التواصل العائلي.. هروب من "التكنولوجيا" إلى "الحقيقة"

Untitled-1
Untitled-1
ديمة محبوبة عمان- مع بداية العطلة الصيفية، بدأت رانيا الخطيب تخطط لقضاء أوقات جميلة خارج المنزل برفقة كل أفراد العائلة. وتختار الخطيب يوما بالأسبوع تقوم خلاله بجمع الحاجيات والوجبات الصحية في الحقائب وكل ما يحتاجه أطفالها، استعدادا للذهاب بنزهة وسط الطبيعة. الخطيب تبحث عن أماكن ومتنزهات تناسب أطفالها للاستمتاع باللعب، وهو قرار اتخذته بعدما وجدت نفسها وزوجها ينشغلان عن أطفالهما طوال الأسبوع، ولا يقضيان الوقت الكافي معهم، بحكم العمل وأيام الدراسة. وتلفت الخطيب، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، مع توفر الانترنت طوال الوقت، أدت لانشغال كل أفراد العائلة عن بعضها بعضا، لذا كان لا بد من التفكير بطرق تعود فيها التجمعات العائلية المفيدة من دون الوسائل التكنولوجية. دراسة عالمية أسترالية أكدت أن التكنولوجيا حاضرة في الحياة على الدوام؛ إذ تحتوي 98 % من الأسر على جهاز واحد على الأقل، يتصل بالإنترنت. وتشير الدراسة إلى استخدام الآباء لهذه الأجهزة بمعدل 3.5 ساعات في اليوم، في حين يبلغ متوسط استخدام الأطفال للأجهزة الرقمية 2.5 ساعة في اليوم. وتؤكد أن هذا الوقت بالنسبة للأطفال، يتخطى الإرشادات التي يوصي بها أطباء الأطفال؛ إذ ينصحون بعدم استخدام الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام، الأجهزة الرقمية والبرمجيات لأكثر من ساعة يوميا. الاختصاصي التربوي د. محمد أبو السعود، ينصح بأهمية مراجعة الآباء لما يقومون به، فإن أرادوا مساندة الأطفال في الكبر، عليهم أن يكونوا أكثر تواصلا معهم في الصغر. ويؤكد أهمية أن تكون وجبات الطعام العائلية منتظمة، فالتواصل بين أفراد العائلة الواحدة أمر مهم وضروري، في ظل الحياة المتسارعة والصعبة. وينصح بتجاذب أطراف الحديث بين أفراد الأسرة الواحدة، والسؤال عن الأحوال وعن العمل أو الدراسة، وجعل الحديث أكثر متعة كأن يسترجع الأب طفولته وكيف تربى بين عائلة ممتدة، على سبيل المثال، مؤكدا أن الأطفال دائما لديهم حب معرفة التاريخ لوالديهم. عثمان الداوود، من ناحيته، يحاول أن يقضي وقتا أطول مع أسرته خارج المنزل، حتى يتحد أطفاله مع الطبيعة، نظرا لأهمية ذلك لعقلهم ونموهم الجسدي السليم؛ إذ يسعى بشكل أسبوعي لإخراجهم والاستمتاع بذلك الوقت. وعلى الرغم من ذلك، دائما يحصل نقاش بينه وبين زوجته، بأنه لا يترك هاتفه، حتى في اليوم العائلي لا يتشارك معهم بنشاطات ممتعة. وتقول زوجته ميسر "الاهتمام بالأطفال والعائلة لا يعني قضاء الوقت معهم بالجسد فقط، فالمشاعر والمشاركة في الحياة والقرارات والحديث ورؤيتهم يكبرون أمام الوالدين أمر ضروري". وتبين أن زوجها يعتقد بأن الاهتمام يكون من خلال تقديم المال الوفير لها ولأطفالها، لكن وجوده معهم ومشاركته لهم حياتهم وما يعيشونه يوميا مهم أكثر، مؤكدة أنها لا تطلب الكثير منه، فتحديد يوم واحد في الأسبوع يعد أمرا ممكنا، على حد وصفها. ويؤكد اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، أن الآباء الذين يستخدمون الهاتف باستمرار، يجعلون الأطفال أكثر عدوانية، خصوصا عند عدم أخذ الطفل على محمل الجد أو تجاهل الإجابة عن سؤال معين، فيشعر بالحزن ويؤثر ذلك على نفسيته، ومن الممكن أن يسبب له الانعزال. ومن ناحيته، يشير اختصاصي علم الاجتماع ومدير مركز الثريا للدراسات، د. محمد الجريبيع، إلى أن التدخل التكنولوجي في حياة الطفل يؤثر عليه بطريقة كبيرة، لافتا الى أنه من الصعب إعطاء الحماس والاهتمام المطلوب منك تجاه سؤال يسأله الطفل وأنت تستخدم هاتفك. ويرى التربوي د. محمد أبو السعود، أن على الأهالي التقليل من استخدام الهواتف المحمولة لأجل أطفالهم، ويمكن الاشتراك بلعبة تحتاج إلى نشاط بدني يمارسونها جميعا. وعلى الأهالي أن يكونوا دائما قدوة للأطفال، فإذ أراد الشخص أن يقلل صغيره من استخدام الأجهزة اللوحية أو ألعاب الفيديو عليه أن يقوم بالشيء ذاته. وينصح بطريقة شاهدها عبر التلفزيون بوضع سلة للهواتف أو أي شيء تكنولوجي في المنزل، وذلك تحفيزا على ترك هذه الأجهزة وقتا كافيا يوميا لقضاء الوقت بشكل عائلي. الجريبيع يستغرب من الأهالي الذين يصورون كل تفاصيل حياتهم أكثر من متعتهم بتفاصيل ما يحدث، مبينا أن هذا التوثيق مهم وهو ذكرى جميلة لكن لوقت محدد، فذاكرة الأطفال أيضا تحفظ مدى اهتمام ذويهم بهم وكم من الوقت أعطوهم أثناء الطفولة ومراحل النمو. وبعض الأهالي، بحسب أبو السعود، يرون أن الوقت الذي يتم قضاؤه على الأجهزة الخلوية من الممكن أن يكون لإراحة الأعصاب من الحياة وسرعتها ومتطلباتها، لكنه تخفيف مؤقت يجعل الفرد يواجه صعوبة حقيقية داخل أسرته مع شريك الحياة والأطفال إن استمر هذا الأمر طويلا.اضافة اعلان