التضييق على السوريين في الأردن

يبدو السوريون في الأردن أشبه بـ"رهائن" للأحداث الجارية في بلدهم، خصوصا مع عدم قدرة الرؤية الرسمية الأردنية التعاطي بحرية مع الحدث السوري، في ظل غياب قراءة دقيقة للمجريات السورية.اضافة اعلان
على امتداد ثلاثين عاما، هيأ الأردن ملاذا آمنا للعديد من الشخصيات السورية المعارضة، وذلك في أعقاب مذبحة حماة الشهيرة التي استهدفت فيها مدينة بأكملها، بحجة مطاردة تنظيم الإخوان المسلمين.
وعلى مدار تلك السنوات، امتلكت المعارضة السورية في الأردن حرية الحركة والتعبير، ولم تكن حركاتها وسكناتها محسوبة عليها، إلى أن جاء الربيع العربي، وانتفض الشعب السوري، ليبدأ الأردن بمعاملة المعارضة كما لو أنها "ضيوف ثقال الظل"!
إن أكثر من جيل سوري تفتحت عيونه في الأردن، ولا بد أنهم يشعرون بالامتنان لما وفره لهم البلد من دراسة ومعيشة وفرص عمل، والأهم الاحتضان ومنح الأمان، وهو ما يجعلنا نشعر بالاستغراب بسبب الإجراءات الأردنية الأخيرة التي تشدد على أقطاب المعارضة السورية، وتلغي جميع الامتيازات التي حصلوا عليها في السابق.
القراءة الرسمية المنقوصة للحدث السوري، تربك الرؤية الكلية لما يمكن أن تتكلل به النهاية، والرهان على خروج النظام السفاح معافى من الموقعة هو رهان خاسر في ظل توشّح معظم البيوت السورية بالسواد بعد أن فقدت أعزاءها على يد النظام وأركانه.
من هذا المنطلق، يتوجب على الدولة الأردنية، ومن منطلق المصلحة الوطنية، أن تعيد الثقة بأركان المعارضة السورية، خصوصا أن العديد من القراءات الإقليمية والعالمية تؤشر بوضوح على أن أيام حكم بشار الأسد ونظامه باتت معدودة.
إذا كان موقع الأردن لا يتيح له العديد من الخيارات للتصرف في شأن الأزمة السورية، فلا أقل من أن يترك للمعارضة السورية حرية التحرك والتعبير، خصوصا السفر إلى الخارج بلا مضايقات، وحرية العودة إلى الأردن من دون أي مخاوف لمواجهة عدم السماح بدخول البلاد من جديد.
السوريون في الأردن متفاجئون من الإجراءات الأخيرة التي قيدت عملهم في الأردن، ويتساءلون عن الأسباب الكامنة وراء ذلك، خصوصا أنهم لم يفكروا ولو للحظة بالإساءة إلى الأردن أو "توريطه" في منتصف صراع بينهم وبين نظامهم.
خلال جلسة تمت الأسبوع الماضي جمعت رجالا من المعارضة السورية ببعض الإعلاميين، علق زميل على هذا الأمر بأن "الأردن يحترف صناعة الأعداء"، وأن السياسة الأردنية لا تستطيع النظر إلى البعيد لاستقراء كامل المشهد، ومعرفة الخيارات المتاحة لتحقيق الفائدة الوطنية.
رأي الزميل الإعلامي فيه الكثير من الحقيقة والصراحة، خصوصا عند النظر إلى العلاقة الشائكة التي أنتجتها السياسة الأردنية مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عندما قررت إبعاد قادتها من الأردن، لتفقد بالتالي ورقة مهمة على الساحة الإقليمية.
كل ما نرجوه هو أن يعاد النظر في العلاقة التي تحكم الدولة الأردنية بالمعارضة السورية المتواجدة على أراضيها، ولنتذكر أنهم "قوم مكلومون"، ولكن لنتذكر أيضا أن أبواب استلام السلطة في بلادهم باتت قريبة منهم كثيرا.

[email protected]