التعليم عن بعد: بلعنا الطعم بخاطرنا!

قبل يومين، كتبت في “الغد” داعيا لأن تعتمد الحكومة التعليم عن بعد كإجراء وقائي يجنب أبناءنا الوقوع فريسة للوباء، ويمنع من خلاله تكوين بؤر نشطة في المدارس.اضافة اعلان
بالنسبة لي، اتخذت مثل هذا القرار ودعوت إليه، بعد أن رأيت حرص الحكومة الشديد على تجاوز أولويات المواطن المعدم، وتغليب مصلحة المدارس الخاصة على المواطن وسبل عيشه، وهي المؤسسات التي تملك دوائر ضغطها التي لا يمكن للحكومة أن تتجاوزها.
بصراحة تامة، لم نكن أغبياء. كنا نعرف جميع خيوط اللعبة، وأن المطلوب من المواطن أن يذهب إلى تسجيل أبنائه في المدارس الخاصة، والتي تعسفت بطلباتها هذه المرة، فلم ترض سوى بدفع نقدي لكامل القسط، أو شيكات بنكية مؤجلة، لكي تحفظ حقها الكامل فيما لو “ابتكرت” الحكومة حلولا، أو اتخذت قرارات يمكن أن تؤثر على أرباحها التي غذت حساباتها البنكية على مدار عقود.
نعلم أن قرار التعليم عن بعد كان تم اتخاذه قبل هذا الوقت بكثير. على الأقل، هذا ما تعتقده نسبة عالية من المواطنين، وأن الحكومة تلكأت بإشهاره إلى حين استطاعت المدارس الخاصة تحصيل أقساطها من الأهالي المغلوبين على أمرهم.
في الأول من أيلول (سبتمبر) الحالي، كتبت مقالاً في “الغد”، بعنوان “سمعنا وأطعنا.. ودفعنا”، محوره الأساسي أن الحكومة بجميع تصريحاتها أرادت لنا أن نفهم أنها لن تعتمد التعليم عن بعد. وحتى لو اعتمدته في المدارس الحكومية، فإن المدارس الخاصة ستكون مستثناة منه، لأنها، بحسب زعم الحكومة، تستطيع تحقيق اشتراطات السلامة والتباعد الجسدي.
لقد عمدت الحكومة، وخلال أسابيع متواصلة، إلى تعميم خطاب موجه بعناية شديدة، مفاده أن التعليم سيكون وجاهيا، وأن الظروف، مهما كان شكلها، فلن تؤثر على طبيعة التعليم الوجاهي في المدارس الخاصة على أقل تقدير.
بالنسبة لي، وللآلاف مثلي، أطعنا، ودفعنا، رغم يقيننا الكامل، أن كل تصريح أخرجته الحكومة، كان فقط، للاستهلاك المحلي الضيق الذي لا ينظر إلى مصلحة المواطن، بل إلى مصلحة المستثمرين.
يحضرني اليوم، كيف أكدت الحكومة أن التعليم سيكون وجاهيا طوال العام مهما حدث. ورغم أن كثيرين رأوا استحالة انتظام التدريس الوجاهي طوال العام، إلا أن تأكيدات الحكومة كانت من النوع الذي لا يمكن لنا التشكيك فيه.
اليوم نقف حائرين أمام سهولة تبدل القرارات، ورغم أننا مع مثل هذا القرار، إلا أنه يكشف عن كيفية استغفال المواطن، وكيف أننا ندفع ثمن تقصير الحكومة، خصوصا أننا كمواطنين، لم نكن من فتحنا الحدود البرية، واستهنا بالسياسات والإجراءات التي كان من الواجب اتباعها، وبالتالي تأتي الحكومة لتحملنا جميع أوزار هذا الوباء وانتشاره!
ألم يحن الوقت لكي تعترف الحكومة ببعض الأخطاء الكارثية التي جرّت علينا الكوارث، وأحبطت جميع تضحيات الأردنيين!
أيها السادة، يكفي تمثيلا نعلم جميعنا أنه ما من أحد اليوم يقبل أن يشتريه! ويكفي شيطنة للأصوات المخالفة لآرائكم “المقدسة”. لقد دخلنا “لعبة” التعليم معكم، بخاطرنا، ولكن لا تبيعونا الوهم بتبريرات تكشف فشلكم بحمايتنا.