المختصون للتعرف الى أساليبهم واكتساب الخبرات"، مشيرة إلى أنها تفضل أن تستحدث وزارة الثقافة مرسماً في مديرياتها في المحافظات، وتخصيص مدربين متخصصين في الفنون التشكيلية لغايات التدريب. وعن تقليص النشاط الفني المحلي حالياً بسبب الظرف الاستثنائي الذي سببته جائحة كورونا، أكدت، أن الفن التشكيلي تأثر بالأزمة كحال غيره من أنواع الفنون الأخرى. كما بات يعد بالنسبة إلى الشريحة الواسعة من الناس رفاهية. كما أن وضع الفنان أصبح صعباً جداً من الناحية المادية، واللوحة أصبحت مكلفة جداً ولا تتوفر المواد الأولية اللازمة لصناعة الفن، وإن توفرت فهي غالية الثمن أو بنوعية وكمية محدودة، وهناك قلة ممن يهتمون باقتناء اللوحة. إلا أنها لن تستسلم فهي تبدع وتقيم المعارض، كما أنها تستعد لإقامة معرض يتضمن أكثر من عشرين لوحة، يقام في مدينة مادبا. الشوابكة أبدعت في فن العمارة، كما أبدعت فنيا، حيث قامت بتصميم مرسمها الذي وصفته بالصومعة، لتلجأ إليها لتنقل عن العالم الخارجي إلى عالمها القائم على خيالها ومبادئها وقيمها الخاصة بها. وتجيد الشوابكة فن البناء من تبليط أرضي وصيني وقصارة ودهان وتمديدات كهربائية وصحية وديكورات داخلية وحدائق وتصاميم خلابه كعالم سحري. وتقول انها ترسم بالالوان الزيتية لوحاتها وأقل لوحة تستمر معها لعدة أشهر، والسبب بحسبها يعود إلى حالة من التعايش مع اللوحة، كأنها قطعه من روحها، وتمتزج بكل جوارحها، لتكتمل بصورة مبهرة وفكرة ملهمة. وتعبر الشوابكة عن ما يجول في داخلها من خلال اللوحات التي تدشنها ترسم الحق والخير والجمال والإرادة والعزيمة والاعتزاز بالنفس. وتقول ان المتحرر هو من يتحرر من أمر سيىء لا يرغب به، وقد يكون تغير للأفضل أو للأسوأ، وأما الحر فهو من لا يقبل إلا بالأمور الجلل.اضافة اعلان