التنازل: فن يجعل الحياة الزوجية أسهل

ديما محبوبه

عمان- لا تجيد العشرينية حلا عادل المتزوجة منذ عامين، فن إدارة الأزمات التي تعصف بحياتها الزوجية، معتبرة أن تقديم التنازلات من قبلها في حال حدوث مشكلة يعد ضعفا ولا يمكن أن يكون نهجها في الحياة يوما ما.
وتعتقد حلا أن عدم تقديم التنازلات من قبلها وقبل زوجها، سيؤدي بالنهاية إلى طريق مسدودة، وقد يكون سببا في إنهاء العلاقة الزوجية، ما يجعلها تفكر كثيرا بكيفية ضبط أعصابها أثناء حدوث المشكلات.
ومن منطلق تجربته الشخصية، يرى الأربعيني علاء خالد أن الزواج الناجح، يعتمد على المحبة والاحترام وحجم التنازلات التي تقدم، موضحا "لا بد من حدوث مشاجرات بين الطرفين، وهذا لا يعني نهاية العالم، لأن الزوجين يتمنيان الوصول لحل مشاكلهما؛ إذ يكون التنازل أحد أهم الحلول وهو السبيل الوحيد لاختصار المشاحنات بينهما".
ويؤكد أن حياته الزوجية يغلفها الحب والمودة والرحمة، لكنها لا تخلو من تضارب الأفكار والرغبات من جهة أخرى، مبينا أن التنازل بين الزوجين خطوة للوصول إلى حياة زوجية هادئة، فهو يعتمد أسلوب الحوار والمناقشة مع زوجته للوصول إلى حل وسطي بينهما ولخلق تقارب بين الأفكار.
وهنالك أزواج يعتقدون أنهم سيدخلون معركة بمجرد عقد القران، فيتعنتون برأيهم حتى وإن كان خاطئا، ومن هنا يبدأ الصراع الذي ربما لا ينتهي، إلا بعد أن يدرك كل طرف منهما أن التنازل بين الزوجين، هو الطريق الأكيد لكسب عقل الزوجين قبل قلبهما، وهو أداة لكسب الحب والمودة والرحمة واستمرار الحياة الزوجية.
والتنازل، من وجهة نظر التربوية رائدة الكيلاني، يعلم منذ الطفولة بين الإخوة، وهو طريقة جيدة لإظهار قوة الشخص، فمن يتعامل بمرونة وروح إيجابية، ويسعى لإيجاد الحلول هو شخص متصالح مع ذاته، ويسعى للعيش بطريقة جميلة.
كما ويؤكد الاختصاصي في الشؤون الأسرية د. فتحي طعامنة "أن فن التنازل يعني أن تتعامل مع الطرف الآخر بأسلوب بين المد والجزر، أي وضع خطوط فاصلة لحياة الزوجين منذ بدايتها، ولا بد أن يخبر كل طرف الآخر بخصوصياته وبما يكره، وفي وقت الضيق والشجار لا بد من التنازل بين الطرفين حتى يسير المركب".
والتنازل، كما يقول، بعيد كل البعد عن إهانة الكرامة أو السكوت على خطأ، فيأتي التنازل بالاقتناع بوجهة نظر الآخر، ويكون بالوصول إلى تقارب في الأفكار بين الطرفين، مؤكدا أنه مع تقدم الزمن تصبح الآراء متقاربة نتيجة لفهم كل طرق للآخر.
والتنازل عن بعض القناعات، أو الأفكار بين الزوجين، ما لم تمس الثوابت، في رأي طعامنة، شيء لا بد منه، إذا كان سيصل بالأسرة إلى بر الأمان، ويساعد في بناء أسرة متحابة.
ولإيجاد بيئة اجتماعية وأسرية صالحة، يرى اختصاصي علم الاجتماع د. محمد الجريبيع، مدير مركز الثريا للدراسات، أنه لا بد من العمل على تعلم فن التنازل لأهميته في إيجاد تربة صالحة، يتربى فيها الأبناء، ومن قبلهم يسعد بها الأزواج.
ويؤكد أن التنازل يجب أن يكون من قبل الطرفين، حتى لا يشعر الطرف الآخر، بالظلم وامتهان الكرامة، أو أن تنازله يجعل الأمور معقدة تماما، وتذهب بالحياة الأسرية والزوجية إلى منطقة مظلمة.
وبحسب جريبيع، فإن هناك أشخاصا لا يعرفون التنازل، واصفا الزوجين وكأنهما عدوان في معركة، فتجد أن عدم تنازلهما يفضي إلى العناد وأن كلمة الواحد هي الحاسمة ولا تنازل عنها.
ومن الأمور الأخرى التي تجعل الزوجين لا ينصعان لفكرة التنازل، كما يؤكد طعامنة، هي عدم النضج الفكري أو العاطفي لأحد الزوجين، وهذا يدل بكل وضوح على غياب الثقافة بالحياة الزوجية، كما أن تسلط الزوج أو الزوجة، حيث يفرض الواحد رأيه على الآخر، يجعلهما بعيدين عن التفاهم ويغيب مبدأ الشورى بينهما، مبينا أن عدم التكيف مع الزوج والشعور باختلاف الطباع، يولد العناد وعدم التنازل.
ويؤكد طعامنة أن الشعور بالنقص يجعل الزوج أو الزوجة، يعوض ذلك بالتمسك برأيه وعدم التنازل عنه، لافتا إلى أن هناك أزواجا يتمسكون بآرائهم ولا يتنازلون كتقليد لذويهم لا أكثر.
وتذهب الكيلاني إلى أنه يمكن علاج حالة العناد، والوصول إلى الحب الكبير، من خلال التمسك بمفاهيم البذل في الحياة، بما فيها من فرح وسعادة، معتبرة أن الزوج يشعر بفرح أكبر، إن علم أن تمتع زوجته بالحياة، يعطيها فرحا أكبر أو العكس.

اضافة اعلان

[email protected]