الثقة بالمؤسسات وضعف الإدارة

هناك اتفاق على أن أحد الأسباب الرئيسة للمشاكل التي تعاني منها الأردن سواء كانت اقتصادية أم اجتماعية تعزى بدرجة كبيرة إلى تراجع أداء الإدارة العامة في السنوات الماضية. الإدارة الرشيدة، في عالم اليوم هي سر نجاح الدول في معالجتها لمشاكلها وتحقيق أهداف وطموحات شعوبها. عناصر نجاح الإدارات أصبحت معروفة وهي علم قائم بذاته وبالتالي لم تعد سرًا. بعبارة أخرى، إن وقف التراجع الإداري ورفع الكفاءة المؤسسية لكافة الإدارات مسألة يمكن معالجتها وايجاد حلول لها مهما كانت طبيعتها او حجمها. الكفاءة الإدارية بالمفهوم الواسع هي التي تحدث الفرق اليوم في نجاح الدول أو فشلها. الحديث عن الإدارة لا يقتصر فقط على الجهاز البيروقراطي الحكومي فقط وإنما أيضًا عن الإدارة الاقتصادية وإدارة الموارد ومواجهة الأزمات وغيرها.اضافة اعلان
هناك العديد من مبادئ الإدارة الجيدة المعروفة للجميع وهي العدالة وسيادة القانون والشفافية والكفاءة الإدارية والمساءلة على سبيل المثال. النتيجة المباشرة لتطبيق او اتباع مبادئ الإدارة الجيدة في العمل هي معيار الثقة بالمؤسسات فكلما كانت مؤشرات الإدارة الجيدة مرتفعة زادت الثقة بالمؤسسات والعكس صحيح.
جلالة الملك عبد الله الثاني أشار في خطاب العرش السامي بافتتاح الدورة البرلمانية غير العادية للمجلس التاسع عشر إلى تراجع الثقة في المؤسسات المدنية المنتخبة منها (كالبرلمان) وغير المنتخبة كالحكومات والقضاء. باستثناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بكافة فروعها والتي تتمتع بثقة شبه مطلقة وثبات على مر السنوات، فإن ثقة المواطنين بالمؤسسات المدنية قد تراجعت بشكل ملفت في السنوات العشر الماضية. إن إشارة جلالة الملك إلى هذه القضية في خطاب العرش يجب ان تؤخذ كجرس إنذار لتلك المؤسسات والتي لا بد لها من أن تضع خطة لاستعادتها وإلا سوف تؤدي لنتائج لا يتمناها أحد.
إن مسألة الثقة بالمؤسسات ليست مسألة علاقات عامة وإنما تدخل في جوهر أداء هذه المؤسسات. أحد المؤشرات على تراجع الثقة هو أن المواطنين بشكل عام لا يصدقون ما تقوله الحكومة أو البرلمان ولا يتم الاعتراف بإنجازات أو نجاحات هذه المؤسسات عندما تؤدي واجبها بشكل جيد.
ضعف الثقة بالمؤسسات يجعل من الصعب عليها اقناع المواطنين بقراراتها أو سياساتها وبالتالي عندما تكون هناك قرارات إيجابية أو سياسات جيدة فهناك عدم قدره لإقناع الناس بها وقد يؤدي ذلك لفشل تلك القرارات أو السياسات.
استعادة الثقة بالمؤسسات ليست مسألة ثانوية ولن تكون عملية سهلة لأنها تحتاج أولًا لخطة واضحة يتم العمل من خلالها على كل عناصر الحكومة الرشيدة وثانيا، انها تحتاج لوقت أيضًا ولكن ضمن برنامج محدد وهو المطلوب من الحكومة والقضاء والبرلمان أيضًا. خطاب العرش السامي أعطى خريطة طريق حينما حث الحكومة على معالجة قضايا المواطنين وإنقاذ سيادة القانون ومحاربة الفساد ومكافحة البطالة وتحفيز الاقتصاد على المشاركة مع القطاع الخاص، وكذلك، الحال بالنسبة للنواب عندما طالبهم بالابتعاد عن المصالح الذاتية ومراقبة أداء الحكومة والاهتمام بالتشريع ضمن اسس العدالة والمساواة.
ضعف الإدارات سبب رئيس في عدم القدرة على معالجة المشاكل التي تواجه الأردن اليوم وتحقيق طموحات الاردنيين، وضعف الثقة بالمؤسسات أحد أهم مخرجات الضعف الاداري.