"التعلم باللعب".. طريق الأمهات لتدريس أبنائهن

figuur-i
figuur-i

تغريد السعايدة

عمان - بعيداً عن أجواء "الطابور الصباحي، الصفوف الدراسية، والسبورة.."، قد يرى الطلبة أنفسهم مغيبين تماماً عن أجواء التدريس والحوار المتبادل مع المعلمين، وخاصة للفئات العمرية الصغيرة، بعد أن فرض "التعليم عن بُعد" طريقه إلى بيوت الأردنيين، بسبب فيروس "كورونا"، واللجوء لهذه الاستثناءات الجديدة.
لذا، تحاول الكثير من الأمهات اللواتي فرضت عليهن تلك الإجراءات الوقائية لمنع انتشار كورونا بين طلبة المدارس والجامعات، أن يقمن بدور المعلمات لبعض الوقت، في الشرح وإيصال المعلومات لأبنائهن، ومنهن الأم زهر أبو قاعود التي اكتشفت أن لديها أساليب شرح "شيقة وسلسة" في تعليم صغارها في المرحلة الابتدائية، وذلك باستخدامها أدوات الطبخ والألعاب المتناثرة في غرف الأطفال.
تقول أبو قاعود، وهي نموذج لإحدى الأمهات المشاركات في عملية "التعليم عن بعد" في البيت، إنها كانت في السابق خلال الدوام النظامي للمدارس، تقوم بعمل وسائل تعليمية لأطفالها، بيد أنها الآن تقوم بتطبيق الكثير من تلك الوسائل التعليمية المبتكرة في محاولة لشرح الدروس.
وتشرح "وذلك بتحويل النص إلى عمل مسرحي بالألعاب، من خلال قراءته بتمثيل المشهد بواسطة ألعاب في متناول يد الأطفال، واعتادوا على مشاهدتها بشكل يومي، لترسخ فكرة النص في عقولهم".
تعتقد أبو قاعود أن ظروف الحظر، ووجود وقت طويل لدى الطفل للدراسة والكثير من القيود اليومية التي قد تمنعه من الخروج للعب أو الزيارات، وكذلك الحرمان من اللقاء بأصدقاء المدرسة واللعب معهم، قد تكون سببا في زيادة الضغط على الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، ومن هنا، على الأم أن تكون الداعم لابنها، والمساند في تخطي هذه المرحلة من خلال تعاونها، وتحليها بالصبر في الشرح وتوضيح مفاهيم الدرس.
وتحاول أبو قاعود أن تتجه نحو الإبداع في التفاصيل، فالألعاب لا يخلو منها أي بيت، مهما كان نوعها وطبيعتها، فقبل أن تباشر في شرح الدرس لطفلها، تقوم بقراءته من ثم التفكير في ماهية الطريقة الأفضل للشرح، من خلال الألعاب المتوفرة، عدا عن أنها تلجأ في بعض الأحيان إلى أدوات الطبخ، التي تمكنها من شرح العديد من الدروس في العلوم والرياضيات، على حد تعبيرها.
وفي محاولة منها لزيادة الحس الإبداعي والتحليلي لابنها، فقد تطلب منه أن يقرأ درسه أحياناً، ويتجه لألعابه أو محتويات المنزل، ليساعد نفسه في شرح الدرس؛ إذ ترى أن هذه الأساليب، تساعدها كثيراً في التخفيف من الضغط النفسي على أطفالها في فهم المواد الدراسية، كما أنها تفتح آفاق الخيال لديهم في الاستنتاج والتحليل، بدلا من أسلوب التلقين.
لم تترك أبو قاعود مكاناً للضجر من الدروس اليومية، على الرغم مما تعانيه كأم وربة منزل جراء متابعة الأخبار المتعلقة بفيروس "كورونا"، وجلوس الأسرة جميعها في البيت في آنٍ واحد، وتقول إنها في بداية "التعلم عن بعد"، شعرت بالحيرة والخوف من عدم مقدرتها على المتابعة مع أبنائها في الحفظ والشرح والتحليل، لذا، قررت أن تدخل معهم في جولات لعب ومتعة وبحث وتقص عن مكنونات الدرس في البيت، لتحول عملية التعلم عن بعد إلى أمر يومي سهل وغير نمطي.
وفي الوقت ذاته، حولت أبو قاعود غرفة الأطفال إلى مسرح صغير، تقوم بمساعدة طفلها لتحويل الدرس لعمل مسرحي بسيط ممتع، يتم من خلاله الشرح والحديث بمكونات الدرس بدون الحاجة إلى التلقين، بل حوار تفاعلي، وترى أنه زاد من مهارة طفلها في توظيف كلماته وحركاته.
ولتشجيع الطلبة وأولياء الأمور في شرح الدرس، تقوم أبو قاعود بتصوير مقاطع فيديو قصيرة "للحصص المنزلية" ونشرها عبر صفحتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو إرسالها إلى المجموعة المدرسية لأولياء أمور الطلبة عبر "واتساب"، ليستفيد منها الطلبة وأولياء الأمور في شرح الدرس لأبنائهم، وكذلك بثها عبر صفحة المدرسة الخاصة لأبنائها لتعم الفائدة.
وتتمنى أبو قاعود من الأمهات أن يكن "عونا" للطلبة في هذه المرحلة، فهم يعانون من الضغوط ذاتها التي يعانيها الأهل في هذه الفترة، ويستمعون إلى الأخبار كما الأهالي، فليكن التعليم بالمتعة واللعب هو الوسيلة التي يتم فيها الترفيه والتسلية والمعرفة في الوقت نفسه.
ويُشار إلى أن نظام التعليم عن بعد، تم إقراره في مجابهة انتشار مرض كورونا الوبائي، وإغلاق المدارس والجامعات، وفتح باب التعليم من خلال منصة "درسك"، للمدارس الحكومية، أو من خلال المنصات للمدارس الخاصة التابعة لها، لإتمام العملية التعليمية وإنهاء الفصل الدراسي الثاني في وقته المحدد، ما دفع الأهالي إلى المساهمة في عملية التعليم بطريقة مباشرة مع أبنائهم.
وبحسب علماء التربية ودراساتٍ في شأن التعلم باللعب، فقد تبين أن الطالب بإمكانه التعلم وفهم ما يدور حوله من دروس وتفاصيل من خلال اللعب، والذي يُمكنه من اكتساب مهارات اجتماعية ومعرفية ونضج عاطفي وثقة بالنفس للتجربة والاكتشاف، ومواجهة التحديات الجسدية والعقلية وتعلمهم كيفية القيام بالأشياء الجديدة وممارسة المهارات وتكرارها والاستمتاع بوقتهم.

اضافة اعلان