التوقيت الشتوي ضرورة قصوى

قرار الاستمرار بالعمل بالتوقيت الصيفي الذي اتخذته الحكومة، يضر بحياة الناس وأعمالهم بلا سبب ولا فائدة. فإذا بقي التوقيت الصيفي كما هو، فإن الشمس سوف تشرق الساعة الثامنة إلا ربعا، وسوف يؤذّن الفجر الساعة السادسة والثلث. ولنتخيل حياتنا وأعمالنا في ظل حالة مثل هذه. اضافة اعلان
فمعظم الناس بحاجة إلى الاستيقاظ حوالي الساعة السادسة صباحا للاستعداد للعمل والمدارس. وهناك عدد كبير من المواطنين يأتون إلى عمان من المحافظات والمدن في الشمال، والبلقاء، ومادبا، والزرقاء.. لنتخيل حالة الناس وهم يذهبون إلى أعمالهم ومدارسهم في الظلام الشديد وفي البرد قبل أذان الفجر، ولنتخيل طوابير الصباح والإذاعة المدرسية في الظلام والبرد والشديد. وفي الوقت نفسه، لا يبدو ثمة حكمة أو فائدة من هذا القرار الذي يبدو أنه لم يأخذ بالاعتبار فروق الليل والنهار الكبيرة بين الصيف والشتاء، ويضاف إلى ذلك الحاجة إلى التدفئة والإضاءة الإضافية، والاكتئاب والألم النفسي والجسمي الناشئ عن الاستيقاظ في الظلام والبرد، بسبب التحرك والانتقال في المواصلات والانتظار على الأرصفة وفي المحطات.
أتذكر، ولا أظن أني سوف أنسى، عندما كنا في أواخر السبعينيات بحاجة إلى أن نتحرك الساعة الخامسة والنصف صباحا (بالتوقيت الشتوي) إلى المدرسة، وكيف كنا نمضي في الباص في الطرق الجبلية، ونشعر وسط الضباب والبرد والصقيع كأننا تائهون في الفضاء! وأتخيل الآن المواطنين وطلبة المدارس والجامعات الذين يتحركون من قراهم وبيوتهم البعيدة حسب التوقيت الصيفي، والذين سيكون عليهم أن يستيقظوا قبل أذان الفجر بساعتين أو ساعة ونصف الساعة على الأقل ليستعدوا للانطلاق ويتناولوا فطورهم ثم يتحركوا في المواصلات العامة التي تعمل في ظروف بالغة الصعوبة، وتكاد تكون غير إنسانية، فلترحم السماء هؤلاء التائهين في الضباب!
هل تريد الحكومة أن تضيف إلى المواطنين معاناة جديدة لتمنحهم شعورا بالإنجاز عندما تتراجع عن القرار؟ إذ لدي شعور أن الحكومة سوف تتراجع عن القرار، ولكن بعد أن تُدخل المواطنين في ضيق ومعاناة وضغوط، وهكذا تستجيب لمطالبهم وينسون الأسعار والدعم، والحريات والإصلاح، والتهرب الضريبي، والمؤسسات المستقلة أو المتمردة، والعدالة الغائبة في التشريعات والتعيينات.. ويكفيهم أن الحكومة منحتهم التوقيت الشتوي!
الحكومة تمنح شعورا سلبيا وكئيبا بقرار الاستمرار بالتوقيت الصيفي.. وكأنها تتسلى أو تبحث عن "شغلانة" جديدة، ولسان الحال: ويل للشجي من الخلي!

[email protected]