التعليم الجامعي.. ارتفاع في السعر وتدهور في الجودة

التخرج من الجامعة أصبح يضيف فقط إلى معدلات البطالة - (أرشيفية)
التخرج من الجامعة أصبح يضيف فقط إلى معدلات البطالة - (أرشيفية)

جورج ف. ويل – (الواشنطن بوست) 

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
يدفع الكثير من الآباء وأبناؤهم الذين يرسلونهم إلى الجامعات أسعاراً ترتفع باطراد، لقاء شيء تتدهور جودته باطراد أيضاً. ويحدث ذلك لأن "الجودة" لم تعد مرادفة لمفهوم "القيمة".اضافة اعلان
ويعتقد جلين هارلان رينولدز، أستاذ القانون في جامعة تينيسي، بأن الدراسة الجامعية أصبحت، بالنسبة للكثيرين، مجرد "مؤشر على المكانة"، والذي يشير إلى عضوية الفرد في الطبقة المتعلمة، ومكاناً للالتقاء بأزواج من نفس المكانة "التزاوج النقابي". ومنذ العام 1961، انخفض الوقت الذي يمضيه الطلاب في القراءة والكتابة وغير ذلك من أعمال الدراسة من 24 ساعة في الأسبوع إلى نحو 15 ساعة –أي بما يكفي للحصول على الشهادة المطلوبة في كثير من الأحيان، فقط لتكون دالة مكلفة على خصائص بدائية (القدرة على اتباع التعليمات على سبيل المثال). ويوظف أصحاب العمل هذه الدالة كبديل لاختبارات الكفاءة عند تقييم الموظفين المحتملين، لأن مثل هذه الاختبارات يمكن أن تثير دعاوى قضائية بدعوى وجود "تباين التأثير" على هذه أو تلك من الجماعة العرقية أو الإثنية.
في كتابه "فقاعة التعليم العالي"، يكتب رينولدز أن هذه الفقاعة موجودة لنفس الأسباب التي أنتجت فقاعة الإسكان. فقد قررت الحكومة أن عدداً قليلاً جداً من الناس يملكون منازل/ يذهبون إلى الجامعة، ولذلك تم صب أموال الحكومة في رهونات عقارية/ قروض طلاب مدعومة- وأحياناً مرهونة. وكانت النتيجة التي يمكن التنبؤ بها أن أسعار المساكن/ الرسوم الدراسية الجامعة ارتفعت، وأن العديد من المقترضين أفلسوا. وقد ارتفعت الأقساط والرسوم بنسبة تجاوزت 440 % خلال 30 عاماً، حيث رفعت الكليات الجامعية أسعارها بسعادة -وخفضت المعايير- من أجل أن تستدرج وتسحب الأموال الفيدرالية. وكان أحد عناوين صحيفة "وول ستريت جورنال" أخيراً يقول: "ديون الطلاب ترتفع بنسبة 8 ٪، فيما تحلق رسوم الجامعات".
ويكتب ريتشارد فيدر، الاقتصادي من جامعة ولاية أوهايو، في "وقائع التعليم العالي" أن هناك أناساً ممن لديهم ديون بسبب قروض الطلاب بقدر ما هناك حملة شهادات جامعية –وربما أكثر. هل رأيتم أولئك الخريجين في القمصان قصيرة الأكمام وهم يهتفون "الجامعة: أفضل سبعة سنوات من حياتي"؟ إن 99 % من المقترضين لا يتخرجون أبداً، والكثيرون ممن يتخرجون فعلاً، يستغرقون عقوداً لتسديد قروضهم.
وفي العام 2010، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن كورتني مونا، كانت آنئذ بعمر 26 عاماً، وهي خريجة جامعة نيويورك، مدينة بما يقرب من 100.000 دولار. ولو لم يتم تقسيط دفعاتها بسبب التحاقها بالدراسة الليلية، لكانت ستدفع 700 دولار شهرياً من دخلها البالغ 2.300 دولار بعد اقتطاع الضرائب، والذي كانت تجنيه من عملها كمساعدة مصور. وقالت كورتني إنها تكدح من أجل "دفع تكاليف تعليم حصلته في أربع سنوات، والذي يمكن أن تتخلى عنه وتُرجعه إلى أصحابه بسعادة لو استطاعت". وكانت شهادتها في اختصاص الدراسات الدينية والمرأة.
ويجري خفض ميزانيات الجامعات في ولاية كاليفورنيا. وفي الآونة الأخيرة نفذ طلبة كلية نورثريدج-كاليفورنيا ما يشبه الإضراب عن الطعام (حيث تناولوا مزيجاً من عصير اللفت، والتفاح والكرwفس فقط) للاحتجاج، كالعادة، على زيادة الرسوم الدراسية، وعلى غير العادة وبشكل صائب، على زيادة رواتب المديرين والمسؤولين. فعلى سبيل المثال، في العام 2009 كان الراتب الأساسي لنائب رئيس الجامعة للقبول والتسجيل في جامعة بيركلي في كاليفورنيا يبلغ 194.000 دولار، أي ما يقرب من أربعة أضعاف رواتب الأساتذة المساعدين المبتدئين. وبحلول العام 2006، أصبح عدد الإداريين الأكاديميين يفوق عدد أعضاء هيئة التدريس.
وتلاحظ هيثر ماك دونالد من معهد مانهاتن أن البطالة في صناعة "التنوع الأكاديمي" تتوسع، فيما المعروض الأكاديمي يتقلص. وفي حين قامت جامعة سان دييغو في كاليفورنيا بإلغاء برامج الماجستير في الهندسة الكهربائية والكمبيوتر، والأدب المقارن، وبتخفيض المساقات في الأدب الفرنسي والإسباني والألماني والانجليزي، فقد أضافت مجموعة متنوعة من متطلبات التخرج الهادفة إلى تعزيز "فهم الطالب لهويته "وهكذا، وبدلاً من دراسة علوم الكمبيوتر وأدب سرفانتس، يقوم الطلبة بدراسة هويتهم –أي أنفسهم. وتقول ماك دونالد: "وهكذا، يتبين أن ‘التنوع’ هو مجرد رمز للنرجسية، بكل بساطة".
وتذكر ماك دونالد أن جامعة سان دييغو-كاليفورنيا خسرت ثلاثة باحثين في أمراض السرطان لصالح جامعة رايس التي تقدم لهم زيادة في الأجور بنسبة 40 %. لكن جامعة سان دييغو كاليفورنيا وجدت المال في المقابل لإنشاء مستشارية لشؤون "التنوع والمساواة والشمول". ويوجد لدى جامعة ديفيس في كاليفورنيا معهد لمدربي التنوع، تحت إشراف مدير لتعليم التنوع، والذي يفترض أنه ينسق مع مركز التبادل الثقافي. كما أن لديها: مركزاً لدراسات المثليين والمخنثين والمتحولين جنسياً؛ ومنسقاً لبرنامج التنوع؛ وبرنامجاً تثقيفياً عن التحرش الجنسي؛ ومنسقاً لبرامج التنوع؛ ومنسقاً للحل المبكر لمشاكل التمييز العنصري؛ وسلسلة لتعليم التنوع، والتي تمنح شهادات في كيفية "فضّ الاضطهاد"؛ ويمنح برنامج كفاءة التبادل الثقافي شهادات في "فهم التنوع والعدالة الاجتماعية".
ولم تمنع الأزمة الكبيرة في ميزانية ولاية كاليفورنيا جامعة سان فرانسيسكو-كاليفورنيا من خلق مركز نائب رئيس جامعة جديد للتنوع والتوعية، حتى تضيف إلى ما لديها من "مكتب العمل الإيجابي"، برنامج "تكافؤ الفرص والتنوع"، و"مركز تعليم التنوع" (الذي يعلمك كيف تصبح "وكيلاً للتغيير والتنوع")، و"مركز صحة إنصاف المثليين"، و"مكتب التحرش الجنسي ومنعه وحله"، و"اللجنة الاستشارية للتنوع"، ومكتب "قضايا المثليين والمثليات وثنائيي الجنس والمتحولين جنسياً"، وبرنامج "وضع المرأة".
لذلك كله، سيتوجب على دافعي الضرائب أن يدفعوا أكثر، وعلى أولياء الأمور والطلاب أن يقترضوا أكثر من أجل تمويل المزيد من التوسع الإداري الذي يخدم أجندات سياسية لا معنى لها؟ وسيظلون يفعلون ذلك، حتى: "بوب"! وتنفثئ الفقاعة.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:
 Subprime college educations