التعليم والصحة وأشياء أخرى

تساؤلات كثيرة وعلامات تعجب كبيرة تلك التي تدور في عقول الناس، حول ضعف الأثر الإيجابي على الناس، جراء إنفاق بلايين الدنانير على مشاريع وخدمات لسنوات طويلة.

وتكريس الإحساس بعدم جدوى الإنفاق وغياب منافعه لم يأت من فراغ، بل هو وليد ممارسات سلبية مختلفة تتعلق بكيفية إدارة بند النفقات في موازنة الدولة على مدى عقود طويلة.

وثمة شواهد واقعية تعكس تشوها كبيرا في سبل إنفاق الأموال، ليس أولها مشاريع أنشئت بملايين الدنانير في بقع مختلفة من المملكة، ولم تحقق نفعا لأهلها سوى بقائها أمام أعينهم بلا فائدة تذكر، كدليل قاطع على فشل الحكومات في وضع كل فلس في محله.

في الأردن أنفقنا على تطوير قطاعي الصحة والتعليم بلايين الدنانير خلال السنوات الطويلة الماضية، وساهمت أموال الخزينة بإنشاء أعداد كبيرة من المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية.

ورغم تعاظم الإنفاق والتوسع الهائل في زيادة مخصصات هذين القطاعين، إلا أن مستوى الخدمات يعاني تراجعا مطردا، وتدنيا ونقصا كبيرين في الأدوات والكوادر البشرية.

قيمة الإنفاق على بند التعليم خلال العامين 2009 و 2010 على التوالي، بلغت 602 و 596 مليون دينار، بمعدل 10.9 % من الناتج المحلي الإجمالي.

أما حجم النفقات المخصصة للقطاع الصحي، فوصل خلال العامين السابقين إلى حوالي 622 و 586 مليون دينار بنسبة تقارب 10.7 % من الناتج المحلي.

وإلى جانب مخصصات التعليم والطبابة، تدرج بنود أخرى ضمن القائمة منها مخصصات قطاع الدفاع والأمن، إذ حدد له 1658 مليون دينار بمعدل 30.4 %، وما مقداره 403 ملايين دينار للدين العام، ومبلغ 26 مليون دينار لقطاع الطاقة، 56 مليونا للزراعة، إضافة إلى مبلغ 1338 مليون دينار للخدمات العمومية.

بالعودة للحديث عن قطاعي التعليم والصحة نجد أن نحواضافة اعلان
22 % من موازنة العام الحالي موجهة لهما، وهذه نسبة معقولة إلى حد ما.

بيد أن المفارقة تكمن في النتائج التي يجلبها الإنفاق على هذين القطاعين، ففي قطاع التعليم ما نزال نشهد مدارس تعمل بنظام الفترتين، ونعلم أن ثمة مدارس تعاني من أبنية آيلة للسقوط.

في القطاع الصحي، فإن مستوى الخدمة ليس أفضل حالا، وكثيرة هي الشكاوى التي ترد من مختلف المناطق حول تقصير هنا وتواضع إمكانيات هناك.

المفارقة في موضوع الخدمات الصحية والتعليمية أن البلايين التي أنفقت، أخفقت في الارتقاء بنوعية الخدمة لمستويات تتناسب وحجم الأموال المنفقة.

السبب ليس خفيا، ويتمثل بتركيز الحكومات المتعاقبة على عدد المؤسسات التعليمية والصحية وليس نوعية ومستوى الخدمة، ففي الأردن توجد أعداد هائلة من المراكز الصحية العادية (الأولية)، ومئات المراكز الشاملة.

بيد أن الخدمات في كثير من هذه المراكز لا تتجاوز صرف وصفة طبية للصداع والمغص، بينما لا يتجاوز مستوى الخدمة المقدم في مدارسنا التي دخل عددها منزلة الألوف، توفير مقعد للطالب في صف مدرسي.

هذه أمثلة تشرح كيف تنفق الأموال لدينا، ولا يدري أحد إلى متى سنظل نهدر الأموال من دون طائل!.

فقناعة الناس بأن كبر حجم الموازنة أو صغره لا يعنيهم أو يمس حياتهم إلا بمقدار ما يدفعون من ضرائب، مرده ممارسات كثيرة طالما شهدوها بأم أعينهم من إنفاق تفاخري للدولة وأموال تضيع بلا حسيب أو رقيب ومن دون منفعة لهم.

[email protected]