التضخم ومرونة الطلب السعرية

يعرف الطلب على سلعة أو خدمة بأنه الكميات التي يرغب الناس بشرائها عند مستويات مختلفة من الأسعار خلال فترة زمنية محددة بافتراض ثبات باقي العوامل الأخرى، بما فيها الأسعار. وقانون الطلب يمثل العلاقة العكسية بين الكمية المطلوبة من أي سلعة أو خدمة وسعر تلك السلعة أو الخدمة. وقد يكون هناك سلوك غير عقلاني من قبل المستهلكين، بحيث يتم زيادة الطلب على سلعة إذا ارتفع سعرها في حالة تحسنت نوعيتها، وهذا خارج إطار قانون الطلب العادي. في الوضع الطبيعي، يزيد الطلب على السلعة كلما انخفض سعرها. والعكس بالعكس، ينخفض الطلب عليها كلما ارتفع سعرها. وهذه معلومات يعرفها ويدركها الإنسان العادي. وهذه العلاقة تكون في العادة عندما نتحدث عن السلع العادية والظروف الطبيعية في الأسواق التنافسية التامة التي يتوفر فيها عدد كبير من المنتجين وعدد كبير من المستهلكين. وبذلك تتحدد كميات التوازن المطلوبة والمعروضة وأسعار التوازن لأي سلعة أو خدمة في الأسواق من قبل عوامل العرض والطلب التي يحددها المشترون والمنتجون في السوق، بافتراض ثبات باقي العوامل الأخرى. وفي العادة لا تتدخل الدولة في تحديد أي من كميات أو أسعار السلع والخدمات الموجودة في الأسواق إلا في حالات استثنائية معينة. ولكن هناك عوامل أخرى تؤثر في الكميات المطلوبة من أي سلعة أو خدمة، مثل الأذواق والتفضيل، ومستويات الدخل، وأسعار السلع الأخرى البديلة والمكملة، والتوقعات المستقبلية، وعدد المشترين في السوق؛ والمقصود هنا تغير عدد المشترين نتيجة تغير توجهات الناس وأذواقهم وليس نتيجة لتغير عدد السكان بالمعنى الحرفي. في الواقع العملي، تشير الحقائق الى أن ما يسمى بحساسية تغير الطلب للتغير في السعر هي التي تحدد اتجاه الطلب، وقياس هذه الحساسية بالنسب المئوية يطلق عليه بمرونة الطلب السعرية. فدرجة استجابة الطلب للتغير في سعر السلعة أو الخدمة هو ما يهم. علاوة على تأثير باقي أنواع المرونات، وأهمها الدخل والدعاية والإعلان. أسوق هذه المقدمة لأنتقل الى محاولة تحليل أثر الارتفاعات التي حصلت على أسعار اللحوم والدواجن والزيوت والدهون في الأردن خلال الشهرين الماضيين، وكلها تصنف ضمن المواد الغذائية في جدول الرقم القياسي لأسعار المستهلك لحوالي ألف سلعة وخدمة يستهلكها المواطن في الأردن. والتغير في هذا الرقم القياسي هو أهم مقياس لمعدلات التضخم في الأردن. فقد انعكست تلك الارتفاعات على أسعار اللحوم والدواجن بحوالي 10.7 بالمائة، وعلى أسعار الزيوت والدهون بحوالي 3.6 بالمائة في شهر شباط مقارنة مع نهاية العام الماضي. ولكن هل انخفض الطلب على هذه المواد، ولماذا؟ للأسف لا نستطيع الإجابة عن هذا التساؤل لعدم توفر بيانات منشورة للآن عن حجم المبيعات أو الاستيراد لهذه السلع لفترة المقارنة نفسها. ولكن نظرا لأن الأهمية النسبية لهذه السلع في سلة استهلاك المواطنين لا تتجاوز 6.4 بالمائة من إجمالي سلة إنفاقهم، لذلك يتوقع أن لا يكون الطلب قد انخفض على هذه السلع بسبب ارتفاع سعرها لأنها لا تشكل أهمية كبيرة في الإنفاق. لذلك نقول إن مرونة الطلب السعرية على هذه المواد منخفضة. ومن جهة ثانية، قد يكون سبب عدم تراجع الطلب على الزيوت واللحوم، بشكل عام، مرده وجود بدائل من الزيوت واللحوم المحلية. معدل التضخم في الأردن (0.7 بالمائة في شهر شباط 2021) يتأثر بمرونة الطلب السعرية وبشكل أكبر بالأهمية النسبية للسلع والخدمات في سلة استهلاك المواطن الشهرية، حيث تستحوذ بنود الغذاء والمساكن والنقل على حوالي 64 بالمائة من السلة.اضافة اعلان