الجرائم الإلكترونية والأمن القومي

تطورت الجريمة مع التطور التكنولوجي الهائل في العالم من حيث اركان الجريمة ووسائلها، وأصبحت تعرف بالجرائم المستحدثة لأنها جرائم مبتكرة تواكب عالم التكنولوجيا والفضاء الإلكتروني والمعلوماتي.اضافة اعلان
تقوم الجريمة على ركنين أساسيين، هما الركن المادي والركن المعنوي، والركن المادي في الجريمة هو السلوك الجرمي والضرر الواقع على محل الجريمة وهو الشيء المستهدف بفعل مخالف للقانون، والركن المعنوي هو وجود النية المقترنة بالإدراك لدى مرتكب الجريمة لتنفيذها، وهو يدرك وقوع الضرر على الشيء موضع الجريمة دون ان يكون مجبرا على الفعل.
اما الجريمة الالكترونية او المستحدثة فهي جريمة لها ذات الركنين ايضا، ولكن يتم استخدام الكمبيوتر لإيقاع الضرر من خلاله على انظمة المعلومات، او ايقاع فعل الضرر على الشبكة الالكترونية، ويتم اتلافها جزئيا او كليا، وبتوافر الركن المعنوي ايضا والذي يكون بوجود النية لدى مرتكب الجريمة لإيقاع الضرر.
يتم تنفيذ عمليات الجرائم الالكترونية واخطرها الجرائم التي تهدد الامن القومي والمجتمعي والاقتصادي للدولة من خلال عدة وسائل أهمها: اختراق الأنظمة المعلوماتية ببرامج معدة مسبقا لغايات الاختراق، كحصان طروادة وارسال رسائل تتضمن برامج اختراق بمجرد الاطلاع عليها، او ارسال برامج تدخل كمراقب لعمل الأجهزة وتراقب المعلومات، او ارسال برامج تزرع وتبث المعلومات بشكل مباشر من الأجهزة المستهدفة، وارسال فيروسات إلكترونية هي عبارة عن برامج تعد لغايات اتلاف انظمة المعلومات او تدمير الشبكة المعلوماتية، والأخطر من ذلك هو السيطرة على نظام تداول المعلومات الالكترونية وخاصة المعلومات الحكومية والمؤسسات العسكرية والأمنية والتي تمس الامن الوطني والقومي للدولة.
وتواجه قضايا الجرائم الالكترونية صعوبات في الاثبات لدى القضاء لعدة أسباب أهمها عدم وجود تشريعات قضائية كافية لمعالجة هذه الجرائم، وصعوبة إثبات الركن المادي من قبل مرتكب الجريمة، وسهولة ارتكاب الجريمة الالكترونية بكبسة زر، والتوسع الهائل بالأنظمة التقنية والحاسوبية وانتشارها بشكل شامل في مختلف المجالات، وعدم وجود خبرات تراكمية وكافية لدى القضاء، وعدم كفاية التشريعات المتخصصة بالجريمة الالكترونية الحديثة، في الوقت الذي يتمتع فيه مرتكب الجريمة الالكترونية بقدرات عالية لابتكار الوسائل والاختراق، كون هذه الجرائم عابرة للحدود وليست محصورة داخل دولة معينة، ويستطيع منفذها ارتكابها عن بعد وبالتالي وجود صعوبات في تحديد مرتكب الجريمة ومكان وجوده، وتعدد المشتركين احيانا في ارتكاب الجريمة التقنية مما يجعل عملية الإثبات والملاحقة للشركاء غاية في الصعوبة.
وفي هذا الإطار يأتي مشروع قانون الامن السيبراني الذي تقدمت به الحكومة الأردنية لمجلس النواب الأردني في دورته الحالية، احد اهم التشريعات التي سوف تتعامل مع الجرئم الالكترونية والتقنية الحديثة لدى القضاء الأردني، تلك الجرائم التي أصبحت من أهم مهددات الامن الوطني والقومي في كافة المجالات الحياتية، التي باتت تستخدم تقنية المعلومات وتبادلها في كافة شؤون الحياة اليومية للأفراد والمؤسسات والحكومات ومختلف شؤون الدولة من خلال الإنترنت وكافة وسائل التواصل الاجتماعي.