التعديل الوزاري.. المزاج العام والخيارات

يفتتح رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز العام الجديد بتعديل وزاري مستحق على حكومته. فاستقالة وزيرين من الحكومة على إثر فاجعة البحر الميت، هما وزير التربية والتعليم والتعليم العالي د. عزمي محافظة، ووزيرة السياحة لينا عناب، وإلحاق وزارتيهما (3 وزارات في الأصل) بوزراء آخرين جعل من الصعب إعطاء عمل كل وزارة حقها من الجهد والاهتمام والعمل. وأيضا لا بد أن رئيس الوزراء قام بعملية تقييم لأداء وزرائه، وربما تكون لديه ملاحظات على بعضهم. آخر الأخبار كشفت عن اعتذار رجل أعمال عن عدم قبول تسلمه حقيبة السياحة، وهو رفض يكشف أمرين مهمين، الأول أن الرزاز، مثل غيره من رؤساء الحكومات السابقين، ما يزال مصرا على مبدأ التزويج القسري للسلطة برأس المال، وهو نهج من المفترض أننا اتفقنا على مغادرته، وعدم العودة إليه بالمطلق. اعتذار رئيس جمعية المطاعم السياحية عصام فخرالدين عن تسلم الحقيبة الشاغرة، عزته مصادر مطلعة إلى أنه يأتي "بسبب عمله في مجال السياحة، وعدم رغبته بتضارب المصالح"، وهو أمر يحسب له، وينبغي تقدير النزاهة التي تعامل بها الرجل مع هذا الأمر. لكن هذا الرفض يكشف أيضا أمرا آخر لم نعتد عليه في السابق، وهو الاعتذار عن قبول التوزير. هذا سلوك جديد لدى الأردنيين، خصوصا مع أخبار أخرى سابقة كشفت عن اعتذارات أخرى من شخصيات رفضت قبول حقائب وزارية. خلال السنوات القليلة السابقة تغير المزاج العام تجاه الوظائف الرسمية العليا، وأصبحت هناك نظرة شعبية إلى أن العديد من متسلمي تلك الحقائب مجموعة من الانتهازيين وغير الأكفاء الذين يغلبون مصالحهم الذاتية على المصلحة العامة. وبغض النظر عن مدى تطابق هذا الفهم مع الواقع، إلا أن السلوك التالي للشارع جاء لتعزيز هذه القناعة، فأصبحت سيرة الشخصية العامة وعملها وحياتها وأسرتها مشاعا لدى العامة، وبما يتعدى النقد الحقيقي إلى فعل تجريحي سبب الأذى لكثيرين. على الجانب الآخر، كان هناك مسؤولون يعززون الصورة النمطية التي منحها الشارع لهم، من خلال عدم كفاءتهم وفسادهم وانتهاجهم للمحسوبيات، ما منح العامة أوراقا كثيرة للعب بها ونشرها متى احتاجوا ذلك. التعديل الحكومي ضروري من أجل دفع دماء جديدة داخل التشكيلة الحكومية التي تواجه الكثير من النقد والهجوم، أو ربما يكون ضرورة، أيضا، بالنظر إلى التطورات السياسية مع دول الجوار، ولكن يتوجب على الرزاز أن ينظر بعين الحقيقة والواقع إلى أمرين مهمين؛ أولهما الدمج الذي أحدثه في الوزارات ومدى تطابقه مع تسهيل العمل للوزراء، والثاني التفكير خارج علبة النخب المعتادة أو رأس المال، فالشارع لم يعد أصلا ينتظر أي جديد من هذه الحكومة. لكن؛ لعل رئيس الوزراء يستطيع أن يحدث فتحا كبيرا بتعديل يرضي الجمهور، وينهي الاحتجاجات الدورية على عملها ونهجها!اضافة اعلان