التنظيم الاجتماعي والثقافي لعمان

إلى أي مدى تعكس المخططات التنظيمية والعمرانية لمدينة عمان الاحتياجات والأولويات الاجتماعية والثقافية لسكان المدينة؟ وإلى أي مدى يشارك الناس في التخطيط لمدينتهم وأحيائهم وإدارتها وتنظيمها؟ وهل تتفق مخططات الشوارع والأرصفة وتصميم البيوت والعمائر والمرافق مع حاجات الناس للسكن والراحة والخصوصية، وتطلعاتهم الجمالية والروحية؟ كيف يمكننا (وهذا ليس خيالا علميا ولكنه متاح ومتبع في كثير من مدن العالم، وكان سائدا ومتبعا لدينا قبل التحديث) أن نحول المدن والأحياء إلى مجتمعات قائمة حول الأعمال والاحتياجات وأساليب الحياة، بحيث يستطيع الناس والأطفال أن يتحركوا في حيهم ويذهبوا إلى مدرستهم ويجدوا مكتبات وحدائق وألعابا وأندية وأسواقا وحاجاتهم وسلعهم الأساسية بسهولة وبدون حاجة إلى وسائل نقل، أو بوسائل سهلة وغير مكلفة؟اضافة اعلان
في الندوة التي عقدتها الدائرة الثقافية في الجامعة الأردنية يوم الأربعاء الماضي بمكتبة الجامعة عن الأبعاد الاجتماعية والثقافية في مخططات مدينة عمان وواقعها القائم، شارك مجموعة من المهندسين والأكاديميين والمثقفين والإعلاميين، وقدم فيها السيدات والسادة أحمد أبو خليل وحازم زريقات ورامي الضاهر وهانية مرقة مداخلات رئيسية أعقبها حوار واسع ومعمق حول الأبعاد الاجتماعية والثقافية لمخططات مدينة عمان وواقعها التنظيمي، وقيل الكثير مما يصعب عرضه ومناقشته في هذه المساحة المتاحة، ولكن يمكن ملاحظة مستوى الوعي المتقدم لدى المشاركين بالآفاق الممكنة للمدينة، وإمكانية تحقيق وعي واضح ومتقدم لما نريد أن نكون عليه والفرق بين الوعي والواقع، فهذا هو مبتدأ الإصلاح. بالطبع، فإن الوعي لا ينشئ الإصلاح بالضرورة، ولكن لا يمكن تحقيق الإصلاح من غير وعي بما نريده.
إلى أي مدى تساهم المشاركة الشعبية في التخطيط للمدينة؟ برأي هانية مرقة فإنه، للأسف، لا تساعد القوانين على ذلك. ولكن لنسأل أيضا: لماذا لا يتحرك المواطنون لأجل وقف الاعتداء على الفراغات الحضرية، أو لأجل مرافق اجتماعية وثقافية جديدة؟
د. رامي الضاهر يحب أن يتحدث بصفته "عمّانيا"، ويقول إن معرفة أهل عمان بمدينتهم محدودة، ونحتاج برأيه إلى مجتمع قارئ، وإلى مناهج دراسية تلبي احتياجات التنمية والإصلاح.
الغاضب أحمد أبو خليل يرى أن كثيرا من المخططات التنظيمية والمشروعات التي أقيمت في عمان (مجمع رغدان ومشروع العبدلي على سبيل المثال) تعمل على تبديل الناس في عمان، واستبعاد الفقراء تماما. أما حازم زريقات، خبير النقل، فيعطي اهتماما كبيرا لوجود شبكة نقل عام سريعة وحضارية تقلل التلوث والزحام وتكلفة النقل والمواصلات. وأما د. زيد حمزة فيرى أن الحل سياسي وبتحقيق الديمقراطية، فغياب الديمقراطية يؤدي إلى الفساد.
هناك الكثير مما قيل في الندوة وما يمكن أن يقال، وأعتقد ان التفكير في التنظيم الاجتماعي والثقافي لمدننا يشكل بداية لا يمكن تجاوزها لتحقيق الإصلاح.