الجامعات والمجتمع: الحاجة لإحياء العمل التطوعي

زيد نوايسة المهمة الأساسية للجامعات هي العمل الأكاديمي، ورفد المجتمع بخريجين في كافة الحقول، وبمستوى عال من الناحية النظرية والتطبيقية، وهذا لا يكتمل الا بزيادة المساهمة بالمسؤولية المجتمعية وخدمة المجتمعات التي تتواجد فيها، والاستجابة للتحديات التي تواجهها والسعي لإيجاد حلول مستدامة. نعرف أن الجامعات ومراكز الأبحاث التابعة لها في دول العالم المتقدم هي بمثابة عقل الدولة المرجعي؛ فمواكبة الحداثة والتقدم وإيجاد حلول للتحديات والمشاكل التي تواجه أي مجتمع وفي كافة المجالات؛ بدءا من حل ازمات المرور وتخطيط المدن وانتهاء بالاكتشافات العلمية في الطب والزراعة والصناعة، وتقديم رؤية استراتيجية في الشأن السياسي تنطلق من كليات الجامعات ومختبراتها ومن الأبحاث العلمية التي تهدف لابتكار حلول للمشاكل وبمنهجية علمية لا التي تستهدف الترقية للراتب الأكاديمية وزيادة الدخل وهذا مشروع ولكن يجب الا يكون الهدف كما هو الحال دون أن نعمم. أردنياً؛ لا شك أن جامعاتنا تمكنت من تحقيق رصيد محترم من السمعة العلمية وكفاءة الخريجين وهذا ما يلمسه الجميع ليس فقط من نسبة الذين يعملون في دول الخليج العربي، وهي نسبة منافسة لدول سكانها عشر أضعاف سكان الأردن، بل هناك تواجد في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وخصوصا المانيا التي يعمل بها أعداد كبيرة من الأردنيين في حقول الطب والهندسة وخاصة خريجي الجامعة الأردنية الألمانية. ساهمت الجامعات في إحداث نقلة تعليمية واقتصادية مهمة خاصة في المحافظات البعيدة عن عمان، ومن الاجحاف انكار الأثر الكبير الذي تركته على تلك المناطق التي كانت قبل انتشار الجامعات طاردة وأصبحت جاذبة نسبياً بحيث زادت فرص العمل المباشرة سواء في العمل الأكاديمي أو الإداري وقطاع الخدمات، والفرص غير المباشرة التي انعكست على القطاع التجاري وقطاع الإسكان وقطاع النقل. كل ما اشرت اليه أعلاه مهما؛ ولكن بقاء ممارسة المسؤولية المجتمعية من خلال مراكز التدريب والاستشارات التي تقدم برامج تدريب محدودة، هو فهم تجاوزه الزمن ولن يساهم في إحداث تغيير منتج وفعال إذا لم تقرر الجامعات الاشتباك الفعلي مع مشاكل البيئات التي تقع خلف أسوار الجامعة نفسها. عندما تقرا الأرقام المعلنة؛ تجد أن هناك ما يقارب 350 ألف طالب وطالبة من الجامعات الحكومية والخاصة على مقاعد الدراسة، وحوالي 40 ألفا في كليات المجتمع المتوسطة؛ لا يوجد لهم أي أثر ملموس في ممارسة أي شكل من أشكال العمل التطوعي ولو بشكل متواضع وكما هو مطبق في معظم دول العالم فكيف يمكن أن نتحدث أن بإمكان الجامعات أن تشكل حواضن لنقل المجتمعات وتطويرها إذا بقي الطلاب اسيري أسوار الجامعة، وحدودهم فقط المقرر الدراسي. التجارب التي نسمع عنها والمؤكد أن الأكاديميين الأردنيين ومعظمهم درسوا في جامعات الدول المتقدمة لديهم المام تام بأن هناك مواد الزامية تتعلق بممارسة المسؤولية المجتمعية وغير مدفوعة الرسوم، لن يتمكن الطالب من التخرج إذا لم يحقق هذا المتطلب خلال فصل دراسي كامل ومن الأمثلة قيام طلاب الطب والتمريض في السنوات الأخيرة بخدمة ورعاية كبار السن ومساهمة المهندسين في تقديم مساندة للبلديات وحتى العمل ضمن حملاتها وأيضا في المصانع وطلاب كليات العلوم والتربية في رفد المدارس خاصة في المناطق الأقل حظاً وهذا بالتأكيد يختلف عن مساق التدريب فنحن نعرف أن التدريب شكلي في أغلبه. بقاء هذه الأعداد من الطلاب والطالبات وهم في فترة عز عطائهم معطلة هو خلل في فهم الجامعات لدورها ورسالتها؛ المأمول من مجلس التعليم العالي والجامعات أن يفكروا بإلزامية مادة المسؤولية المجتمعية بشكل جدي وهو أمر لا يكلف أي تبعات مالية حتى لا تكون هناك حجة. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان