الثروة المعدنية والفرصة الضائعة!

أيمن عياش* موقع الأردن الجغرافي والجيولوجي ضمن نطاق ما يعرف عالميا "الدرع العربي النوبى" والمعروف لدينا بحفرة الانهدام، يعتبر واحدا من اغنى المناطق الجيولوجية فى العالم من حيث الثروات المعدنية، ويعطي الأردن ميزة فريدة بتنوع ووفرة الثروة المعدنية. للأسف، تخلفت المؤسسات المعنية بالثروة المعدنية في الأردن عن اللحاق بركب الكثير من دول العالم والجوار فى استكشاف واستغلال الثروة المعدنية، وعدم إعطاء قطاع الثروة المعدنية الاولية والاهتمام، تاركة الكثير من الموارد غير مستكشفة وغير مستغلة، وهي في امس الحاجة لتنويع مصادر الدخل وتخفيض عجز الموازنة والمديونية. بلغ الانفاق العالمي حوالي 8 مليار دولار لسنة 2017 على عمليات الاستكشاف للثروات المعدنية لم يكن حصة الأردن من هذا الانفاق الا القدر اليسير ان لم يكن معدوما. هذا مع العلم ان نفقات الاستكشاف العالمية من المتوقع ان تصل حجمها الى 21 مليار دولار بحلول 2025 والذي نتأمل ان تتخذ الدولة الاجراءات المحفزة لاستقطاب جزء وحصة من هذه الاستثمارات قبل حلول ذلك التاريخ. لقد تجاوز عدد الشركات العالمية العاملة والنشطة في عمليات الاستكشاف ما يزيد عن 1600 شركة في 2017 فقط، حيث كانت تنشط هذه الشركات فى جميع انحاء العالم بميزانية وانفاق سنوي متوسط يقدر 5.2 مليون دولار لكل شركة توظف بشكل مباشرما بين 50 - 100 موظف لكل شركة والتي كانت حصة الأردن منها هامشية ولا تعكس الطموح. إن اختفاء وغياب الفرص الاستثمارية لقطاع الثروة المعدنية الأردني من شاشة رادار المستثمرين الدوليين يرجع الى عدة عوامل منها على سبيل الذكر لا الحصر؛ الافتقار الى المعلومات الجيولوجية الرقمية المتاحة عبر الشبكة العنكبوتية، التشريعات القانونىة غير الجاذبة للاستثمار لشركات التعدين، الافتقار الى برنامج علاقات عامة وتسويقي علي المستوي العالمي للموارد والثروات المعدنية لشركات التعدين العالمية، واخيرا تداخل الصلاحيات وتعدد المرجعيات بين المؤسسات الحكومية ذات الاختصاص. لوحظ قلة نشاط أو مشاركة الجهات المعنية بقطاع الثروة المعدنية في الأردن بالمعارض والمؤتمرات والندوات الدولية المختصة بقطاع الثروة المعدنية. على سبيل المثال مؤتمر اندابا في كيب تاون جنوب افريقيا والذي يعقد سنويا في شباط (فبراير). ولكن بالطبع المشاركة بالمؤتمرات والندوات وحدها لا تكفي ولن تكون فاعلة في جلب انتباه وأنظار المستثمرين الدوليين الا في حال قيام الجهات المعنية بالثروة المعدنية في تحديث القوانين والمعايير والنظم المحلية لتتواكب مع مثيلاتها العالمية. دول الجوار العربي الغنية بالنفط مثل السعودية وسلطنة عمان ومصر تداركت أهمية قطاع الثروة المعدنية منذ فترة زمنية وعملت علي تنويع مصادر الدخل القومي وأعدت بنجاح "خطة وطنية إستراتيجية للتعدين" استطاعت من خلالها تحديث وتطوير القوانين والتشريعات الناظمة لقطاع الثروة المعدنية وسهولة الوصول للمعلومات الجيولوجية وتطبيق الممارسات والانظمة والمعايير حسب الكود المعتمد عالميا "JORC" الاسترالي. واستطاعت جذب العديد من الاسثمارات العالمية الناجحة لهذا القطاع الحيوي. أليس من الاجدر ان تكون الدولة الاردنية سباقة بهذا المجال! خير مثال هو قصة النجاح التي حققتها شركة سينتامين الاسترالية "Centamin"، من استكشاف وتطوير احد اكبر مناجم الذهب فى مصر وعلي مستوي العالم في منطقة مرسي علم حيث يتجاوز انتاج منجم السكري اكثر من 500 الف اوقية من الذهب سنويا، لتصبح مصر مركز جذب شركات التعدين العالمية. إن تطور البنية التحتية والاساسية التي تصاحب تطوير المناجم في المناطق النائية لا تقدر بثمن وهي جزء من المسؤولية المجتمعية للشركات المطورة للمناجم. برغم العقوبات الدولية المفروضة على كل من جمهورية السودان وجمهورية إريتريا فقد انتج السودان العام الماضى اكثر من 7 مليار دولار من الذهب فقط من خلال التعدين السطحي! وكذلك الامر بالنسبة لاريتريا، فلقد نجحت في استقطاب شركات التعدين العالمية المستثمرين ومنجم بيشا العالمي دليل قصة نجاح اخرى. * وزير تجاري مفوض أسبق ـ- الحكومة الأستراليةاضافة اعلان