التشكيلي صبح: أسعى لتجسيد مفردات الطبيعة بأبعاد جمالية وفكرية

جانب من لوحات التشكيلي محمد صبح - (من المصدر)
جانب من لوحات التشكيلي محمد صبح - (من المصدر)
أحمد الشوابكة يستخدم الفنان التشكيلي الأردني محمد عدنان صبح، الأسلوب الانطباعي الواقعي في رسم لوحاته من خلال تقسيم الألوان النقية غير الممزوجة بشكل لمسات صغيرة متجاورة بالفرشاة، بدلا من مزجها على لويحة خلط الألوان، مقدرا ذلك بأن الانطباعية في مجال الفن أكثر أهمية. ويسعى بذلك أن يظهر ما تراه العين للوهلة الأولى، خلافاً لما يعرفه أو يشعره بالنسبة للشيء أو الحدث، مع محاولة إعادة إبراز الضوء، كما يبدو للعين منعكسا على سطح الأشياء، لهذا السبب فإن كثيراً من اللوحات الانطباعية، وتبدو كأنها ذات معان اهتزازي. ويميل صبح في العديد من الأعمال إلى ترجمة المشاعر الإنسانية، التعبيرية بلمسات إنطباعية وتلخيص المشهد أو الحالة بأبسط صورها، وإيصال جماليات العمل الفني للمتلقي مهما كانت ثقافته البصرية، مهتما بإعادة تشكيل وصياغة الطبيعة برؤية تشكيلية جديدة، عن طريق تلخيصها وإبراز جمالياتها على صعيد اللون أو التكوين أو التقنيات المختلفة للون. ويحمل صبح وهو عضو في رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، من خلال انتمائه للمدرسة الانطباعية الواقعية، مرسمه منطلقاً إلى فضاءات الطبيعة التي يستمد ويرصد منها حالة متجلية تضفي عنصراً مهماً ومشهداً ماثلاً أمامه حالة حسية انطباعية، ليستطيع من خلالها تشكيل رسومات للوحاته الفنية التي لها علاقة مع إحساسه بالمشهد الحي المراد رسمه مع التركيز على عنصري الظل والنور، إضافة إلى الاندفاع الحاد ذاته في التفرد والإخلاص، متخليا بذلك عن المراسم والغرف المغلقة. ويتمتع التشكيلي صبح، الذي يدرس حاليا الماجستير في الفنون التشكيلية (رسم وتصوير) بجامعة اليرموك، بطبيعة شخصيته التأملية التي تسعى لرسم فلسفتها الخاصة، وتحديد موقعها في الحياة بقدر ما يحمله قلبه من رغبات عبر ألوانه وأشكاله وخطوطه ورسوماته وبرز بعشقه الكبير للفن الذي يعتبره متنفسه، فهو صاحب حس مرهف، ورهن وقته لخدمة الإبداع فظل شغفه بالحياة أن يترك بصمة في عالم التشكيل، واتقن الرسم بكل المدارس الفنية من الواقعي إلى الكلاسيكي فالانطباعي، مركزا في رسمه على البيوت القديمة والمناظر الطبيعية والناس وعلى أرصفة الطرقات، حتى أصبح الفن غايته وكفايته وبحجم ألمه وتطلعاته مع الإشارة إلى اعتماده على الألوان الزيتية، وله علاقة بين الكتلة والفراغ، حيث يصير للفراغ شكل ترسمه الكتلة وتتلاشى معه. وقدم الطبيعة الأردنية والريف الأردني بجمالياته في العديد من أعماله، وذلك لزخم وجمال البيئة الأردنية وغناها بالعناصر والأشكال والعلاقات اللونية التي أحب توثيقها في عمله الفني، وفق ما قال لـ “الغد”. وأضاف صبح، أن لوحاته من تكوين الطبيعة تحاكي الجمال بأبعاد جمالية فكرية تاريخية حضارية تجسد الطبيعة، برؤيته كفنان يملك عدسة يلتقط من خلالها كل ما يراه جمالا وقابلا لرسمه وتشكيله في لوحة لتلاقي إعجاب المتلقي وإبهاره، حتى أنه ينغرق في عالمها لمعرفة ما ترمي إليه، رغم أنه يطرح لوحاته بمفهوم إيضاحي وبخاصة الأعمال التي ترمي للطبيعة والبيوت التراثية والريف الأردني التي تبين ملامحها بشكل واضح باستخدام تدرجات الألوان الزيتية التي تبرهن مقدرته على التفنن برسم اللوحات في غاية من الجمال والروعة. ويمتلك صبح، العديد من التجارب الفنية في إعادة تدوير وصياغة الخامات المستهلكة بصيغة عمل فني، من خلال توظيف الملامس والألوان للخامات المُستهلكة ودمجها في إطار لوحة فنية تشكيلية، حيث قدمت العديد من الأعمال بتقينات الكولاج وإعادة توليف الخامات المستهلك. ولكونه مدرس الفن والتصميم، ومدرب للرسم في معهد الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة الأردنية، يعمل على إيصال المعلومة الأكاديمية للطالب بطرق سلسة وبسيطة وأؤمن بأهمية الدراسة الأكاديمية في بناء الفنان والعمل الفني الصلب والجاد، نحو آفاق أكبر وأوسع للتجريب مبني على أسس أكاديمية صلبة، وأعمل مع الطلاب على تجريب العديد من الخامات وإكتشافها والبحث في جمالياتها، مؤمنا بأهمية البحث الدائم في الفن وسيلة لتطوير الأسلوب الفني، فالحقيقة الجمالية غنية تحتاج التنوع لترجمتها والتعبير عنها بأساليب وخامات مختلفة. ويهتم صبح بمتابعة أعمال رواد التشكيل العربي ويرى فيها موروثا حضاريا عظيما يجب الافتخار فيه والمحافظة عليه، ومن الفنانين الذين أحب أعمالهم ويعود إليها باستمرار وفق قوله، من مصر (حسني البناني، حامد ندا، أحمد صبري، صبري راغب) ومن العراق (فائق حسن، جواد سليم) ومن الأردن (مهنا الدرة، رفيق اللحام، أحمد نعواش) من فلسطين (سليمان منصور، إسماعيل شموط، وتمام الأكحل) وغيرهم. ويذكر أن الفنان التشكيلي والمصمم، محمد عدنان صبح، خريج كليّة الفنون والتصميم لعام 2014 بتقدير امتياز بمرتبة الشرف، وعضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، وشارك بالعديد من المعارض المحلية والدولية، وحاصل على العديد من الجوائز في مجال الرسم والتصوير ومنها جائزة الإبداع الشبابي والفنون وزارة الثقافة الأردنية، وفي مديرية تدريب الفنون 2014، وجائزة المُلتقى البحثي والإبداعي في مجال الرسم والتشكيل جامعة آل البيت 2014. وأقام المعرض الشخصي الأول في عمان بعنوان “رحيل” في العام 2017، احتوى قرابة الـ 20 لوحة زيتية مُجسدا فيها مُعاناة الرحيل والنزوح والهجرة التي تواجهها بلادنا العربية بسبب الحروب وأثرها في الروح والنفس البشرية، مجسداً ذلك بلوحات أقرب ما تكون للانطباعية، بمجموعات لونية داكنة تميل للبرودة لما تبعثه هذه المجموعات اللونية من أحاسيس الاغتراب والوحدة. اقرأ أيضاً: اضافة اعلان