التوجه لفصل بني عبيد عن بلدية إربد.. تساؤلات حول الجدوى

مجمع سفريات إربد الجديد والذي تم تحديثه بكلفة 25 مليونا ويقع بلواء بني عبيد-(الغد)
مجمع سفريات إربد الجديد والذي تم تحديثه بكلفة 25 مليونا ويقع بلواء بني عبيد-(الغد)
احمد التميمي

تتباين مواقف الشارع في إربد ولواء بني عبيد، حيال انفاذ قرار مجلس الوزراء بفصل مناطق لواء بني عبيد عن بلدية إربد الكبرى ما بين مؤيد ومعارض لهذا القرار.

وخلطت المواقف والحجج والذرائع المعلنة من التيارات المؤيدة للفصل والمعارضة له أراء الشارع الذي بات يفكر مليئا بجدوى الفصل من عدمه. وكان مجلس الوزراء قد قرر في جلسته التي عقدها بداية عام 2022 برئاسة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة السير بإجراءات استحداث عدد من البلديات في الألوية والأقضية التي لا يوجد فيها مراكز بلديات. وحدد مجلس الوزراء في قراره معيارين أساسيين لاستحداث البلديات الجديدة هما: استحداث بلدية في أي لواء أو قضاء ليس مركزاً لبلدية، مع الحفاظ على الوضع القائم للبلديات القائمة حاليا ودون إلغاء أي منها. وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الإدارة المحلية، توفيق كريشان، إنه وفق قرار مجلس الوزراء الذي تم اتخاذه، سيتم السير بإجراءات استحداث بلديات في الألوية والأقضية التي لا يوجد فيها مراكز بلديات. وأضاف في تصريحات سابقة، أنه تم وضع معايير للسير بإجراءات استحداث هذه البلديات، أهمها أن لا يكون اللواء أو القضاء مركزاً للبلدية التابع لها حالياً، إلى جانب رغبة غالبية قاطني اللواء أو القضاء بالسير بإجراءات استحداث البلدية. وأكد كريشان أنه سيتم مراعاة العديد من الشروط عند بدء السير بإجراءات استحداث البلدية والتي ترتبط بالملاءمة الفنية (التنظيمية) من حيث المحافظة على بقاء البلدية الأم متصلة جغرافياً مع بعضها البعض وعدم تضرر المشاريع الكبرى المنفذة للبلدية الأم ضمن حدود المنطقة المراد استحداث بلدية فيها، إضافة إلى إيجاد الحلول للمحافظة على حقوق البلدية الأم لأن هذه المشاريع أقيمت لكافة مناطق البلدية، علاوة على مقدار نسبة الدين التي ستتحملها البلدية المستحدثة من الدين الإجمالي للبلدية الأم، والطريقة المثلى لتوزيع الموظفين والآليات بين البلدية الأم والبلدية المستحدثة. وكان كريشان قد أشار إلى أن إجراءات السير في استحداث البلديات الجديدة بمراكز الألوية والأقضية ستبدأ بعد انتخابات المجالس البلدية ومجالس المحافظات والتي جرت في شهر آذار (مارس) العام الماضي، لافتا إلى أن إجراء الانتخابات في البلديات المستحدثة سيتم حال الانتهاء من عملية استحداث البلديات الجديدة والتي تحتاج إلى فترة زمنية كافية لإجرائها، خاصة وأن عملية الفصل بين البلديات ليست سهلة، وهناك تداخل في مساحات واستثمارات البلديات، التي تم ضمها منذ أكثر من 20 عاما. ويتكئ المؤيدون للفصل على ذرائع عدم استفادتهم على مر عقدين من الزمن من الخدمات على نحو يحقق الحد الأدنى منها، مشككين بقرار دمجهم أصلا عن المراكز الإدارية في المملكة واستثنائهم من استحداث بلدية مستقلة خاصة بهم. فيما يرى المعارضون للفصل أن القرار سيجهض جهودا تنظيمية وخدماتية واقتصادية بنت البلدية خططها وبرامجها وطموحاتها على المنطقة الجنوبية التي تقع ضمن حدود لواء بني عبيد ذات حيوية لإنفاذ هذه البرامج والمشاريع. ويرى النائب يسار الخصاونة أن لواء بني عبيد مهمش وأصبح مرتعا للقمامة في ظل غياب الخدمات، مشيرا إلى أن المشاريع التي تنوي بلدية إربد القيام بها تقع ضمن أراضي بني عبيد ولا يستفيد منها اللواء. وقال “إن اللواء يغذي بلدية إربد، وعندما يتحدثون عن المشاريع لا يتحدثون عن تطوير الأطراف”، مؤكدا أن هناك سلبيات مستمرة، وبالمجمل لم يحدث أي شيء من التغيير الإيجابي الملحوظ في بني عبيد، وانما هناك معيقات بسبب المركزية في القرار. بدوره، قال العين جميل النمري إن هناك رغبة قوية من سكان اللواء بالفصل وهو مطلب مشروع شريطة أن تقدم الحكومة حلولا واضحة بحيث لا تتأذى بلدية إربد والبلدية المستحدثة وخصوصا فيما يتعلق بإشكاليات تداخل التنظيم والملكية والمشاريع قيد التنفيذ والمخطط لها. وقال المحامي يوسف فؤاد خصاونة إن التهميش الذي عانت منه مناطق لواء بني عبيد خلال العشرين سنة الماضية وعدم وجود خدمات دفع بالعديد من سكان اللواء للمطالبة بالفصل عن بلدية إربد الكبرى. وأكد الخصاونة أن اللواء الذي يسكنه ما يقارب 250 ألف نسمة يعانون من سوء الخدمات التي تقدمها البلدية، مشيرا إلى أن معظم شوارع بني عبيد متهالكة، ناهيك على أن مستوى النظافة في اللواء متدن. ولفت من باب التوضيح إلى أن معاملة أذن الاشغال في ظل الترهل الإداري الموجود في البلدية تحتاج إلى 3 أسابيع من أجل انجازها بالرغم من قيام المواطنين بدفع ما عليهم من ذمم مالية، لافتا إلى أنه وقبل عملية الدمج كانت المعاملة تنجز خلال يومين على أبعد تقدير. وأشار إلى أن معظم الذين يطالبون بالإبقاء على الدمج لا يسكنون اللواء ولا يعانون كما يعاني سكانه، الأمر الذي يتطلب من الحكومة السير قدما نحو فصل اللواء عن بلدية إربد وخصوصا وان اللواء يدر دخلا يقدر بـ 7 ملايين دينار سنويا وهي كافية -من وجهة نظره- في ادامة الخدمة في اللواء. وأوضح الخصاونة أن الخدمات التي كانت تقدم في اللواء ما قبل الدمج أفضل بكثير عما عليه الآن، ولفت أن المنطقة القديمة على سبيل المثال في بلدة ايدون، شاهدة على ما يعانيه اللواء من تهميش في تقديم الخدمات، فالمنطقة تغيب عنها خدمات النظافة والانارة وشوارعها مهترئة. وحسب الخصاونة فإن الوعود التي كانت يطلقها رؤساء البلديات خلال جولاتهم الانتخابية بتحسين الخدمات للواء سرعان ما تتلاشى بعد فوزهم في الانتخابات، مؤكدا أن المواطن تعنيه في الدرجة الأولى الخدمات بعيدا عن أي توجهات أخرى. وقال خلدون نصير إن لواء بني عبيد هو اللواء الوحيد في المملكة الذي لا يوجد فيه بلدية مستقلة، متحفظا على ما يروجه البعض من أن عملية الفصل ستؤدي إلى اختلالات تنظيمة ومالية، مؤكدا أن المطالبات بالفصل أحدثها الواقع المرير الذي يعيشه سكان اللواء من تردي الخدمات المقدمة لهم. وأشار إلى أن مستوى الخدمات بغض النظر عن الأرقام التي تقدمها الجهات المعنية في تراجع مستمر ولم يلمس المواطن أي تحسن فيها بل تزداد سواء يوما بعد يوم بالرغم من أن مناطق لواء بني عبيد تحقق تدخلا كبيرا كان يمكن لو استغل جيدا ان تصبح خدماتها مثالية. بدوره، أكد رئيس بلدية إربد الكبرى المهندس نبيل الكوفحي أن معارضته للفصل تستند إلى أرقام وحقائق، مشيرا إلى أن إيرادات مناطق بني عبيد من عام 2016 لغاية 2021 بلغت ما يقارب 28 مليون دينار، فيما بلغ إجمالي النفقات على اللواء بذات الاعوام 42 مليون دينار. ولفت إلى أن الكلفة المالية للأعمال والمشاريع الهندسية في اللواء بلغت من عام 2014 ولنهاية عام 2021 حوالي 23 مليونا. وأوضح الكوفحي انه سيترتب على الفصل تراجع مستوى التنظيم والتخطيط الحضري والتنموي في البلدية المستحدثة وضعف التخطيط الشمولي وسيكون التخطيط والتنظيم الحضري في بلدية إربد بعد الفصل باتجاه الشمال ويؤثر على الرقعة الزراعية. وأكد أن الفصل سيؤدي إلى تأثر المشاريع التنموية المقترحة التي تعمل البلدية عليها كالسوق المركزي ومركز الأعمال التجاري (بوليفارد إربد) والقطار الخفيف لوقوع تلك المشاريع في أراضي لواء بني عبيد. وأشار إلى وجود تماس كبير “الحد الفاصل” والذي يبلغ طوله 11 كيلو مترا بين بلدية إربد والبلدية المستحدثة ما يعني “تداخلا في الصلاحيات” حيث يوجد شارع مشترك مفصول بجزيرة وسطية وتداخل والتحام في التجمعات الحضرية وإدارتها من قبل جهتين مختلفتين. ولفت الكوفحي أن اللواء حظي خلال الـ 22 سنة الماضية بالعديد من المشاريع المهمة للبلدية والمتمثلة بحدائق الملك عبدالله الثاني وتوسعة وتحديث مجمع عمان الجديد بقيمة مالية وصلت إلى 25 مليون دينار وشراء قطعة أرض لإنشاء السوق المركزي الاقليمي للخضار والفواكه بحوالي 8 ملايين دينار، وانشاء مركز ثقافي على قطعة مملوكة للبلدية في منطقة ايدون وانشاء مشروع مجمع المحاكم الشرعية في منطقة ايدون ومشروع المنطقة الحرفية في (شطنا) وبكلفة تقدر بمليون دينار. ولفت إلى أن اللواء شهد زيادة في النشاط الاستثماري والاقتصادي، حيث تم انشاء العديد من المدارس والمستشفيات والمجمعات التجارية والمطاعم، مؤكدا ان التخطيط على مدى السنوات الماضية أدى إلى ايجاد مراكز لجذب الاستثمار والتوسع العمراني وخلق فرص تنموية واقتصادية وعمل شبكات طرق تراعي التدرج الهرمي في الأحياء السكنية والمناطق التجارية.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان