"الجلوة العشائرية": الدولة تضع حدا لتقليد ينتهك حرمة المجتمع

طلال غنيمات

عمان - يذهب قانونيون ووجهاء اجتماعيون، إلى أن الدولة أدركت وبعد عقود طويلة من المعاناة، أن الجلوة العشائرية تمثل "عقابا جماعيا"، يتعدى حدود شخص ما إلى حدود مجتمع بكامله.

اضافة اعلان


هذا الإدراك، وجد الاستجابة له أخيرا عبر خطوات رسمية عملية، سيجري تنفيذها والسير بها في هذه القضية "الجلوة العشائرية"، فقد شهدت المملكة أول من امس، تطبيق "أول جلوة عشائرية، اقتصرت على الجاني وأبنائه ووالده" في العاصمة، بعد إقرار وزارة الداخلية مؤخرا لوثيقة عشائرية تنص على ذلك.


في الصدد ذاته، هناك رغبة من الدولة ومرجعياتها بتطبيق الجلوة وفق منظومة أفكار جديدة، تتمثل باختصارها على الجاني وأبنائه ووالده، أو "دفتر العائلة"، بما يضمن للمجتمع استقراره ومسيرته.


وأكدت المصادر والقيادات العشائرية ذاتها، وعبر مستشارية العشائر أنها تتابع "هذه الأفكار"، وتحرص على تطبيقها، بما يحقق أهدافها المرجوة؛ العدالة وحفظ الحقوق والنظام، مشيرين إلى أن هناك توجها لقوننتها وتشريعها رسميا، عبر مسودة قانون معدل لمنع الجرائم، أو قانون العقوبات.


برلمانيا، ناقشت اللجنة القانونية النيابية مقترحًا قدمه 118 نائبًا لدراسة حول العادات والتقاليد العشائرية بشأن الجلوة، نظرًا لما يشهده الأردن من مواكبة للتغيرات في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.


واتفق النواب، على انه بات ضروريا إعادة النظر في الجلوة بعد الاستماع للآراء والمقترحات بشأنها، ومن ثم المضي بها لوضع ضوابط للممارسات في نطاق يحمي حقوق وواجبات الإنسان، ضمن أولوية تعزيز الأمن الوطني.


رسميا، أكد محافظ العاصمة ياسر العدوان، أن "هذه الجلوة" هي الأولى بمفهومها الجديد في المملكة بعد التوقيع على الوثيقة العشائرية الجديدة، وتعميمها على محافظي وزارة الداخلية وبدء العمل بها، مشددا على أن "الوثيقة تعتبر خطوة تدريجية للعمل على تلاشي مفهوم الجلوة في المجتمع".


وتابع أن مسودة "ضبط الجلوة" تعكس رغبة أبناء المجتمع، وإجماع المعنيين بالشأن الإنساني والاجتماعي والعشائري، على ضرورة وضع ضوابط لازمة تنظيم الجلوة، والحد من آثارها وتبعاتها.


وبحسب المسودة "لا تشمل الجلوة إلا الجاني وأبناءه ووالده فقط، وألا تزيد مدتها على سنة قابلة للتجديد، بموافقة الحاكم الإداري المختص، بناءً على توصية المجلس الأمني للمحافظة أو اللواء، حسب مقتضى الحال، وأن تكون من لواء إلى لواء داخل المحافظة الواحدة"، حسب المادة 16/ب من المسودة.


في السياق ذاته، لفت النائب عن محافظة الكرك الدكتور غازي ذنيبات الى قصة تروي حجم المعاناة المجتمعية المتصلة بالجلوة، من أنه وبعد أن زار عشيرة رحلت مؤخرا إلى جبل بني حميدة في محافظة مادبا، مكونة من 84 أسرة، مكونة، عدد أفرادها 430، اذ تقيم كل 8 أسر منها في بيت واحد، محاصرين بعادات عشائرية قاسية، تشترط إقامتهم رجالا ونساء دون استثناء في (رأس المجلى).


وأضاف، اليوم نقف امام مأساة تتكرر يوميا، بلا رادع ولا وازع من ضمير، وليس من أحد بمأمن من ان يجد نفسه وهو يساق مع اهله كالقطيع الى رأس مجلاه، لأن عربيدا، او سكيرا، او مدمنا من افراد عشيرته، قتل احد رفاقه من رفاق السوء.


وشدد على أن "هذه المأساة تحتاج الى وقفة، وغضبة شعبية ورسمية، تنهي هذه المأساة بدون تردد وبدون تقسيط وبلا تبسيط وترشيد بحكاية (الجد الثالث والجد الرابع، والجد العاشر طعش)، فرب العزة احكم الحاكمين يقول: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)".