التقاط اللحظة

اللحظة الراهنة في الأردن هي لحظة مفصلية في الحرب على الإرهاب والتطرف. وهي كذلك لحظة وطنية بامتياز؛ إذ إن الهبّة الوطنية ضد الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها العصابة الإرهابية في الكرك، ليست غريبة عن الأردنيين الذين يقفون متوحدين خلف قيادتهم الهاشمية وأجهزتهم الأمنية في محاربة التنظيمات الإرهابية.اضافة اعلان
لقد استطاع الأردن، بفضل حكمة قيادته وكفاءة أجهزته ووعي مواطنيه، أن يجنّب نفسه شرور التطرف والإرهاب لسنوات عدّة. والأحداث الأخيرة بالكرك لا تقلل من أهمية الكفاءة الأمنية والاستخباراتية في التعامل مع هذه التنظيمات المتطرفة، ومحاولاتها الدائمة النيل من أمن الوطن واستقراره، وحالة الأمان التي يتمتع بها الأردنيون التي غدت مثار إعجاب القاصي والداني.
إن الحرب على الإرهاب هي حرب بين مشروعين: مشروع ظلامي يقدم على الهدم، تمثّله التنظيمات الإرهابية ومن يقف خلفها من الداعمين الذين يسعون إلى تدمير الأوطان، ورفض كل ما هو إنساني وحضاري. وهو المشروع الذي نجح في تمزيق العديد من الأوطان من حولنا.
أما المشروع الثاني، فهو الذي تمثّله الدولة الأردنية، وريثة الثورة العربية الكبرى والحاملة لمبادئ النهضة العربية. وهو مشروع يتجسد في الفكر الحضاري والمستنير، والقائم على الإسلام الصحيح، والحامل للفكر العروبي الملازم لروح الإسلام وجوهره.
وبالرّغم من أن الأردن كان دائماً ضد التطرف والإرهاب، فإننا وصلنا لحالة صدام مباشرة مع هذا المشروع الذي يتطلب رداً استراتيجياً شاملاً لا رداً آنياً وأمنياً فقط، بالرغم من ضرورة الرد الأمني والآني في هذه المرحلة.
والبديل من المشروع الظلامي جاء في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك، وهو الدولة المدنية المستندة للدستور الأردني، الحاضنة الراعية للدين والمتصالحة معه، والتي في الوقت نفسه تعتمد المواطنة بوصفها أساسا لها، وسيادة القانون حامية لها.
لذا، فنحن بحاجة لترجمة الرؤية للدولة الأردنية الحديثة الموجودة في الورقة النقاشية السادسة، وتحويلها إلى مشروع نهضة أردني جديد. وهذا المشروع يتطلب انخراط القوى السياسية كافة في صوغه وتبنّيه والدفاع عنه. وهذا المشروع الوطني الديمقراطي هو الرد على مشاريع التطرف والإرهاب التي يتعرض لها الأردن والمنطقة.
إن الحرب على التطرف والإرهاب ستكون حرباً ضروساً، وتتطلب نفَسَاً طويلاً ومتعددة المستويات. كذلك، فإنها تستوجب وقفة وطنية أصيلة تشارك فيها جميع المؤسّسات الوطنية والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، خلف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كافة، والتي لم تتوان يوماً عن تلبية نداء الوطن والواجب وتقديم التضحيات من أجله.
الرحمة لشهدائنا الأبرار، والشفاء التام للجرحى والمصابين.