التونسيون يشرعون بانتخاب برلمان جديد يأملون أن يفكك أزمات البلاد

تونس - انتخب التونسيون أمس ممثلين لهم في برلمان جديد من 217 مقعدا في ثالث انتخابات تشريعية تجري منذ ثورة 2011، وسط أجواء غابت عنها الحماسة لدى الناخبين. ودعي أكثر من سبعة ملايين ناخب مسجل في ظل مخاوف من تداعيات نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ثلاثة أسابيع. واصطف عشرات الناخبين أمام مركز للاقتراع في العاصمة، فيما وصل عدد المتنافسين إلى حوالى 15 ألف مرشّح ضمن قوائم أحزاب وائتلافات ومستقلّين متنوعّين ومن اتّجاهات سياسية عدة. ووفق الهيئة المستقلة للانتخاب التونسية فقد بلغت نسبة التصويت مع اغلاق الصناديق مساء أمس 23.5 % . ويتابع مراقبون من منظمات محلية ودولية الانتخابات النيابية في كامل مراكز الاقتراع. وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات ماسيمو كاستالدو "لاحظنا انه تم احترام جميع التدابير في مناخ سلمي. كما أبدت فرق مراكز الاقتراع حرفية في العمل". يتوقع مراقبون أن يصبح المشهد السياسي في البلاد مشتتا، مع تركيبة برلمانية مؤلفة من كُتل صغيرة، ما سيجعل من الصعب التوافق على تشكيلة الحكومة المقبلة، وذلك في ضوء نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة التي أفرزت مرشحين غير متوقّعين، هما أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيّد ونبيل القروي رجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي. لم تكُن حملات الانتخابات النيابيّة لافتةً، بل كانت باهتة أحيانا، بسبب تغيير روزنامة الانتخابات بتقديم موعد الرئاسية على التشريعية جرّاء وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، إضافة إلى "صدمة" الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة. كما كان لاستمرار سجن القروي ورفض الإفراج عنه منذ توقيفه في 23 آب (أغسطس) الفائت تأثير على المشهد الانتخابي، وتصَدرت قضيته الجدل السياسي خلال الأيّام السابقة. وتعدّ الانتخابات الحاليّة مفصلية في تاريخ البلاد التي تمر بأزمات اقتصاديّة واجتماعية خانقة منذ ثورة 2011. وأظهرت توجّهات التصويت للدورة الرئاسيّة الأولى أنّ الناخبين التونسيّين اختاروا اللجوء الى "تصويت عقابي" ضدّ رموز المنظومة الحاكمة التي عجزت عن إيجاد حلول اقتصاديّة واجتماعيّة وبخاصّة في ما يتعلّق بالبطالة وارتفاع الأسعار والتضخّم. يدخل الانتخابات متنافسون جدد الى جانب الأحزاب، على غرار المستقلّين الذي يمثلون ثلثي القوائم المشاركة، ومن المنتظر أن يُحدِثوا مفاجأة ويحصلوا على عدد مهمّ من المقاعد. وتتنافس 1506 قوائم بينها 674 حزبية و324 ائتلافية و506 حزبية. وتمكّن حزب "قلب تونس" لمؤسّسه نبيل القروي من تكوين قاعدة شعبيّة مهمّة وذلك من خلال حملات التبرّع والزيارات الميدانية التي كان يقوم بها القروي للمناطق الداخليّة منذ ثلاث سنوات ووزع خلالها مساعدات وسد فراغا تركته السلطات في هذه المناطق المهمّشة. ويُشير بعض استطلاعات الرأي غير الرسميّة الى أنّ "قلب تونس" سيتمكّن من نيل المرتبة الأولى أو الثانية ويتنافس عليها مع حزب "النهضة". أعلن "قلب تونس" في المقابل أنه لن يخوض في أيّ توافقات وتحالفات مع حزب النهضة واتّهمه ب"الوقوف وراء سجن القروي" وبأنّه المستفيد من ذلك. ويظهر حزب "ائتلاف الكرامة" كمنافس قوي على مقاعد البرلمان بعدما احتل رئيسه المحامي سيف الدين مخلوف مرتبة متقدمة في الدورة الرئاسيّة الأولى وحصد 4.3 % من الأصوات. وتضمّ قوائم "ائتلاف الكرامة" مرشّحين محافظين، وكانوا عبروا عن دعمهم لسعيّد. كما ان جمعية "عيش تونسي" التي تديرها ألفة تراس تنافس على مقاعد في البرلمان وقد خاضت حملة انتخابية تقوم على مقاومة الفساد ومعالجة المشاكل الاقتصادية في البلاد. ويجعل تعدد الأحزاب واختلافها من إنجاز بقيَّة مراحل المسار الانتخابي أمراً صعباً، خصوصاً أنّ تشكيل الحكومة يتطلّب توافقا واسعاً وغالبيّة 109 مقاعد. وتظهر في الأفق بوادر نقاشات محتدمة من أجل التوصل إلى توافقات. وتنتظر البرلمان الجديد ملفّات حسّاسة ومشاريع قوانين أثارت جدلا طويلا في السابق وأخرى عاجلة أهمّها احداث المحكمة الدستورية.-(أ ف ب)اضافة اعلان