الثقة في مجالس الإدارة

الثقة هي المسألة التي يجهد الجميع في بورصة عمان في سبيل توفيرها لدى أصحاب العلاقة في الشركات المساهمة، خصوصاً المساهمين من جهة، والإدارات التنفيذية وأعضاء مجالس الإدارات من جهة اخرى.اضافة اعلان
عندما يُقبل المرء على التملك، فإنه يؤمن بأن للسهم -وهو بضاعة معروضة على شاشات التداول- آفاق مطمئنة، ويقف خلفه مساهمون يستحوذون على حصص مؤثرة ومعنيون بحفظ قيمة هذا المنتج. وهكذا، لا بد أن يكون المساهم الصغير متضرراً من الإنفاق المفرط على المكاتب والرفاهية التي تعيشها بعض مجالس إدارات الشركات. وسوف تكون معرفته عن هبات السيارات والسفرات للإداريين سبباً في تعميق عدم ثقته، وذلك عندما يسيطر البعض على المداخيل كافة، لتخرج الميزانية في النهاية بلا أرباح ولا عوائد.
يفترض أن تنطوي العلاقة بين مجالس إدارات الشركات والإدارات التنفيذية على تضارب مصالح يفضي في النهاية لمصلحة الشركة بأن تحافظ على وجودها وتزدهر. لكن هذه العلاقة في حالة الشركات المساهمة العامة في المملكة هي، بشكل غالب، علاقة تصالحية على حساب المساهم والشركة. فكثيراً ما نجد مجموعة تستحوذ على المنافع التي تذهب في شكل رواتب ومكافآت، بينما يُبذل القليل من أجل تحسين حقوق المساهمين. وفي النهاية، يجد المساهم نفسه وهو يحضر اجتماع الهيئة العامة ليصادق على البيانات المالية من دون أن يفهم ما يصادق عليه.
تتكرر هذه الوقائع سنة بعد سنة. وتتكرر المعطيات بأشكال مختلفة والنتيجة واحدة: هناك بعض الشركات التي تحقق الأرباح، وهناك أخرى تذهب أموالها في شكل منافع للمسيطرين. ويفترض أن تنتهي اليوم المهلة القانونية للشركات المساهمة للإفصاح عن نتائجها المالية، ولا يتوقع المرء أن يجد فيها الكثير من المفاجآت.
على الرغم من ربحية بعض الشركات، ما يزال يتم تبادل الأسهم -حتى في قطاع البنوك- دون قيمتها الدفترية في السوق بنحو 30 %. بل هناك ما هو أقل بكثير. وقد يسأل المساهمون الصغار كبار المساهمين: ما دمتم مقتنعين بالأصل الذي نتشارك فيه وتتولون إداراته، فلماذا لا تزيدون مساهمتكم الاستراتيجية للحيلولة دون مزيد من الانهيارات في مستويات الاسعار، وبحيث تترجمون ثقتكم إلى أفعال؟
ثمة البعض من كبار المساهمين الذين يترددون في اتخاذ مثل هذه القرارات، لاسيما من أولئك الذين يستطيعون. ويخشى بعض هؤلاء أن تعرضه عمليات الشراء للأذى بسبب تساؤل البعض عن أسباب الشراء وأهدافه. لكن هذا التصور غير صحيح. فما دامت عمليات الشراء مفصحا عنها حسب القوانين المعمول بها لدى هيئة الاوراق المالية، فإن المساهم الكبير إنما يمارس حقه الطبيعي الذي كفله له الدستور. وبخلاف ذلك، سيترتب انتظار المستثمرين الخارجيين الذين لن يحضروا غالباً، لأن المحفزات قليلة.
مع ذلك، شهدت الفترة الماضية قيام بعض كبار المساهمين بتنفيذ عمليات شراء على أسهمهم، والإفصاح عن تلك العمليات التي جاءت تعزيزاً لمساهماتهم الاستراتيجية في شركاتهم؛ وهو أمر يحسن المزاج، ويرسل لجمهور المستثمرين رسالة مفادها أن التراجع في المستويات السوقية ليس سوى حافز لمزيد من تملك الحصص، وأن الانخفاض لا ينسجم مع واقع ومستقبل الشركة، وهو ما بات يفعله البعض من صواب.