التمويل الإسلامي الأصغر فرصة بديلة للاقتصاد الأردني

الاقتصاد الأردني يعتمد أساسا على المشاريع الصغيرة والمتوسطة معظمها قطاع خاص، إضافة إلى قطاع الخدمات، مما يعني أنها تسهم في أكثر من ثلثي قيمة الإنتاج المحلي، إضافة الى المساعدات الخارجية وحوالات المغتربين.
واليوم وقد كثر الحديث عن جملة مصاعب تواجه الاقتصاد الأردني في مقدمتها ارتفاع معدل البطالة وارتفاع المستوى العام للأسعار، وتراجع بعض القطاعات الاقتصادية، أصبح من الضروري إعادة التفكير بوسائل إنتاج تعيد له حالة التوازن بعيدا عن وصفات صندوق النقد الدولي التي أرهقت القطاعات الاقتصادية المختلفة وما تبعها من ارتفاع لمعدلات الأسعار.
لذلك فالالتفات الى مساهمة أوسع من الأفراد في العملية الإنتاجية أصبح ضرورة ملحة لتتمكن الأسرة من توفير ولو بالحد الأدنى مستوى من الدخل يساعدها على تجاوز تحديات ارتفاع معدلات الأسعار ثم توفير فرص عمل ما أمكن للعاطلين عن العمل.
لهذا فإننا في مقالتنا هذه نوجه الاهتمام الى موضوع التمويل الأصغر لإحداث تنمية اقتصادية يسهم فيها شريحة واسعة من المجتمع، وعلى وجه الخصوص التمويل الإسلامي الأصغر.
فعلى الرغم من أن هذا النوع من التمويل في أيامنا يعاني من غياب الاهتمام الرسمي والمصرفي بشكل عام ليس في الأردن فقط بل في البلدان العربية والإسلامية بشكل عام، فهو يواجه مجموعة من التحديات أهمها عدم القدرة على مواجهة مؤسسات الإقراض الكبرى والمتخصصة في وطننا العربي خاصة، وبعض المجتمعات الإسلامية عامة؛ والتي لا ترغب هذه المؤسسات في تقديم نموذج تمويل أصغر وفق أحكام الشريعة الإسلامية وغير مقتنعة بتحمل المخاطر التي تعد مرتفعة على أساس المشاركة أو المضاربة، علما أن هذه المؤسسات تمتلك أكثر من ثلثي محفظة التمويل الأصغر في الوطن العربي على وجه الخصوص وصاحبة نفوذ قوي في رسم القوانين والتشريعات التي تخدمها وترسخ هيمنتها وانفرادها في هذا النوع من التمويل بشقيه الفردي والجماعي. كما شهدنا منذ سنوات انتشارا وتوسعا لها اعتمادا على بعض الجهات المانحة والداعمة لهذه الصيغة من التمويل.
التمويل الأصغر الإسلامي في وضعه الحالي لا يمثل أكثر من 0.05 % من مجموع التمويل الأصغر في الوطن العربي، علما بأنه يمثل بديلا مقبولا ذا أهمية معتبرة من الفئات كافة غير المستفيدة من التمويل الأصغر التقليدي، وذلك لبحثها عن سبل التمويل الحلال لمشاريعها وفق الشريعة الإسلامية، ويمكنها من توفير القدرة المالية لها، خاصة ذوي الدخل المحدود، والاستفادة من الخدمات المالية غير المتاحة لهم من مؤسسات التمويل التقليدية وذلك لتدني دخولهم، وبما يمكنهم من مواجهة الإنفاق المتصل بالتعليم والصحة والغذاء، وبدون ذلك فإن النتيجة بكل تأكيد تنعكس على الاقتصاد الوطني من زيادة معدلات البطالة وعدم القدرة على الإنفاق لحاجاتهم الضرورية، مما يتسبب في زيادة الفقر والأمية وتراجع التنمية الاقتصادية.
الباحثون عن هذا النوع من التمويل هم عادة من الأسر والأشخاص ذوي الدخل المحدود وليس لديهم القدرة على الحصول على التمويل المطلوب من المؤسسات المالية الكبرى المتخصصة بتقديم التمويل، بسبب الشروط والضمانات التي يطلبونها وهم بالعادة يمتلكون أو يسعون لامتلاك مشاريع صغيرة أو منزلية أو من صغار المزارعين أو بعض الأعمال الحرفية وهكذا، أغلب تواجد هذه الفئة في المناطق النائية والأرياف.
بمعنى آخر يوجد لدينا أشخاص لديهم أفكار لنشاطات اقتصادية، ولا يملكون المال الكافي لتنفيذ أفكارهم، فهنا يأتي الدور الذي يمكن أن تقوم به مؤسسات التمويل الأصغر، وبناء على هذه الأهمية ولتطور سوق التمويل الأصغر في الأردن صدر نظام شركات التمويل الأصغر للعام 2015، وعمل البنك المركزي الأردني على وضع جميع الشركات المعنية بتقديم التمويل الأصغر تحت رقابته المباشرة اعتبارا من مطلع العام 2015، وهذا يؤشر على اهتمام البنك المركزي في ضمان الاستقرار المالي والنقدي، مما سيؤدي الى تشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مفاصل الاقتصاد الوطني المختلفة.
ومن هذا المنطلق، فإننا نرى أن الاهتمام بالتمويل الأصغر كونه يمثل قطاعا إضافيا للصناعة المصرفية الإسلامية ورافدا لها، يمكن أن يسهم بشكل ملحوظ في زيادة العائد المادي لمؤسساتنا المالية الإسلامية، كما ويحقق عائدا اجتماعيا للمجتمع يسهم في تخفيف ضغوط الفقر والبطالة وما يترتب عليهما من مشاكل اجتماعية.

اضافة اعلان

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي