التفاؤل يخلقه الساسة.. لا الإعلام

أغلب الظن أن محافظ البنك المركزي د. زياد فريز، يشعر بارتياح تجاه المؤشرات النقدية، ما دفعه إلى اتخاذ قرار بتخفيض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي.اضافة اعلان
أهم ما في القرار أنه يؤشر صراحة إلى استقرار الوضع النقدي، وكون العملة الوطنية بخير، مع التأكيد أيضاً على أن الأدوات النقدية المُستخدمة قد أثمرت في ظل الظروف الصعبة، محلياً وإقليمياً.
البنوك المركزية متحفظة في العادة، بحيث تُدرس القرارات الشبيهة بقرار "المركزي" الأردني بعناية شديدة، وتُحسب بدقة، قبل الإقدام عليها، لحساسيتها. والظاهر أن المحافظ رغب في التعبير عن تفاؤله بالتقديرات الإيجابية للوضع الاقتصادي، عبر خطوة عملية، تبث بدورها أجواء من التفاؤل بين الأوساط الاقتصادية، بقطاعاتها المختلفة.
المهم أن يلتقط القطاع الخاص الرسالة، وأن يتّبعها بشكل يساعد على تحسين وتيرة النمو الاقتصادي، الذي يتوقع أن يبلغ نسبة 3 % خلال العام الحالي. وهي نسبة جيدة، لكنها غير كافية، حتى ولو استثنينا النمو السكاني المرتفع نتيجة اللجوء السوري.
المحافظ يبدو مرتاحا أيضا فيما يتعلق بمعدلات التضخم خلال العام الماضي، وكذلك ما هو متوقع لهذا المؤشر خلال الأشهر المقبلة؛ كون ضبط مؤشر أسعار المستهلك هو من مهام البنك المركزي أيضاً.
من دلالات قرار "المركزي" الأخير، كالقرارين السابقين المماثلين، توجيه دعوة إلى البنوك العاملة في السوق المحلية، بضرورة تسهيل مهمة الحصول على القروض لإقامة مشاريع، وبما يساعد على تسريع وتيرة دوران عجلة الاقتصاد، لاسيما أن التسهيلات الممنوحة للقطاعات المنتجة والمشغلّة محدودة، بحيث تعكس شعورا بالريبة وعدم الثقة.
الرسالة الأخرى موجهة، وبشكل رئيس، للسوق المالي الذي يتأرجح على وقع الأخبار، ما يجعل قرار تخفيض أسعار الفائدة بمثابة فرصة لتحسن أداء البورصة التي مرت بظروف عصيبة خلال الفترة الماضية.
بيد أن قرارات تخفيض أسعار الفائدة قليلة في نسبتها الإجمالية التي تبلغ ثلاثة أرباع النقطة، وبما يجعل التفاؤل ممكناً بإمكانية اتخاذ خطوة أخرى جديدة في المستقبل، طالما أن عناصر الشعور بالثقة قائمة. والهدف هو خلق أجواء من التحفيز والتفاؤل، خصوصا أن تنشيط الاقتصاد بالشكل المطلوب لن يتحقق طالما بقيت حالة عدم اليقين مسيطرة على المزاج الاقتصادي.
المشكلة أن النتائج المرجوة من توجهات السياسة النقدية الإيجابية لن تكتمل طالما أن السياسة المالية لا تتبعها بخطوات من جانبها. فالوضع الاقتصادي يسير بساقين؛ الأولى نقدية، والثانية مالية. وحتى لا يكون الاقتصاد أعرج، يلزم تفاعل السياسة المالية مع الأجواء الإيجابية المعبّر عنها بالإجراءات النقدية، ولتستثمر هذه الحالة بشكل يساعد على تحقيق الأهداف.
يد واحدة لا تصفق. وحتى تتغير الصورة، فإن على الجميع السعي إلى استعادة الثقة بالاقتصاد، خصوصا أن الوضع السياسي في البلد يساعد على ذلك؛ ونظرة إلى كل ما يحدث في الإقليم تؤكد ذلك.
التفاؤل لا يخلقه الإعلام فحسب، بل للساسة الذين يتخذون القرارات الدور الأكبر، من خلال ما توحي به، ولو نظريا، من ارتياح لدى المسؤولين.
البنك المركزي فعل ما عليه، فهل تتحرك المؤسسات والوزارات الأخرى، السياسية والاقتصادية، كما هو مرغوب، بل ومطلوب؟

[email protected]

jumanaghunaimat@